الضرورة الفنية لتوظيف بعض المفردات والتراكيب العامية فى شعر العصر المملوكى *
بقلم / محمد على عزب
يرى البعض أن توظيف شعراء العصر المملوكى لبعض المفردات والتراكيب التى كانت تجرى على ألسنة العامة فى أشعارهم نوعا من الخلط، تسبب فيه ضعف لغة هؤلاء الشعراء الذين عاشوا فى عصر عانت فيه اللغة العربية وباقى الفنون والعلوم من الاٍهمال، والحقيقة التاريخية تؤكد أن العصر المملوكى شهد أكبر حركة تأليف موسوعات فى كل المجالات بشكل لم يشهده عصرِِ سابق ومن أمثلة منجزات ذلك العصر فى علوم اللغة والنحو والصرف "مغنى اللبيب" و"شذور الذهب" و" قطر الندى" للعلامة المصرى ابن هشام، و"الأشباه والنظائر" و"المزهر فى علوم اللغة وأنواعها" للفقيه والنحوى جلال الدين السيوطى، ومعجم "لسان العرب" للعالم ابن منظور الاٍفريقى المصرى ومعجم "تاج العروس" للزبيدى و"القاموس المحيط" لمجد الدين الفيروز أبادى، فأين هذا الاٍهمال المزعوم للغة العربية وهذه المؤلفات ما زلت للآن تمثل أهم مراجع علوم اللغة والنحو والصروف ؟! .
ولم يكن توظيف بعض المفردات والتراكيب العامية فى شعر الفصحى آنذاك خلطا عشوائيا، بل كان خاضعا لشروط لغوية وضرورة شعرية حيث كان الشاعر يقوم بتفصيح تلك المفردات والتراكيب واٍخضاعها لقواعد الاٍعراب بحيث تصبح متسقة مع النسيج اللغوى للنصّ الشعرى، وكانت الضرورة الفنية لذلك هى استثمار الشعراء للاٍيحاءات والدلالات التى تختزنها تلك المفردات والتراكيب والتوجه بالخطاب الشعرى لعامة الناس .
ومن أمثلة ذلك قول أبى الحسين يحىّ بن عبد العظيم الجزّار ساخرا فى وصف نِصْفِيّته / رداء نصفى يشبه البذلة :
لىََ نصفيّةُُ تُعدّ من العمـ رِ سنينا غسلتها ألفَ غسلهْ
لا تسلنى عن مشتراها ففيها منذ فصلتها نشاءُُ بجملهْ
نَشّف الريح صدرها والأرازيـ بُ فباتت تشكو هواءَ ونزلهْ
كل يوم يحوطها العصر والدّ قُ مرار وما تقرّ بِعَمْلهْ )52
فهى تعتل كلما غسلوها ويزيل النشاءُ تلك العلهْ
أين عيشى بها القديمُ وذاكَ الـ رفقُ فيها وخطرتى والشملهْ
حيث لا رقعةُ فى أجنابها قَـ طّ ولا فى أكمامها قَطّ وصلهْ
قال لى الناس حين أطنبت فيها بَس أكثرتَ خَلِّها فهى بَقْلهْ )53
سخرية الجزّار بهذه الأسلوب الطريف من نصفيته المتهالكة هى سخرية غير مباشرة من الفقر الذى أجبره على اقتنائها رغم سوء حالتها، وقد استخدم الجزّار لغة بسيطة رشيقة متهكمة ووظّف التراكيب والمجازات العامية فى البيت الثانى والثالث، بعد أن قام بتفصيحها واٍعرابها واستغلها بشكل موفّق فى توصيف ورسم الصورة الساخرة لحالة نصفيته البالية عبر التشيه والتشخيص، فتعبير نشّف الريح صدرها يشير اٍلى الاٍصابة بالبرد فيقال فى العامية "صدره نشف من الهوا"، "بيكح كحة ناشفة"، واستخدم الجزّار التعبير العامى "هواء ونزله" الذى يقال عن نزلة البرد وفى البيت الثالث استخدم الجزار التعبير العامى "لا يقرّ بِعَمْله" حيث تحوّلت تلك النصفية اٍلى مذنب كل يوم يحوطه العصر والدق بالأزاريب / العِصى ولا يعترف بفعلته والذنب الذى ارتكبه، وقد قال المرحوم أحمد صادق الجمَّال عن لغة هذا النصّ ( أن التصحيف ظاهر فى كلمة أجنابها وكذلك كلمة بس فهى لفظة عامية لا يقرها الشعراء التقليديون )54، والواقع أنه لا يوجد فى كلمة أجنابها تصحيف / تلاعب بالحروف الأبجدية المتشابهة فى كتابة الكلمات فمثلا لم يكتب الجزّار الجيم خاء أو النون تاء أو غير ذلك، وكلمة بَس كلمة عربية فصيحة جاءت فى المعجم الوسيط ( بس : اٍسم فعل بمعنى كفى وحسب )55 وقد تكلّم بها العرب قديما حيث قال الفيروز أبادى "توفى سنة 811 هجرية" فى القاموس المحيط ( بَس بمعنى حَسْب )56 ، وفى قول الجزّار فى البيت الأخير أكثرت خلَّها وهى بقلة تفصيح وتوظيف للمثل العامى ( خََلّ ـ معروف من أمثال العوام لمن لا يناسب * ما هو خلّ من بقله
قال ابن العطار :
أمسى العذارُ ينادى * ما أنت من خلِّ بقلى )57
وهذا المثل العامى يقال الآن "خَلّيتها خلّ" لمن يأتى بكلام أو بفعل غير مناسب .
واٍلى جانب اٍعراب وتفصيح المفردات التراكيب والأمثال العامية فاٍن الشاعر فى بعض الأحيان كان يوظّف فى شعره معانى المفردات الأعجمية المتداولة بين العامة والكلمات المولّدة المشتقّة من كلمات لم ينطق بها العرب قديما ومن أمثلة استخدام الشعراء للكلمات الأعجمية الدخيلة قول الشهاب الحجازى فى الهجاء :
هجوتُ فَسْقِيّتكم عامدا لأنها فى اللهو أصليَّهْ
أليس فى فِسْقِِ جُمِعْتم بها فحقّ أن تُدعى بفَسْقِيّهْ )58
كلمة فسقية كلمة أعجمية دخيلة لم تكن مُعَرّبة فى العصر المملوكى ولم ترد فى القاموس المحيط أو فى معجم لسان العرب، وقد قال شهاب الدين الخفاجى فى "شفاء الغليل" ( فسقية مجمع الماء وجمعه فساقى اشتهر فى الاستعمال وعبارات الفقهاء ولا أدرى له أصلا ! )59 ، وقد استخدم الشهاب الحجازى المعنى المتدوال لهذه الكلمة قى هجائه الساخر المغلّف بخفة الظلّ المصرية، وجعل فِسق من يتجمعون حولها سببا لتسميتها بهذا الاٍسم .
ومن أمثلة استخدام الشعراء للكلمات المولّدة قول شمس الدين ابن اللبّان :
مررت بشطّ النيلِ والماء مولعُ بلثمِ ثناياه يبوسُ ويصدرُ
فخِلت فصول الموجِ فى الشط بُردة بحاشية بيضاء تُطوى وتنشرُ )60
صورة الشعرية الطريفة قائمة على عنصر الحركة رسمها ابن اللبّان لأمواج النيل وهى تتجه ناحية الشاطئ لتقبّله ثم تنحسر عنه مرة أخرى، وكأن هذه الأمواج فى حركتها بين الطىّ والنشر بُردة / عباءة ذات حاشية بيضاء تطوى وتنشر، وقد استخدم الشاعر كلمة يبوس وهى كلمة مولّدة مشتقة من كلمة البوس وقال الفيروز أبادى فى القاموس المحيط ( البَوْس : التقبيل . فارسى معرّب )61 ، وكانت هذه الكلمة المعرّبة مصدرا جامدا لا يشتق منه كلمات أخرى فى العربية الفصحى آنذاك، وقد قال الخفاجى فى "شفاء الغليل" ( باس : بمعنى قبّل مولّدة عامية تكلّموا بها وصرفوها )62
ومن أطرف ما قيل من شعر عن استخدام الشاعر لمفردة عامية وتوظيفها فى شعره قول البهاء زهير :
بروحى من أسمّيها بستّى فينظرنى النحاة بعين مقتِ
يرون بأننى قد جئت لحنا وكيف وأننى لزهيرُ وقتى
ولكن غادة ملكت جهاتى فلا لحنُُ اٍذا ما قلتُ سِتّى )63
وقد نال هذا النصّ شهرة واسعة بين النحاة واللغويين فى العصر المملوكى وقد تردد الفيروز أبادى فى حسم أمر كلمة ستّى حيث قال فى القاموس المحيط ( وسِتِّى للمرأة أى يا سِتّ جهاتى، أو لحن )64 ثم أورد هذا النصّ فى الهامش بعد أن قال ( ويحتمل أن الأصل سيدتى، فحذف بعض حروف الكلمة، وله نظائر، قاله الشهاب القاسمى، ونقل شيخنا عن السيد عيسى ما نصه : ينبغى ألأّ يُقيّد بالنداء ولأنه قد لا يكون نداء، والظاهر أن الحذف سماعى، وأن النداء على التمثيل لأنه قُيّد كما توهموه، وأنشدنا غير واحد من مشايخنا قول البهاء زهير )65 ، وقد تجاوزت شهرة هذا النصُّ العصر المملوكى الذى كُتب فيه وأصبح نموذجا شعريا يضربُ به المثل فى تحدى واٍثارة سخط النحاة واللغويين الذين لا يعترفون بفصاحة أى كلمة لم ينطق بها العرب القدماء حتى لو فكرّ البعض فى وضعها فى قاموس حديث أو معاصر، حيث أورده شهاب الدين الخفاجى " 1569 ـ 1659م " فى "شفاء الغليل " بعد أن قال ( وقولهم ستى بمعنى سيدتى خطأ وهى عامية مبتذلة ذكره ابن الاٍعرابى وتأولّه ابن الأنبارى فقال يريدون يا ست جهاتى وتبعه فى القاموس فقال وستى للمرأة أى ياست جهاتى كناية عن تملكها له ولا يخفى أنه تكلّف وتمحّل واٍليه أشار البهاء زهير )66 ، وكلمة سِتّ كلمة مصرية خالصة سواءا كانت أصلها سيدتى كما قال الفيروز أبادى أو أنها اسم اٍله الشرّ "سِتّ" شقيق "أوزيريس" فى أسطورة "اٍيزيس وأوزيريس" ثم تغيّر معناه بعد ذلك .
وقد أكّد البهاء زهير فى نصّه الشعرى الطريف للنحاة فى عصره بأنه لم يأت بلحنِِ وكيف يفعل ذلك وهو البهاء زهير شاعر زمانه، ولكن حبيبته وملهمته التى ملكت جهاته هى التى جعلته ينطق تلك الكلمة، فلا لحن فى ذلك طالما وصفها وسمّاها باللفظ الذى يناسبها، حيث كانت كلمة سِتّ تطلق على الأميرات وسيدات العائلات الكبرى، وكانت تشير اٍلى منزلة اجتماعية بين العوام والخواص أكثر من كونها مرادفا لكلمة امرأة، وكانت تأتى مضافة اٍلى كلمة "جهات" لتصبح مالكة الأربع أو مضافة لكلمة "أب" فتصبح "ست أبيها" أو لكلمة "الكل" فتصبح "ست الكل"، ولذلك كان شعراء العصر المملوكى يستثمرون اٍيحاءات ودلالادت العظمة التى تشير اٍليها كلمة ست فى أشعارهم، فجمال الدين بن نباتة وصف مصر بهذه الكلمة حيث قال :
قسما ما حِلْتُ عن عهد الوفاءِ بعد مصرَ لا ولا نيلَ بكائى
حبها تحتى وفوقى ويمينى وشمالى وأمامى وورائى
فهىّ سِتِّى من جهاتى ولَََََدَيْها سَيّدى من حيث ودّى وولائى )67
ومثال آخر وصف السراج الوراق للشمس بكلمة ستّنا فى قوله :
مُذْ قيل قلبُ الشتاءِ طُوىَ سَرَتْ لهُ قسوةَ الحجارهْ
وزاد فى جورهِ علينا بغارةِِ منهُ بعد غارهْ
وسِتُّنا الشمسِ فى حجابِِ عادت لها حشمة البكارهْ
وخلفها للرأس سُحْبِِ فى كلِّ دربِِ وكُلِّ حارهْ )68
وهناك ملاحظتان جديرتان بالذكر الملاحظة الأولى هى أن هناك الكثير من المفردات الأعجمية والمُولّدة "المشتقّة من كلمات أخرى" التى وظفها شعراء العصر المملوكى فى شعر الفصحى لم تعد عامية اليوم فقد دخلت فى المعجم الوسيط الذى أصدر مجمع اللغة العربية طبعته الأولى سنة 1960م، ومن أمثلة تلك الكلمات كلمة سِتّ التى أكد البهاء زهير منذ أكثر من سبعة قرون ونصف على أن استخدامه لها فى شعره ليس لحنا، وقد جاءت فى المعجم الوسيط على هذا النحو السِّتّ : السيدة "ج" سِتَّات . مولّد )69 ، وكلمة فسقية : حوض من الرخام ونحوه، مستدير غالبا، تمجّ الماء فيه نافورة ويكون فى الميادين والقصور والحدائق (ج) فساقى . دخيل )70 ، وفعل باسََََََ المشتق من البوس جاء فى المعجم الوسيط باسه بوسا : قبّله )71 ، ومن الأمثلة الأخرى على ذلك كلمة اٍكسير التى عاب شهاب الدين الخفاجى على البوصيرى استخدامها فى شعره حيث قال فى كتابه "شفاء الغليل" ( اٍكسير معروف وأهل الصناعة تسمية الحجر المكرّم وقال ابن هلال فى كتاب الصناعتين والمعتز فى كتاب البديع أنه مولّد يعاب استعماله كما فى قول الشاعر :
اٍكسير فسقِ كل بمفردهِ مركب من مدبر فاسدِ
اٍن شأت تجعل الورى سفلا ألقِ على الألف منهم واحدِ )72
وفى عصرنا تم تعريب كلمة اٍكسير ووردت فى المعجم الوسيط )73
وكذلك كلمة مقّفص للثوب والتى قال عنها الخفاجى ( قفص قيل هو معرب والصحيح هو عربى من تقافص أمّا مقفّص لثياب كالقفص فعامية مبتذلة
قال بعضهم :
لم أنسَ قول الوُرْقِ وهى حبيسةُُ والعيش منها قد أقام مُنغَّصا
قد كنت ألبس أخضرا من أغصن فلبست منها بعد ذاك مقفّصا )74
وتم تعريبها فى عصرنا ووردت فى المعجم الوسيط قفّص الثوب : خطّطه فهو مقفّص )75
وكلمة جَمَلُون التى قال عنها الخفاجى ( جملون هو عند عوام مصر سقف مُحَدّب وقد قال قائلهم :
فى ظهرهِ جملوناتُُ لها عقدُ )76
وجاءت فى المعجم الوسيط كلمة جملون : سقف مُحَدَّب يشبه سنام الجمل )77 .
ومن البديهى أن نعتبر دخول هذه الكلمات ومثيلاتها التى تم تعريبها فى المعاجم الصادرة من مجمع اللغة العربية اعترافا رسميا لا جدال فيه بنجاح هؤلاء الشعراء فى سبك وحبك المفردات التى تم تعريبها فى نصوصهم الشعرية، كما يشير ذلك اٍلى أن الفصحى والعامية ليس بينهما صراع لغوى سلبى، فالعامية التى أخذت جلّ مفرداتها من الفصحى حيث أنها كانت فى الأصل فصحى زحف عليها اللحن وسقطت عنها قواعد الاٍعراب أصبحت رافدا لغويا يمدّ الفصحى بالمفردات الجديدة المولّدة والأجنبية الدخيلة، بعد أن يعمل اللسان العامى على اٍيجاد صيغة لغوية جديدة لتلك المفردات، فيعدّل اللغويين فى هذه الصيغة أو يأخذوها كما هى أثناء عملية النعريب .
أمّا الملاحظة الثانية فهى أن ما سعى اٍليه شعراء العصر المملوكى "648 ـ 932 هجرية / 1250 ـ 1517م" هو نفس ما سعى اٍليه الشعر الحديث والمعاصر من ناحية بساطة لغة الشعر، واٍمكانية تفصيح مفردة عامية وتوظيفها فى قصيدة فصحى، ومحاولة التوجّة بالخطاب الشعرى للناس كافة .
وجدير بالذكر أيضا أنه كما قام شعراء الفصحى فى العصر المملوكى بتوظيف مفردات عامية فى أشعارهم مع المحافظة على قواعد النحو قد قام شعراء العامية أيضا فى ذلك العصر بتوظيف بعض المفردات الفصيحة، مع المحافظة على الطابع العامى لاٍبداعاتهم من الزجل والدوبيت والمواليا والمقطّعات الشعرية ومن أمثلة ذلك قول الشيخ خلف الغبّارى فى زجل له يرثى فيه الملك الأشرف شعبان :
ضم الأشرفْ قبر ليتَ شِعرى هُوّ لِقنديلْ نور ضياه طالع
أو صدفْ خالصْ من الجوهرْ أو فلكْ فيه غابْ قمرْ طالعْ
أو نقولْ غابْ فيهْ أسدْ ضارى أو جفيرْ جوّاه حسامْ قاطعْ
أو كُناس فيه أحسن الغزلان أو حمى فيه أفرس الفرسانْ
أو جسد فيه من الأرواحْ أو سواد مُقلهْ وفيهْ اٍنسانْ )78
وظّف الغبارى فى هذا الزجل تعبير "ليت شعرى" الشائع فى شعر الفصحى ليتواصل مع كبار شعراء العربية فى مراثيهم، واستخدم كلمة جفير بدلا من جراب لأن جفير تعنى جعبة واسعة تليق بالحسام القاطع، والكناس مأوى الغزلان وجاءت كلمة مقلة هنا بمعنى شحمة العين التى تجمع السواد والبياض، للتناسب مع المصطلح الطبى "اٍنسان العين" الذى شبّه الغبارى الملك الأشرف به، وهو الفتحة التى يدخل منها الضوء للعين وجاءت هذه المفردات خادمة للزجل ولم تؤثر على طابعه العامى .
وهكذا تفاعلت الأشكال الشعرية الفصحى والعامية بأساليب بعضها البعض دون أن يؤثر ذلك على طابع كل منها، واٍلى جانب ذلك ابتكر المصريون نوعا من الشعر العمودى الساخر يزواج بين الفصحى والعامية بنسب متفاوتة، وهو فنُُّ مستقلُُ بذاته عن شعر الفصحى وعن شعر العامية، ما زال المصريون يكتبونه حتى اليوم ومن أمثلته مطلع هذه القصيدة للشاعر على بن سودون اليشغباوى :
عجبُُ عجبُُ هذا عجبُ بقرا تمشى ولها ذنبُ
ولها فى بِزْبِزْها لبنُ يبدوا للناسِ اٍذا حلبوا
لا تغضب يوما اٍن شُتمت والناسُ اٍذا شُتِموا غضبوا
لا بدَ لهذا من سببِ حَزْرى بَزْرى ماذا السببُ )79
والملاحظ أن المفردة العامية التى تتواجد فى هذا النوع من الساخر لا تُعرب مثل كلمة "بقرا" و"بزبزها"، ويختلف ذلك عن توظيف المفردة العامية فى شعر الفصحى الساخر أو غير الساخر الذى يقوم فيه الشاعر بتفصيح المفردات والتراكيب العامية واٍخضاعها للاٍعراب كما أشرت سابقا لكى يستثمر الاٍيحاءات والدلالات التى تختزنها تلك المفردات والتراكيب .
* مقتطف من الفصل الأول من كتابى النقدى ( الشعر فى العصر المملوكى ـ اللغة والبناء والاشتباك بالواقع ) ـ تحت الطبع
الهوامش والاٍحالات
52ـ شمس الدين النواجى ـ حلبة الكميت المطبعة الأزهرية ـ القاهرة 1916م ص 332
53ـ ابن شاكر الكنبى ـ فوات الوقيات ـ تحقيق د. اٍحسان عباس ـ دار صاعد ـ بيروت 1974م ج4 ص 288
54ـ د. أحمد صادق الجمّال ـ الأدب العامى فى مصر فى العصر المملوكى ـ الهيئة المصرية للكتاب ـ ط مكتبة الأسرة 2013م ص 199، رسالة دكتوراه صدرت قبل ذلك فى كتاب سنة 1964م
55ـ المعجم الوسيط ـ مجمع اللغة العربية ـ مكتبة الشروق الدولية ـ القاهرة 2004م ط 4 ص 50
56ـ الفيروز أبادى ـ القاموس المحيط ـ مؤسسة الرسالة للنشر ـ بيروت 2005م ط 8 ص 147
57ـ شهاب الدين أحمد الخفاجى ـ شفاء الغليل فى كلام العرب من الدخيل ـ المطبعة الوهبية ـ القاهرة 1916م ص 91
58ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء الغليل ـ ص 172
59ـ نفس المصدر ونفس الصفحة
60 ـ شمس الدين النواجى ـ حلبة الكميت ـ ص 306
61ـ الفيروز أبادى ـ القاموس المحيط ـ ص534
62ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء الغليل ـ ص 46
63ـ ديوان البهاء زهير ـ ـ شرح وتحقيق محمد طاهر الجبلاوى ومحمد أبو الفضل اٍبراهيم ـ سلسلة ذخائر العرب ـ دار المعارف ـ القاهرة 1982م ص 49
64ـ الفيروزأبادى ـ القاموس المحيط ـ ص 153
65ـ هامش نقس الصفحة بالقاموس المحيط
66ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء العليل ـ ص123
67ـ ديوان جمال الدين بن نباتة ـ دار اٍحياء التراث ـ بيروت بدون تاريخ ص 16
68ـ مخطوط لمع السراج ـ كتبخانة مجلس شوراى ملى طهران تحت رقم 87317 ـ ورقة 25
69ـ ست وجمعها ستات فى المعجم الوسيط ـ مجمع اللغة العربية ـ مكتبة الشروق الدولية ـ القاهرة ط 4 2004م ص 416
70ـ معنى كلمة فسقية وجمعها فساقى فى المعجم الوسيط ص 689
71ـ معنى كلمة باس بوسا فى المعجم الوسيط ص 76
72ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء الغليل ـ ص19
73ـ كلمة اٍكسير فى المعجم الوسيط ص 22
74ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء الغليل ـ ص 173
75ـ قفّص الثوب خطّطه فهو مقفّص فى المعجم الوسيط ـ ص 751
76ـ شهاب الدين الخفاجى ـ شفاء الغليل ـ ص 75
77 ـ معنى كلمة جملون فى المعجم الوسيط ص 136
78 ـ ابن اٍياس ـ بدائع الزهور فى عجائب الدهور ـ ج1 ص 185
79ـ على بن سودون ـ نزهة النفوس ومضحك العبوس ـ تحقيق أرنولد فيروليك ـ سلسلة الذخائر هيئة قصور الثقافة 1999م ص 91
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق