2014/08/23

سكوت.. للشاعر/ عادل التوني




سكوت
..........



سكوت
الله يلعن أبوك ياسكوت
يابنتى عينك بتحكى صمتنا العاجز
أعدى حاجز ألاقى 300 حاجز
عينك بتحكى يابنتى
معنى لحظة موت
..........
يالسانى إنطق بقى
قوم حرر الكلمة
إيه بعدها المشنقة
لو ماتت الكلمة
إنطق ياتخرس وتكتم
كل همسه وصوت
الله يلعن أبوك ياسكوت
..........
عينك يابنتى بتقنص قلبى برصاصة
أدارى منك إيه وانت إللى كاشفانى
الموت فى عينك حياه
وأنا من حيا عينك
ميت بموت تانى
..........
يارافعه كل الجباه
طاطيت أنا راسى
بكتب مابين نظرتك
ونا راسى منداسه
..........
عينك يابنتى بتقنص قلبى برصاصة
ياننى عين بابا سجنانى فى عيونك
ياحرة وسط العبيد
انا إللى مسجونك
يابنت وسط الرجال
ب 300 راجل
ياقلبى لو فيه حبيب
الباقى بيخونك
..........
شريان حياتك أنا ؟؟
دانتى إللى شريانى
رخصت أنا دمك
وبعزة شاريانى
ياليلى كنت الحبيب
أصبحت أنا الجانى
ياحرة وسط العبيد
أنا إللى مسجونك

..........

عادل التونى

2014/08/22

ديوان الفتافيت للشاعر مسعود شومان... هجرة المفردات جماعات وفرادى... بقلم/ ياسر المحمدي




ديوان الفتافيت للشاعر مسعود شومان
هجرة المفردات جماعات وفرادى
بقلم/ ياسر المحمدي


مسعود شومان

تتكون منظومة التفكير لدى الفرد والمجتمع عبر الطبيعة التراكمية لهذه الأفكار وما ينشأ عنها من العلاقات ذات النمو المستمر والمتحول،فكل لحظة تمر في الزمن الذي نقيسه بساعتنا اليومية تستقر في كيان الفرد أو المجتمع على السواء مكونة انطباعات أولية تتحول إلى عادات وممارسات مع مرور الوقت،تنتقل التصورات في علاقة تبادلية ما بين العقل الفردي والعقل الجمعي متجسدة في الواقع ومحددة الوضع الآني لكلاهما،هذه التصورات التي تسهم _أيضا_ في تحديد وضعيتهما في المستقبل،تهاجر الذكريات الصغيرة والتجارب والمفاهيم في إثر انبثاقها من عالم المثل إلى الواقع وتتحد مكونة قواعد ومفاهيم عامة وصورا كلية تأخذ حيزها من الوعي الفردي والجمعي،في هذا الصراع الدائم ما بين عالم المثل والواقع تنتصر تصورات وتنهزهم أخرى،وهكذا في تكرار موجي ما بين القطبين الواقعي والمثالي،لكنه وفي أثناء هذه الحركة البندولية ثمة تصورات جديدة تنجح في الانفصال بكينونتها وتغيير طبيعة هذه العلاقة،يحدث ذلك على المستوى الذاتي بادراك هذه التصورات لوعيها وحركتها على أقل تقدير،وهو ما يتفق مع الطبيعة الانتقائية للفن،إن العين تُصور والعقل يَتصور ويُصور،فالحس يستقبل الأشياء الطبيعية في نفس الوقت الذي تستقر هذه الأشياء في الإدراك الواعي والباطن_معا_ آخذة صورة ذهنية قابلة للتطور في وضعها هذا،يمثل الشاعر/الفرد أحد لحظات الوعي للعقل الجمعي على المستوى الفردي،حيث ينفلت من منظومة الواقع واللغة بتداعيهما الحر واضعا كلاهما في لحظة الإبداع تحت السيطرة،منتقيا ما يريد من المشاهد الواقعية والمفردات اللغوية ليصنع كيانا جديدا هو قصيدته،ينقلب الوضع في هذه الحالة،حيث تتحول منظومة اللغة إلى مجرد نقطة في عالم الشاعر والذي يصبح بدوره الوعي الجمعي للغة وإن كانت هذه اللغة هي قاموسه الخاص،إنه يُنتِج المفردات والصور بطبيعتها البسيطة والمركبة ويوجهها خارجة من نظامه التمثيلي/عالمه إلى الوجود مرة أخرى بصفتها عالم ونسق يفسر نفسه،وتأخذ هذه الصور والأنساق موضعها وفق عموميات الثقافة والتواضع اللغوي لدلالات المفردات على المعني _الظاهر منه والباطن_ في العقل الجمعي/المجتمع،إن عملية الدمج التي يقوم بها الشاعر بين المفردات محدثا أثرا دلاليا جديدا تبقى هي العلامة الدالة على حضوره في القصيدة،فثمة هجرات تتم بين عوالم متعددة يُغذِّي كل منها الآخر.
ديوان الفتافيت
اللغة في ذاتها عالم ونظام له طبيعة عمل خاصة به،أما عندما يستخدمها الشاعر فإنها تخرج من وضع سيطرتها إلى سيطرته (هو)،لتصبح نظاما تمثيليا يعبر عن عالم التصورات الخاصة برؤيته لذاته وللعالم،أي أنها علامة من الشاعر لقارئه لكي يتواصل الطرفان،تبرر لغة الشاعر نفسها عبر دلالتها المباشرة أو المجازية،كما أن الشاعر يَعمَد في الغالب إلى وضع المبررات التي تهيئ للقارئ استقبال لغته بما تتصف به من مفارقة للغة الحوار اليومي،هكذا يبدأ مسعود شومان ديوانه (الفتافيت) بتصدير لـــهيدجر"إنني قد أموت في أي لحظة لأن الموت هو الإمكانية التي أحملها الآن،وفي أي وقت،إنه بمثابة الشرك الذي تنزلق إليه قدمي في أية لحظة "،وعليه فإن نص الديوان بجمتله يمثل رحلة في زمن مطلق متحرر من أية قيود،إنه يمكن أن يكون رحلة تأمل تحت الجفون استعدادا للموت أو لحظة غيبوبة ما قبل الموت أو لحظات استعادة نفترضها بعد الموت،تتابع المقاطع الشعرية حاملة الذكريات والمشاهد في سياق سردي يجمعها،يتم هذا الترابط من خلال شخصية الديوان التي تحاور نفسها أو يحاورها آخرون في لحظات سابقة على لحظة التذكر التي تعيشها شخصية الديوان/صوت النص(سعيد) والتي يأتي ذكرها مرات معدودة في مقاطع متباعدة "مزيكا يا سعيد ..بتغرق الواحد ..وتبل القميص والبنطلون..وكمي يفضل ينطر ع العيال القرع..لحد ما يفتحو"،تتم عملية التمثيل المعرفي من خلال عبور الواقع بلحظاته المستعادة من كينونة (سعيد) التي تحضر بذاتها أو تحضر بغيرها،فالمقطع السابق ذكره يمثل حضورا بالذات في النص عبر المونولوج أو التذكر،كما تأتي غالبية الديوان على هذه الشاكلة من الحضور بالذات،الذي تدلنا عليه الضمائر( المتكلم_المخاطب)حيث يتكلم عن ذاته مباشرة أو يخاطبها،كما نجد الحضور بالغير والذي يبقى أحد مستويات الحضور بالذات في النص ككل،حيث يتدخل صوت خارجي ليقوم بعملية السرد الشعرية في مقاطع متعددة،يقوم هذا الصوت الخارجي بدور العين الأخرى التي ترى ما لا يستطيع (سعيد) رؤيته عن نفسه،وهو في الغالب صوت المحبوبة/الذات/الروح/الحياة/الوطن... " هربدني ..لا شدني ..لا مد ايده ناحيتي..لكنه مدد على الرعشة ..ضرف مليانة بالفساتين .. يا هلترى توب العروسة..بتطرزه النخلة اللى واقفة ..فوق قنايا ضحكنا ولا الدولاب مفتوح "،كما نجد هذه الثنائية واضحة (الحضور بالذات_الحضور بالغير) في الصفحات الأولى عبر مقطع شعري يشير إلى هذا الإزدواج"هي=هوى..هوَّ=هَوْ هَوَة..هو=عود مصلوب..هي مِتْلوْلَوَة..هي=حباية مشمش..هو=نوى"،وهو مقطع يقوم بدور تأسيسي لتداخلات الأصوات عبر النص/الديوان،ما بين هذين الحضورين تتوزع المقاطع الشعرية لترصد تحولات الذات وأزماتها الوجودية والمعرفية بلغة تتسم بالمفارقة لواقع الاستخدام اليومي بل والمجاز اللغوي المتعارف عليه في الغالب،حيث تحضر المفردات في صيغتها المنفردة لا لتدل على التصور الأولي للمفردة،فالحمامة والشجرة والناى ...،ربما تحيلنا إلى السلام والثبات والشجن أو غير ذلك من الدلالات التي تتحملها المفردة في السياق،وهي جميعها دلالات ارتبطت بهذه المفردات عبر تراكمات معرفية و أصبحت مع مرور الوقت عموميات ثقافة في المجتمع،فحكاية حمامة نوح وحكاية حمامة المسيح تمثلان الخلفية المعرفية الأبعد للربط ما بين الحمامة كعلامة تشير إلى السلام والمحبة والمباركة،تتجاوز المفردات في سياق النص حتى هذه الدلالات المجازية التي اعتدناها حيث يجمع مسعود شومان بين المفردات المتنافرة،وهو في ذلك لا يرجو غرابة التصوير أو الدلالة،يقول "بينك وبين قلتها جرح غويط ..وهديل على الأبراج..مليان بريحة المياتم..وهي بتعرّي الكسوف على كتفها وتزوغ..شايف دموع الانبيا على كمك..لمت عيال الناصية في تنية قميصها ..واتجرجرت في العياط...."،نجده يجمع بين (القُلة_الجرح) مستخدما العلاقات الجزئية للمجاز،فالقلة تحمل الماء بينما يشير الجرح لتوتر العلاقة،حيث تفيد الجملة كاملة أنه لا يشرب من القلة لما بينه وبينها حواجز تحول بينه وبين ودِّها أو الشرب من ماء قلتها،حيث يمكن للجملة " بينك وبين قلتها جرح غويط"،(خصام)،أن تحل محل المقولة الدراجة "بينك وبينه مصانع الحداد أو بينك وبينه حديد،كذلك (بتعري الكسوف_كتفها)،فما علاقة الكسوف بالكتف؟،ترسم الجملة وضعها في حال الخجل،فعند الكسوف من المتعارف علية في لغة الجسد أن تميل الأنثى برأسها إلى كتفها قليلا،إنها في حالة الميل هذه تعبر عن كسوفها،هذا الميل والتعبير الجسدي أسماه مسعود شومان "تعرية"، كما حلت مفردة الكتف محل الرأس كقرينة دلالية،كما يعتمد الشاعر المفارقة _أيضا_ في استخدامنا لبعض الحكم والأمثال،حيث تحضر مفردة مغايرة للمألوف في أصل الحكمة أو المثل ومعها دلالتها الجديدة التي تغير من دلالة المقولة"سقطتْ بحبك بينا ..زى الفحم المبلول..لو قلبي عرق..كنت أصدق..آدى الجمل ..وآدي النخل"،نقول في الدراجة آدى الجمل وآدي الجمال،والميه تكذب الغطاس،حيث حلت مفردة (النخل) محل مفردة(الجمَّال)،وعملت على استحضار دلالة مفارقة،ففي حال الجمل والجمال قد ينجح الجمَّال في الاختبار أما في حال الجمل والنخل بالطبع لن ينجح الجمل في صعود النخل،ففي العلاقة الأولى ظنية وشك في حبها أما في الثانية تفيد هذه الاستحالة يقينة عدم حبها له،على هذا النحو تتعد المفارقات اللغوية في الاستخدام منتقلة عن المعنى الأولي وبل وحتى المجازى المتعارف عليه إلى وجود دلالي مغاير داخل نص مسعود شومان.
يمثل العالم وحدة وجودية مفرداتها الكواكب والنجوم والشجر و...،وهو في ذلك النموذج الاتصالي الأكبر،ومن المتعارف عليه إن أي نموذج اتصالي تتمم فيه نوعان من الحركة( التغذية والتغذية العكسية أو الراجعة)،كما تمتلك بعض الوحدات داخل هذا النظام طاقة كبيرة في مقابل وحدات ذات طاقة أقل،تستطيع الوحدات ذات الطاقة الكبيرة جذب الوحدات الأقل إليها،هكذا تكونت النجوم والكواكب في الفضاء،إن العالم شكل أو نمط دال يحاكيه الفنان فيما يعرف بمحاكاة النموذج،تتوزع المقاطع الشعرية في ديوان الفتافيت في بناء عالم النص على ضوء هذه المحاكاة،ما بين مقاطع قصيرة متتالية يعقبها مقطع طويل،تتحرك المفردات عبر طاقتها الدلالية من مقطع لآخر،ثمة تكبير وتصغير،تكثيف وتمدد،ففي حين يتحدث مقطع قصير عن مشهد ما وترتبط دلالته مباشرة بلحظية المشهد في الصفحة الأولى مثلا،تتبادل المفردات والمقاطع الشعرية طاقتها عبر شبكة العلاقات الدلالية داخل النص،إننا نستطيع أن نلحظ هذه الحركة بمتابعة الخط السردي والدرامي للمشاهد التي يستذكرها (سعيد)في فضاءه/الموت/النص،أو من خلال التركيز على بعض الدلالات الكلية لمقطع ما وأثرها في حالة النص ككل،مثلا،ص96 "رقصه ولا حنجلة..ولا شاش ع الجرح..ولا مرود كحل وسط العفار ..و لا قتيل بيتمشى قبره لحد بابه"،ص97 "ميكياجها ف القطن لابيض..بيصرخ للخلا..وكفني ف الأوض بيزورها..إزاي نتقابل"،يحضر المقطعان في مفردات جديدة داخل أحد المقاطع الطويلة ص100 "قد إيه كان جسمها ساعة ما طارت..قد حزن السما لما رمت وردتها لنار الانبيا.. وكنت أنا مخطوف ف مركبها .حواليا نخل وعيال بيرجموه..يسقط عفار السما ويبل توبي..وانكسف منك ..طب قده إيه جسمي..وانا تحت منديلها بنز البكا..الله ..كاسي ورد القميص بالمر..إزاي ألامس جسمها...."،إن الدلالة الكلية للمقطع القصير الأول تعني في مستواها الأول أن حياته سير نحو الموت، أما المقطع الثاني فهو حنين للقاءٍ مستحيل بين ميتين؛كل منهما في عالم معزول عن الآخر،تحضر هاتان الدلالتان في المقطع الطويل،كما تحضر بعد المفردات بعينها( العفار،الرقص)،غير أن المشهدين الأوليين يقفان في لحظة زمنية سابقة على مستوى البناء السردي،فالمقطع الأول رصد لوضعه الراقص في الحياة في طريقه للموت،والثاني يصف وضعية استحالة التلاقي،أما المقطع الطويل فهو تمدد يشمل هذين المشهدين ويتجاوزها في وصف مشهدية موتها وتساؤله عن حاله وهيئته حين يموت هو الآخر،حيث ينتهي بالسؤال ص101"طب قد إيه جسمها ساعة ما طارت ..وقد إيه يكون جسمي ..ساعة ما يطير"،على هذا المنوال تتحرك المفردات ودلالاتها داخل فضاء النص/ديوان الفتافيت،ما يمكن أن نمثله بسريان نهر بقوة تدفق تتأثر باتساعه وطوله وتؤثر فيه طرديا،محدثة في بعض المواضع انهيارا في الجرف فيتسع عرض النهر اتساعا ملحوظا عند هذه النقطة وبالطبع تكون نسبة الماء التي تحويها أكبر من مثيلاتها على طول امتداد النهر،الفتافيت الشعرية لدى مسعود شومان رحلة تهاجر فيها المفردات والدلالات كل على حسب طوله الموجي وطاقته داخل النص/النهر/العالم.





ياسر المحمدي

هتخلص ليه حكايتنا.. للشاعر/ أسعد غالي





هتخلص ليه حكايتنا
وانتِ القلب ويا الروح

وانا امبارح بإحساس حى
واحلامك لبكرة الجى
ومين عنده دوا نوحك
ومين يفهم نغم دوحك
ومين لو توهتى عن حلمك
هيعرف فين طريق روحك

وتخلص ليه حكايتنا
وبيتى ودنيتى حضنك
وحضنى لو يضيق الكون
يكون عالم على قدك
وبيتنا بالغرام جنه
حدودى وجنتى حدك

وتخلص ليه حكايتنا
مادام حضنى دفا بيكى
وف أديكى حياة قلبى
اللى عاش ملهوف
على قلبك

وتخلص ليه حكايتنا
مادام لينا الهوى مقسوم
ومين فينا يبيع روحه
ولو يحاوطنا تل هموم
ونتشابك .....ونتباعد
ونحضن شوقنا ونعاند
ولا فينا اللى يقدر يوم
يعيش محروم
-----------------
أسعد غالى

أورنش جزمتي.. للشاعر/ عصام سعد





أورنش جزمتي..

للشاعر/ عصام سعد



سينما الصورة فى ديوان (جايز ترتاح .. جايز) للشاعر السعيد المصرى.... بقلم الشاعر/ إبراهيم خطاب




سينما الصورة فى ديوان (جايز ترتاح .. جايز)
للشاعر السعيد المصرى
بقلم الشاعر/ إبراهيم خطاب



بعيدا عن التطورات المتلاحقة لقصيدة العامية المصرية فى اللحظة الراهنة، لا أقول حتى أصبحت منافسا شرسا لقصيدة الفصحى وفقط.
بل فى كثير من الأحيان تجاوزتها بمراحل على مستويات عدة، من الصورة، اللغة، الشكل، الأسلوب، البناء، الطرح،.. الخ
فما بالنا اليوم ونحن نشهد هذا التطور المضطرد فى قصيدة العامية بشكل عام، وقصيدة (النثر) العامية بشكل خاص، تلك القصيدة الشعرية التى قامت على كاهل مجموعة من رموزها مثل الشاعر الراحل/ مجدي الجابري، والشعراء يسرى حسان، مسعود شومان، محمود الحلواني وغيرهم.
هؤلاء الذين تحملوا الكثير ومازالوا تجاه حفنة من الغوغائية تحت مسمى الذين لا علاقة لهم بالفن ولا بالنقد الأدبي، بل وانقطعت صلتهم بالإثنين منذ عشرات السنين، كما انقطعت صلتهم بما يسمى بالأصالة والمعاصرة فى النوع الإبداعى حتى فقدوا خاصية التمييز ما بين الأدب و....
ولم يلحظوا فى جهالتهم الثانية هذه أن منظومة الفن تسمح فى اطارها العام، لا بآلاف الأنواع الأدبية فقط، بل بما هو أكثر من ذلك دون قيد أو شرط.
وأن موسيقى الحياة فى هدير المياه، وزقزقة العصافير، ونقيق الضفدع، ونعيق البوم، وهسيس الريح، وفحيح الأفاعي، وسكون الموت، كل هذه الأنواع من الموسيقى هى بمثابة الإيقاع الداخلى المتواتر ، الذى لم يكن حاضرا بمخيلة الخليل بن أحمد الفراهيدى ـ عليه وعليهم رحمة الله ـ حتى أصبحت القصيدة النثرية ـ العامية ـ تتصدر المشهد الإبداعى من حملة أوتادها السابقين وحتى الشاعر/ السعيد المصرى بديوانه الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة.
أولا: مجموعة الديوان:
عبر سبعة قصائد هى مجمل محصلة الديوان الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) للشاعر/ السعيد المصرى، وهى على هذا النحو:
1. بيرفرف فى طلوع الروح.
2. بيفوق على ريحة بنج.
3. بيرقص تحت المطرة.
4. باصص فى مراية ترعة.
5. شبورة بتنزل جواك.
6. بيهرب دمك من عواميد النور.
7. ريحة جتت الشهدا.
إذن نحن بصدد سبعة عناوين مختلفة لقصائد الديوان، أو بصدد (أيام الإنسان السبعة) للسعيد المصرى وليس الراحل الكبير/ عبد الحكيم قاسم، وبصدد أبواب الجنة السبعة، وربما أبواب النار السبعة، وسموات الله السبعة، وأراضين الله السبعة...الخ.
من التأويلات الكثيرة والتى تضعنا فى ملايين الإحتمالات والدلالات العديدة، لما لهذا الرقم (7) من دلالة قدسية وتراثية عبر مختلف الديانات والعقائد من ناحية، وبالمخيلة الإنسانية ـ أيضا ـ من ناحية أخرى.
فهل هذه العناوين هى بمثابة الدال الموضوعى على رحلة معراج الإنسان من الفناء الى الوجود الى الفناء؟
أم هى رحلة معراجه من الوجود الى الفناء الى الوجود؟
أم رحلة عذاباته منذ ولادته وحتى لحظة البعث الأخيرة؟
أسئلة كثيرة ودلالات أكثر تطرحها عناوين هذا الديوان الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) خاصة مع ربط عنوان الديوان بعدد قصائده السبع كعدد دال.

ثانيا: المشهدية
قصيدة (النثر) العامية إضافة الى استفادتها الكبيرة عبر الهامش والمسكوت عنه والبسيط والمتروك، استفادت أيضا بشكل أكثر وعيا وبلاغة من اللغة السينمائية بمقاطعها ومشاهدها المختلفة.
إضافة إلى استفادتها من أكثر من نوع من أنواع الفنون كالفن التشكيلى والتصوير والموسيقى، والتوظيف التراثى، من الإسقاط، إلى التناص، إلى الحيل المختلفة.. الخ
حتى أن هذه المشاهد والمقاطع السينمائية أصبحت سمة أصيلة ومترسخة بهذه القصيدة، وخاصة فى هذا الديوان الشعرى الذى بين أيدينا (جايز ترتاح.. جايز) للشاعر/ السعيد المصرى.
ففى قصيدة (بيرقص تحت المطره) ص 21 : 29.
نرى مدى براعة الشاعر وإدهاشه فى الربط ما بين (زليخة) فى سورة (يوسف) وضوافر (داليدا) كإيحاء بفعل المراودة ما بين (زليخة ـ يوسف) وما بين (الكاتب ـ داليدا) فى مقطع شعرى أكثر من رائع حيث يقول الشاعر صـ 29.
دلوقتى بس
بسمع سورة (يوسف)
وحاسس بضوافر (داليدا)
بتمزّع فى هدومك.
وكأننا تارة نتعامل مع مقطع شعرى خالص، وخارج عن سياق النص الشعرى (منفصل)، وتارة أخرى نتعامل مع نفس المقطع من النص الشعرى إستكمالا لسياق النص ككل، وهذا مما يعد إضافة للنص الشعري.
وفى مشهد آخر يقول الشاعر فى قصيدة (باصص فى مراية ترعة) ص 35.
إبتدا يمسح بكمامه
إزاز النضاره..
م الشبورة
اللى بتكتر جواه .
لما اكتشف فجأة
إنه لوحده فى أتوبيس نقل عام
وإن الأسطى اللى مستخبى
ورا شبورة دخان سجايره الفرط
دايس ع السارينه
وبيزغر له بغيظ
فى مراية مشروخة
وإن الكمسرى اللى نايم
ع الكرسى اللى وراه
وفاتح صندوق التذاكر
للفراشات الملونه
اللى فلتت م الدبابيس والأستك
للشارع.
نلاحظ هنا عبر مقطع واحد من النص الشعرى
(باصص فى مراية ترعة) ص 35.
أنه من خلال هذا المقطع أو المشهد البسيط عبر هذه القصيدة، أننا بصدد ثلاثة مشاهد منفصلة متصلة فى آن واحد، وإن اختلفت الحالة والكادر من مشهد الى آخر.
ففى المقطع أو الكادر الأول حيث يقول الشاعر:
إبتدا يمسح بكمامه
إزاز النضاره
م الشبورة
اللى بتكتر جواه
نلاحظ من خلال هذا القطع أننا بصدد حالة عادية للغاية ومألوفة لنا جميعا من بداية السطر الأول لهذا المقطع لنفاجىء بمفارقة الشاعر فى نهاية المقطع أن الشبورة، ليست هى تلك الشبورة التى غطت وطمست زجاج النضارة، إنما هى تلك الشبورة الإنسانية التى طمست ما بداخل النفس الإنسانية (م الشبورة.. اللى بتكتر.. جواه)
وهذا مما أضاف الكثير من الدلالات والإحالات لهذا الكادر من خلال هذه المفارقة.
وبالمقطع الثاني حيث يقول الشاعر:
لما اكتشف فجأة..
إنه لوحده فى أتوبيس نقل عام
وإن الأسطى اللى مستخبى
ورا شبورة دخان سجايره الفرط
دايس ع السارينه
وبيزغر لى بغيظ
فى مراية مشروخة ..
فى هذا المشهد نستطيع أن نخرج بالعديد من الملامح والحالات الإنسانية الدالة والمعبرة، والتى قد يكون ضمنها وليست جميعها حالات الشعور بالغربة الداخلية والوحدة والإغتراب والفقد:
لما اكتشف فجأة.. انه لوحده، وكأن الشبورة أصبحت عاملا موازيا بالنص الشعري، فتارة لطمس ما بداخل النفس الإنسانية كما بالمقطع الأول ـ المذكور سلفا ـ ونارة أخرى أصبحت ستارا محسوسا للمواربة والهروب من اشياء غير مرئية حيث يقول الشاعر :
(وان الأسطى اللى مستخبى ورا شبورة..)
أضف إلى ذلك مدى طرح القصيدة الشعرية للعديد من الأسئلة دون السقوط فى هوة البحث عن إجابة أو يقين: (دايس ع السارينه .. وبيزغر لى بغيظ)
والسؤال لماذا؟ علينا أن نبحث خلف سطور النص الشعرى للوصول الى إجابات وليست إجابة واحدة، لهذا الأسطى البسيط المعدم المدخن لسجائره الفرط، لنكشف زيف هذا الواقع الذى نعيشه، وحالاته الإنسانية الكثيرة والمتردية من قاع الى قاع بالمجتمع وليس بينهما وسطا.
إلى أن نصل الى هذه النظرة المليئة بالغيظ لهذا الأسطى كانت: (فى مراية مشروخة)
أي أن نظرة الغيظ ـ أيضا ـ عبر مراية مشوهة ومشروخة ، هل كانت النظرة هذه عبر هذه المراية المشروخة، نظرة غيظ واحدة ـ إذا كانت المراية صحيحة، أم نظرتان ـ إذا كان هذا الشرخ الموجود بها أحالها الى قطعتين ـ أم أكثر من ذلك؟
لم يفصح الشاعر وترك المساحة خالية للمتلقي.
وكما تعود الكاتب يعود بنا فى نهاية المقطع الى فعل المفارقة من خلال هذه المراية المشروخة.
وفى الكادر، أو المشهد الثالث بنفس القصيدة
(باصص فى مراية ترعه) يقول الشاعر:
وإن الكمسرى اللى نايم
ع الكرسى اللى وراه
وفاتح صندوق التذاكر
للفراشات الملونه
اللى فلتت م الدبابيس والأستك
للشارع.
وهنا ودون الدخول فى تفاصيل الحالة الشعرية التى تتملك الشاعر، نجد أننا بصدد شاعر يبحث عن الحرية، والحرية فى إطارها العام من بداية أسطر أولى قصائد هذا الديوان الشعرى المتميز (جايز ترتاح.. جايز).
وحتى أسطر القصيدة الأخيرة بهذا الديوان.
إضافة إلى أن هناك العديد من الملامح التى يجب الوقوف عندها مليا تعمقا فى هذه التجربة الشعرية ضمن عناصرها، وخاصة ملمح اللغة ، تلك اللغة المختارة والمنتقاه بعناية لدى الشاعر، والناسبة لطرح رؤيته حول أشياء كثيرة، ربما نراها للوهلة الأولى أنها أشياء بسيطة، لكن خلف سطور النص ما هو عكس ذلك تماما، وحالات إنسانية شتى، ربما نراها كل يوم، وكل لحظة، ولا نلتفت اليها بحثا عن العمق والدلالة والمغزى، والصور الشعرية الإنسانية كثيرة ومطروحة ولكن.
لعين ثاقبة، وبزاوية رؤية تعى جيدا كيف تلتقط الحدث الإنسانى لإحالته الى لوحة تشكيلية رائعة. وهذا ما فعله الشاعر بنا وبحالاته المتعددة عبر هذا الديوان الشعرى المتميز (جايز ترتاح.. جايز) لنظل عبر هذا العنوان الآخاذ فى حالة من حالات التأرجح ما بين الشك واليقين بالراحة وإحتمالية عدم حدوث ذلك، هنيئا لنا بهذا الديوان وبكاتبه.

2014/08/18

أنا زيّك... للشاعر/ أسعد غالي




أنا ..زيك
أنا القمر اللى واخد
نوره من ضيك
أنا زيك
مابين شطين
شجن ... وحنين
وانا الخيط اللى مشغول بيه
طروف زِيِك
أنا الشوك اللى ف ورودك
وغير أيدى ميحسش
دفا خدودك
وان جفت عروق روحى
مابيحيينى غير .. ريك
أنا ... زيك
----
-----
------
-------
أسعد غالى

ليه بنخاف.. للشاعر/ محمد النويهي




ليه بنخاف من إيه خايفين
إحنا قضينا سنين وسنين
مرة نحب مرة نتوه
مرة نقول الشوق نسيوه
مرة نقول محلاه أيوه
وعدى يا وعدى على المساكين
سيب إحساسك هوه يقرر
يمكن يئذن لك تتغير
وتشوف قلبك أبهى وأطهر
بس يا ريت نبقى موافقين
عيبنا يا صاحبى إن إحنا زغابة
والدنيا مليانة ديابة
وغيلان دايسة رقابى غلابة
طب و ندور على إيه يابا
خلينا أحسن ساكتين
..............

محمد النويهى

2014/08/17

أنا العاشق... للشاعر/ إسلام كنفاش




أنا العاشق تعيس الحظ والقسمة
أنا المحروم على عيونه تبان لو مرة مبتسمة
وليد لحظة كانت عاقر
فقام الموت بإنجابه
بيتحايل على عمره يجيبله الفرح
فيجيبه بقطّارة .. دا إن جابه
معلّق قلبه دلاية في زينة بنت مش حسّاه
وداق غيرها خرج من جنة الصابرين
فعاد تايب .. صرخ بالدمع يا الله
فعودي شهرزاد عودي
فإنَّ القلبَ طَالَ شَقَاهْ

آسف يا ريّس.. للشاعر/ سعيد شكري




اسف ياريس .... وحقك عليا
وليك إعتذارى .. وليك الولاء
وليك السياسة وليك الحراسة
ولينا الخباثة .... ولينا الرياء
وليك الفخامة .. وليك الوناسة
ولينا المقابر ... ولينا البلاء
وليك البراءة .. وليك القداسة
ولينا انتكاسة .. ولينا الغباء !!

محدش يقولى .. يناير دى ثورة
محدش يقولى ... ده ميت شهيد
دى برضه بشهادة مبارك مؤامرة
وكلمة مبارك .. تفوت ف الحديد
ده صاحب بطولة وكام ضربة أولى
وعنده السيولة ... وعنده الرصيد
وعنده القواضى وعنده التراضى
وعنده اللى راضى بعيشة العبيد
وعنده المنابر .. وعنده المكابر
وعنده اللى قادر ( يحبل ) وليد
وعنده المحاكم وعنده اللى حاكم
وعنده النيابة ....وعنده ( فريد ) !!

محدش يقاوح .. معايا بكلامه
ماحدش يقولى مبارك عميل
ماحدش يقول العراق والمقاومة
ماحدش يجيبلى ف سيرة إسرائيل
ويفتح دفاتره القديمة اللئيمة
ويمسك فى توشكى وينسى ( الجميل)
وليه تفكرونى ... بقطر الصعيد
وأهل الدويقة ...وعندك (مزيل)
وايه يعنى لما ... بتغرق سفينة
آلاف الضحايا ...فداك يااسماعيل
وايه يعنى لما يسرطن ف قوتنا
ويخرب بيوتنا .... وفيها البديل
وايه يعنى لما ... يفرغ عقولنا
ويصبح إمامنا ...منافق عويل
كقاية عيشتناا ف عزه وسلامه
وواجب علينا... نرد الجميل !!!

........

شعر : سعيد شكري
تصميم : ياسر اكرم دودين

من تنهيدات الشاعر صلاح يوسف



(حبتني وحبتها بجد)

..........


مش عارف ارد
علي حنانك
ولا قادر اصد
نظرات من عينك سحراني
وكأني بعيش المشهد كله من تاني
وحنان الحب الوجداني
وكلام م الروح
من غير مانبوح
والعشق ف عيني كمان مفضوح
من لهفة قلبك وحناني
احزانك تشبه احزاني
يتنهد قلبي بحنيه
وعينيكي مش سايبه عينيه
وف قلبك ترانيم من عشقي
امواج البحر اللي ف عينك
بتمرجح عمري المدبوح
وتداوي القلب المجروح
لما احضن أيدك ف ايديه
أنسي الاحزان وتنساني
والسكه طويله ف خطاوينا
والاطول سكة امانينا
هاربين
تايهين
سايبين الدنيا بما فيها
واملنا ينور ليليها
وقعدتي يا موناليزا امامي
تسقيني الشهد
اقول تاني
واللقمه تلمسها شفايفك
فيسيل الشهد ويملاني
ويرفرف قلبك بحناني
كان نفسي الساعه ماتتحرك
واكمل حلمي ف حضن الحب الملهوف
وطريق الجنه ملان بالخوف
ولا فارقه معايه ولا يهمش
انا جوه حبيبي وف حضني
وان قامت الدنيا علينا الحد
اتعذب ولا عمري اتألم
وانا حبك علي جسمي معلم
قلبي دقاته ازدادت....وبتوه ف العد
راح اضمك علي صدري واحبك
واصرخ واقول للدنيا
حبتها وحبتني بجد
حبتني وحبتها بجد
...........

(تنهيدات صلاح يوسف)

هشام الجخ وإعلام عصر الجماهير الغفيرة... بقلم الشاعر/ محمود الحلواني




هشام الجخ وإعلام عصر الجماهير الغفيرة
محمود الحلوانى



من المفارقات الكاشفة ، التي لابد من وضعها فى الحسبان عند التصدي لما اعتبره البعض " ظاهرة هشام الجخ " أنه حقق ما حقق من شهرة وانتشار عبر وسائل الإعلام الجماهيرية وخاصة التليفزيون، وبين الجماهير في مدرجات الجامعة وبرامج المسابقات و الحفلات التي تقيمها له " بتذاكر دخول " بعض الأماكن المعنية بالترويج والتسويق الثقافي مثل ساقية الصاوي وغيرها ، وأنه على الرغم من كونه شاعرا لم يصدر ديوانا واحدا إلى الآن !
لذلك يخطئ من يتناول هشام الجخ بوصفه ظاهرة تنتمي للأدب، على الرغم من إن مجال اشتغاله هو الشعر.
كذلك يجانبه الصواب كثيرا من يتصدى لتجربته بأدوات النقد الأدبي وحدها وإن صلحت قصائده لأن تكون مادة للنقد .
ومن قبيل الاستسهال أيضا النظر إلى "هشام الجخ" بوصفه ظاهرة إعلامية، وهذا ليس صحيحا بالمناسبة، دون النظر إلى طبيعة الجمهور الذي يقبل عليه ويطلبه، وإلى طبيعة الوسيلة الإعلامية التي أسهمت في نجوميته . وليس من قبيل التزيد استدعاء عناصر أخرى للنظر بمساعدتها في مسألة الجخ ، مثل فن التمثيل، والإلقاء ، وكيفية صناعة الكراكتر، وآليات التأثير فى الجماهير.
فمن الناحية الأدبية لايصمد هشام الجخ كثيرا أمام الفحص النقدي، فقصائده شديدة التواضع ، لا تقول أكثر مما يعرفه جمهوره ، قدرته على التخييل والتشكيل، وإقامة عوالم جديدة ومدهشة، واجتراح رؤى خاصة للوجود أو للذات تكاد تكون منعدمة، هذا فضلا عن افتقاده لمفهوم البنية، ووقوعه الدائم في فخ التكرار المجاني، الذي تجره إليه الموسيقى، فيستهلك قدرا كبيرا من اللغة ومن الموسيقى ، دون إنتاج شعري يوازى ما استهلكه.
هشام الجخ صوت مستعار من تقاليد شعرية راسخة ، وأصوات سابقة مختلفة، دعك من سرقاته لبعض أشعار الآخرين بشكل حرفي وكامل ، وهو ما ثبت وصدر بشأنه حكم محكمة في القضية التي رفعها ضده الشاعر عبد الستار سليم، واتهمه فيها بسرقة أشعاره في فن الواو، وحكمت فيها المحكمة لصالحه وتغريم الجخ . هذه موثقة ، ومفروغ منها، إنما ما أقصده هنا هو أشعاره الأخرى التي تزدحم بأصوات شعراء آخرين وتحمل ملامحهم ، والتي يمكن للفحص النقدي أن يتعرف فيها على أصوات فاروق جويدة ونزار قباني، وغيرهما، كما سيتعرف بالضرورة على تقاليد القصيدة العربية التقليدية التي تحمل بصمات كل من كتبوها ، وتغيب عنها شخصية الجخ الذي أعاد نظمها دون أن يترك على جسدها بصمة تخصه ، أو تضعه بين من أسهموا في كتابتها.
تفتقد قصيدة هشام بشكل كامل إلى اللمسة الشخصية، فلا يمكن نسبتها له وإن كان هو من كتبها أو نظمها، كما تفتقد إلى الذاتية التي تميز ذاته وتجربته الشعرية عن ذوات الشعراء الآخرين وتجاربهم، الأمر الذي يضعه في خانة المحاكاة ، ليست المحاكاة بالمفهوم الأرسطي بالتأكيد ، والتي لا تعنى محاكاة ماهو كائن بالفعل ، إنما محاكاة ما يمكن أن يكون، كما لاتحقق قصائده أيضا المفهوم التقليدي للمحاكاة، أو ما فهمه البعض عن أرسطو من إن المحاكاة هي محاكاة الواقع والكائن بالفعل ، محاكيات الجخ هي محاكيات من الدرجة الثالثة أو الرابعة ، حيث تقوم على محاكاة النماذج الشعرية السابقة ، الشائعة و المستقرة ، الأمر الذي يمكن أن يخرجها عن مفهوم الإبداع، في المطلق، والإبداع الشعري بوجه خاص، والذي هو في جوهره عملية خلق خاصة وجديدة ، على مستوى صياغة الصورة الشعرية ، كما على مستوى ما تطرحه القصيدة من رؤى طازجة للعالم والوجود، من منظور ذاتي.
إن نظرة سريعة إلى إنتاج هشام الجخ المكتوب بالفصحى وبالعامية، يمكنها أن تؤكد ما ذهبنا إليه ، يمكنك أن ترجع مثلا إلى قصيدته " التأشيرة " وهى واحدة من قصائده الشهيرة ، وكذلك قصيدته المشهورة أيضا " مقطع رأسي من ميدان التحرير " ماذا فيهما ؟ يقول في الأولى :
"أسبح باسمك الله، وليس سواك أخشاه/ وأعلم أن لي قدرا سألقاه .. سألقاه/ وقد عُلمت في صغرى بأن عروبتي شرفي وناصيتي وعنواني/ وكنا فى مدارسنا نردد بعض ألحان/ نغنى بيننا مثلا : بلاد العرب أوطاني/ وكل العرب إخواني/ وكنا نرسم العربي ممشوقا بهامته/ له صدر يصد الريح إذ تعوى/ مهابا فى عباءته، وكنا محض أطفال، تحركنا مشاعرنا/ ونسرح في الحكايات التي تروى بطولتنا، وأن بلادنا تمتد من أقصى إلى أقصى، وان حروبنا كانت لأجل المسجد الأقصى، وأن عدونا صهيون شيطان له ذيل/ وأن جيوش أمتنا/ لها فعل كما السيل" .
إلى أن يكتشف عندما يكبر بأن الصورة ليست كذلك، فلا يستطيع أن يبحر من بلد عربي إلى آخر، لأنه لا يحمل تأشيرة ، فيروح يتحدث عن الفرقة والانقسام ، ويلعن الحكام العرب :
" لماذا الفرقة الحمقاء تحكمنا؟ / ألستم من تعلمنا على يدكم أن اعتصموا بحبل الله واتحدوا؟!/ لماذا تحجبون الشمس بالأعلام/ تقاسمتم عروبتنا ودخلا بينكم صرنا كما الأنعام/ سيبقى الطفل فى صدري يعاديكم/ تقسمنا على يدكم فتبت كل أيديكم". ثم يروح يؤكد هويته العربية بتنسيب نفسه إلى بعض البلاد العربية، حسب ما أملته عليه الموسيقى والقوافي ، متجاوزا حتى اختلاف الديانة و تناقضات المذاهب والطوائف تاريخيا ودينيا :
أنا العربي لا أخجل/ ولدت بتونس الخضراء من أصل عماني/ وعمري زاد عن ألف وأمي لم تزل تحبل/ أنا العربي فى بغداد لي نخل/ وفى السودان شرياني/ أنا مصري موريتاني وجيبوتي وعمّاني/ مسيحي وسني وشيعي و كردي ودرزي وعلوي/ أنا لا أحفظ الأسماء والحكام إذ ترحل" .
أدبيا يعتمد الجخ على مغازلة الجمهور العام ، بتبني رسائل ذات مضامين ، تتوافق مع نوازع وميول وأذواق وخيال هذا الجمهور العام ، ولا تصطدم معه، يقول له ما يعرفه، في العموم، ودون انشغال بتفاصيل، عبر أشكال مستقرة لا تعرقل تلقيه، ولا تدفعه إلى التفكير.
يلجأ الجخ إلى استعارة القناع الديني، والوطني، والعاطفي ، مستغلا ما لهذه الأقنعة والموضوعات من قدرات عاطفية، طبيعية، وربما بدائية ، على إثارة تعاطف الجمهور العام واجتذابه، مستعيرا أيضا قناع المحرض على الثورة، بما له من جاذبية خاصة لدى الجماهير، التي تعيش حالة رفض واحتجاج دائمة في مواجهة أنظمتها الفاسدة و القمعية ، فتتلقف الجماهير هذا الخطاب/ القناع الذي ينتمي إلى الشعار بأكثر من انتمائه للشعر، ليس لأنه يقول لها شيئا جديدا، أو يكشف عن وجه مختلف من أوجه صراعها ومعاناتها في ظل الأنظمة الحاكمة، إنما لأنه يقول بالضبط ماتعرفه، ولا تمتلك الأداة لقوله، بقول آخر تتلقاه الجماهير وتردده كنوع من التنفيس العاطفي العام، دون أن تنتبه إلى أن هذا الخطاب التحريضي ذاته، يعمل ، من حيث لا تدرى، على تفريغ شحناتها من الغضب أولا بأول ، حيث يشعرها بنصر زائف في معركتها، وبأنها قد انتقمت لنفسها من عدوها، فتعود إلى مواقعها هادئة ، منتفخة بالانتصار ، تماما مثلما تقوم النهايات السعيدة في السينما التجارية، أو المسرحيات الرديئة، بتفريغ شحنات التوتر لدى مشاهديها، بعد أن يكون صانع الفرجة قد أجاب عن أسئلتها، متجاوزا كل ما من شأنه تعكير صفو هناءتها واستقرارها، ودون أن تنتبه هذه الجماهير أيضا إلى أن الفيلم، أو المسرحية، أو الشاعر هنا قد قاموا بعزلها، وتحييدها، وتسكينها ، وانفرد كل وسيط منهم بسلطة مطلقة، الأمر الذي يكرر ويعيد إنتاج البنية الهرمية والقمعية ذاتها التي تكرس لأن يبتلع الزعيم أو الحاكم الفرد، أصوات الجماهير، وأن يطمس وجودها لحساب وجوده، ثم تجده فى التحليل الأخير كما فى حالة الجخ لا يقدم خطابا شعريا متماسكا وجديدا، أو عميقا، إنما يقدم قناعا ثوريا عاطفيا ، فارغا من القيمة الشعرية ، مرتبكا ، يختبئ وراء الشعار الذي يبدو من النظرة الأولى براقا وثوريا.
يقول الجخ فى قصيدته المشهورة أيضا " مقطع رأسي من ميدان التحرير"
" خبـئ قصائدك القديمة كلها / مــزق دفاترك القديمة كلها/ و اكتب لمصر اليوم شعراً مثلها/ لا صمت بعد اليوم يفرض خـوفه/ فاكتب سلام النيل مصر وأهلها/ عيناك أجمل طفلتين تقرران بأن هذا الخـوف ماض و انتهي/ كانت تداعـبنا الشوارع بالبـرودة و الصــقيع و لم نفسر وقتها/ كنا ندفئ بعضنا في بعضنا و نراك تبتسمين ننسي بردها/ و إذا غضبتي كشّفت عن وجهها و حياؤنا يأبي يدنس وجهها/ لا تتركيهم يخبروك بأنني متــمرد ، خـان الأمانة أو سهي/ لا تتركيهم يخبروك بأنني أصبحت شيئا تافــهاً و موجها/ فأنا ابن بطنك، و ابن بطنك من أراد و من أقـال و من أقر ومن نهي/ صمتت فلول الخائــفين بجـبنهـم. و جموع من عشقوك قالت قولها".
ماذا تقوله هذه السطور، وماذا يمكن أن تنقله لقارئ منتبه، عزلها عن سياقها التمثيلى، ونافذتها الجماهيرية المرئية والمسموعة، غير أنها سطور مرتبكة وملفقة ، لا جامع بينها غير قواف مقحمة أيضا، دفعت إليها الموسيقى، بغير ما انتباه يقظ لنسيجها الداخلي المهلهل، رغم قصرها، ودونما إدراك لضرورة انسجام معانيها، وأسطرها وترابطها في نسق شعري حاكم، يؤدى بعضه إلى بعضه.
فهي لا تحسم في البداية أمرها ؛ هل هو خبئ دفاترك القديمة أم مزقها ؟ على الرغم من الفارق الكبير بين الأمرين، حيث يحمل الأمر الأول إمكانية استعادة هذه الدفاتر المخبأة ، مرة أخرى ، في حال تغيرت الظروف، وهو مالا يحمله ألأمر الثاني القاطع والبات ، والذى يقطع الطريق تماما أمام استعادة هذه الدفاتر القديمة .
لايلتئم نسيج هذه القصيدة حول تجربة شعورية أو رؤية متماسكة ، على عكس ما تحاول أن توهم به، وهو ما يوقعها في الكثير من التناقض على مستوى علاقات أسطرها الداخلية ببعضها البعض ، مثلا : كيف يستقيم قوله : " لا تتركيهم يخبروك بأنني متــمرد ، خـان الأمانة أو سهي/ لا تتركيهم يخبروك بأنني أصبحت شيئا تافــهاً و موجها" مع قوله فى السطر التالي مباشرة : " فأنا ابن بطنك و ابن بطنك من أراد ومن أقـال و من أقر ومن نهي!! ؟ وكيف يستقيم هذا الطلب أيضا فى ظل السطر التالي أيضا والذى يقول " صمتت فلول الخائــفين بجـبنهـم و جموع من عشقوك قالت قولها"!!؟ فإذا كانت فلول الخائفين قد صمتت ، وجموع العاشقين قالت قولها فما معنى " لا تتركيهم !!؟ وماذا تعنى إضافة " بجبنهم " إلى " صمتت فلول الخائفين !!؟ كذلك ماذا يعنى قوله " لا صمت بعد اليوم يفرض خـوفه" أم تراه يقصد " لا خوف بعد اليوم يفرض صمته " حيث يخبرنا المنطق البسيط بأن الخوف هو الذي يفرض الصمت وليس العكس ، وما معنى " فاكتب سلام النيل مصر وأهلها" فإذا تغاضينا عن ركاكة الصياغة وغموضها ، فهل هذه الدعوة / الاقتراح هي البديل الثوري الذي يطرحه الشاعر بعد تمزيق الدفاتر القديمة ؟ أي سلام هو؟! وأي رؤية يطرحها الشاعر للواقع أصلا فى هذه القصيدة ؟ هل يمكن اعتبارها رؤية رومانسية قاصرة للواقع تكرس للاستقرار، وتعلن انتهاء الثورة واستتباب الأمر خاصة بعد قوله " فأنا ابن بطنك و ابن بطنك من أراد و من أقـال و من أقر ومن نهي" وبعد تلك الاستعارة الغريبة، والناتئة الذي جاء بها من قاموس الرومانسية " عيناك أجمل طفلتين تقرران بأن هذا الخـوف ماض وانتهي" ؟ سطر يدعونا لأن نسأل: من مصر هذه التي يخاطبها في القصيدة أيضا بقوله " وإذا غضبتي" فهل هناك احتمال ألا تغضب، خاصة وأن القصيدة تحاول أن توهم بأجواء ثورة غضب ؟!! إنها صور فارغة لا تعنى شيئا على الإطلاق، حتى مصر نفسها لم تحضر، هي مجرد إشارات تفشل فى بلورة أى صورة قريبة أو حتى بعيدة لمصر، ثم إلام يشير الضمير فى قوله " كشفت" ـ بتشديد الشين ـ وإذا غضبتِ كشّفت عن وجهها و حياؤنا يأبي يدنس وجهها" بحثت في القصيدة فلم أجد مشارا إليه ! هو كلام وخلاص .
ولكن لماذا يحتل شعرا بهذا الضعف تلك المكانة ، التي يحتلها لدى الجماهير، ويحتفي به التليفزيون كل هذا الاحتفاء ، ويدفع بعض النقاد إلى التغزل فيه أمام الكاميرات، خشية من الجماهير وتزلفا لها! ؟
أشرت فى بداية هذا المقال إلى أن النظر إلى "هشام الجخ" بوصفه ظاهرة إعلامية، يعد نوعا من الاستسهال ؛ حيث لا يشكل " الجخ " حالة خاصة ومتفردة ، يمكن قياسها كنموذج مختلف ومنفصل عن التوجه الإعلامي السائد، بل يمكن اعتباره مادة إعلامية ، لها أشباهها ونظائرها، ، فيمن يقبل عليهم الإعلام ويقوم بترويج بضاعتهم وتسويقها في كل المجالات الأخرى ، تلك البضاعة التي تتوافق مع توجهات الإعلام الكلاسيكية التجارية، الذي اتسع أمامه السوق، في "عصر الجماهير الغفيرة" ذلك العصر الذي رصد سماته د. جلال أمين في كتابه الذي يحمل الاسم ذاته، والتي من بينها تراجع الثقافة الرفيعة والجادة ، أمام اتساع السوق ، وما يؤدى إليه هذا الاتساع بالضرورة من انخراط وسائل الإعلام، والنشر في الإنتاج الثقافي الواسع، الذي لابد أن تتم التضحية فيه بالذوق الرفيع، والتضحية كذلك بالكيف من أجل الكم، سعيا للربح ، وهو ما يدفع هذه المؤسسات إلى إنتاج وتسويق ثقافة متوسطة، وسطحية تستجيب للقاسم المشترك الأعظم بين جمهور غفير من الناس، بغض النظر عن مستوى القيمة التي تقدمها، ومن ثم فإنها تقوم بتصميم رسائلها، وتصنيع مادتها، أو اختيارها وفقا لمتطلبات السوق " والجمهور عاوز كده " . لذلك تعلى هذه الوسائل ، خاصة التليفزيون، من شأن المثير والطريف والغريب من الأخبار والموضوعات والشخصيات، لترويج بضاعتها وتسويقها من ناحية ، ومن ناحية أخرى للسيطرة على هذه الجموع وضبط أذواقها وخلق كتلة متجانسة تستجيب للضبط والسيطرة عليها من ناحية أخرى .
يشير جلال أمين أيضا إلى أن الجمهور الذي يطلب السلعة لابد أن يؤدى إلى تغير طبيعة السلعة ، وأنه مع اتساع فرص التعليم فى مصر بعد ثورة يوليو ، مع تدنى مستواه ، وفى ظل تغير تركيبة الطبقة الوسطى في السبعينيات، اتسع الطلب على مثل هذه الثقافة ، غير المتعمقة، أو "اللاثقافة" والتى لاتقدم أفضل الأشياء وأعمقها وأنبلها وأجملها أو أكثرها ذكاء، إنما تقدم أكثرها استجابة للغرائز الدنيا والسطحية.
لهذا سادت التفاهة وبرامج التسلية وأفلام ومجلات الجنس والمخدرات والمنوعات، وبرامج المسابقات ، وطردت العملة الرديئة العملة الجيدة من السوق ، وهو ما أحسب أنه السياق الذي يمكنه أن يفسر لنا ظاهرة انتشار أشعار هشام الجخ، رغم ضعفها، جماهيريا وإعلاميا، والذي يمكن وضعها جنبا إلى جنب مع بروز شخصيات أخرى لا لقيمة تحملها ، ولكن لأنها تحمل شيئا من الجذب، يصلح لأن يكون سلعة تقبل عليها الجماهير. وهنا تأتى موهبة هشام الجخ التي نعترف له بها، وهى التمثيل ، وقد استطاع أن يجعل من أشعاره بفضل أدائه التمثيلي لها سلعة جاذبة للجمهور، وهو الشيء المطلوب ليقبل عليها التليفزيون ويعيد تدويرها ، الأمر الذي يترتب عليه من ناحية أخرى أن يظل هشام يكتب بانتظام ، يقدم إنتاجا بالجملة ، ليلبى حجم الطلب عليه ، ويضمن ظهورا دائما على شاشات التليفزيون، مستغلا إغواء الصورة وقدرتها على التأثير، تلك التي يمنحها له الحضور الجسدي، والصوتي، التمثيلي ، على الشاشة وأمام الجماهير ، الأمر الذي لا يوفره له الكتاب المطبوع ، والذي يعلم هشام أنه سيجرده من موهبته ، و يضعه وجها لوجه أمام العقل الناقد، الذي سرعان ما سيكتشف ضعف ما يقدمه وعدم استحقاقه .
لهذا لم يقدم هشام إلى الآن على طبع قصائده في كتاب، فأين يذهب بتهدجات صوته، وتموجاته ، حاملا انفعالاته ما بين الأسى والفرح ، ما بين بكائه المكتوم وتهكمه ، وتصميمه ، أين يذهب بالتماعات عينيه، وتطويحات يديه، ومغازلته للجمهور قبل وأثناء إلقاء قصائده ، وهى أسلحته الحقيقية فى غزو انفعالات الجمهور والتأثير عليه !؟
أنا شخصيا لا أصدقه، أستبين حجم الصنعة والتصنع في إلقائه وتمثيله ، أعرف أنه لا يقول شيئا ينتمى للشعر حين يغمض عينيه بأسى ليقول: " شعور سخيف/ إنك تحس بإن وطنك شيء ضعيف/ صوتك ضعيف/ رأيك ضعيف/ إنك تبيع قلبك وجسمك/ وإنك تبيع قلمك واسمك/ ما يجيبوش حق الرغيف
ولكن الجماهير تصدقه.
كان سقراط يتجول في شوارع مدينته أثينا ، يحث الناس على ألا تستلم للرأي الشائع والسائد، يدفعها نحو التفكير ومناقشة كل ما يعرض عليها من أمور، كما كان يرفض الديمقراطية الشعبية رفضا قاطعا، ويرى ضرورة أن يتولى الحكماء الحكم، فهل كان يقرأ المستقبل، ويرى بعينيه عصرنا " عصر الجماهير الغفيرة " والتليفزيون .