2014/09/06

من ديوان شبه الحزن للشاعر| سعيد عبدالمقصود





يا غُنا يا دممممممممممم
سيما حتفتح فيلمها للناس
تهاود الكومبارس
تزقه ف بطوله
بغمزه من عينه
يفتح بلاد
وهبدْ ايدُه
ينهز له بحرين
يرجع التاريخ
اذا حس السيناريو
بيخون ف جماهيره
ويلغة من كتب المدرسه
نكسة (67)
ويعلن (25)يناير
عيد قومى (لشرف المحاولة)
ويكمل حروبه بكل مثاليه
بضربه من سيف
أو هبده من نبّوت
يضيف مشهد صامت
لجيوش الأعادى
وهما بيتمسحوا من ع الخريطه
ومشهد ختام
على ناصية العالم
وسط كل النجوم
والأوليا
والشُطار والعيارين
وصريخ الجماهير
وهوه بيستلم جايزة
(التمثيل المشرف)


من ديوانى شبه الحُزن الصادر عن دار الأدهم

سعيد عبد المقصود

من وحي صورة... للشاعر| أحمد موسى




عارف يا نسر ..
انا لو مكانك مش هطير
هحضُن بقوّه ومش هسيبها عشان بَغير
مصر ارتجال الأمنِيَاتْ , نبض ابتكار الأغنياتْ
سرّ اكتمال الرؤيَه ف عيون الضرير
مصر اللي زاهيه بفرشَها
وطريقها باهي بمشيَها
بخته اللي يملك عرشها , ويكون مُشيرْ
..

من وحي الصوره

كفايه عتاب في غربتنا.. للشاعرة| بسمة شعبان





وهاكتب لك كلام يمكن

ماتفهمهوش حواديتك

بطول الجرح فات عمرى

وانا بستنى يوم عيدك

واطبطب ع اللى راح منى

واطمنى

أكيد راجع فى يوم بكرة

أكيد هتلومه يوم ذكرى

مسيره يراجع الفرقة

يعاتب روحه م الحرقة

يدفى ضلوعه بضلوعى

ونتواعد مع الايام

مسيره ينام ويسمعنى

يدّمعنى

يرّجع لى الأمان مرة

فى طلة فجر

وطال الهجر فى سنينه

ولايمينِّى اللى لايمينه

ملامح أوضة ع الشاعر

ونور لأدانه فى الجامع

وكرسى جريد بيتمايل

يمرجح روحنا ع الأحلام

وإيدى فى شعره لما ينام

بتقراله فى سورة الفجر

وألف امام باطوف فيهم

وبادعى لربى يحميهم

واقول له يارب عدّلها

مسيره المايلة يعدلها

مسيره يحقق الأوهام

وتتعب روحى منى وانام

واخدنى فى حضنى بالقوة

واضم جروحى من جوه

واشد براحى م الدنيا

واغطينى فى صميم البوح

واشوفه بعيد بينده لى

ملامح قلب من أهلى

واعدي له فى بحور الصبر

واشوف الصعب بات سهلى

يانا ياللى الحاجات فيكِِ

بتطرح شوق مالوش معنى

بننده فى اللى ودّعنا

بنترحم على قلبين

صداهم شوك

بيوجعنا

كفاية عتاب فى غربتا

وخبينى فى حيطان بيتنا

ومدينى بسنين بتروح

وسميها افتعال فتنة

بحور الصبر صابها جمود

وقلبه اللى بِعد مفقود

عيونه اللى انتِ وعداهم

مابيوَّفوش فى يوم بوعود

2014/09/04

الشاعر الكبير محمود الشاذلي يرثي المناضل الكبير أبو العز الحريري





توقف أبو العز الحريري عن العطاء مجددا لوطنه الغالي .. وحبة عينه مصر .. وفقراء مصر من العمال والفلاحين .. توقف ولكنه لن يرحل عنا سيبقى أبدا بنضاله وكفاحه وشجاعته النادرة مثالا لشباب مصر .. لم يكتم في حياته قولة حق .. ولم يكف يوما أن يواجه السلطة والحكام المستبدين الخونة ولم تفلح أساليب الحصار والتعذيب والسجن والتشهير به كذبا وزورا وبهتانا عن خوض المعارك تلو المعارك في وجه الظلم الأسود .. نوره الساطع بأفعال نضاله الجسور سيظل بدرا ينير سماء مصر .. كن مطمئنا يا أبو العز يا رفيق النضال .. سائرون على دربك .. نحن وأبناؤك وشبابنا الصلب من أجل مصر وفقراء مصر .

...........................



وكما كتبت وقلت في ديوان رصال الكلام .. في قصيدة " غاب اللي كان " يوم استشهاد المناضل الشاعر زكي مراد ..
أقولها يوم رحيلك عنا جسدا وبقاءك رمزا مضيئا لأبناء مصر :

كل يوم الموت بيزْفُرْ ألْف آهَه ..
من تدابيره العَجَبْ ،
كل يوم الموت بيُرْقُص ع العَتَبْ ؛
رَقْصِةِ الطـِير الدبيح
لما اتْرَشَقْ في القلب سِكِّين الغَضَبْ
وحَطَّمِ الشعب المسيح ..
كُل صُلْبانُه الخَشَبْ
هُوََّا ده الموت الكسيح
وانت اللي سابق كل موت
يا بو عمر ضاع مِنَّا انْسَرَقْ
هوا ده الموت الضرير
وانت اللي صورْتَكْ في العيون ..
شُعْلِةْ عَرَقْ ؛
تِفْرِشْ ضِياها ع الطريق .
هوا ده الموت الغريق ؛
اللي خَدْ مِنَّا الجسد
لَكِنِّ روحَك يا رَفيق ؛ بِنْتِ الحياه
كل يوم تِوْلِدْ لِمَصْر الْمُشْمِسَه ؛
مليون رَفيق !!.

نافخ البوق... الشاعر محمد مجدي




يمكن اكون
صدقت احلام المدينة الفاضلة
شفت اتساع شكل الوطن
من غير حدود تفصل ما بينا
واختصرت العاصمة ف وردة
يولى الناس ايمانهم
شطر اوراقها
العبير بسحب من القلب الضغينة
ونرتشف حلم التزاوج
بين تعاليم الاله والمؤمنين
إنا جعلناكم شعوباَ
كى تدوبوا ف اختلافكم
ترسموا وش الطبيعة البكر
أجمل من جنان الخلد
يهتز السؤال الجوهرى
من كل اسراب الملايكة
لخالق الاراضين
_ ازاى هاتخلق فيها من يفسد جمالها
ويستبيح طهر التراب
بالدم
قلبى المبتلى بالهم
لم يفهم .. مرادهم لما قالوا
واحنا بنسبح بحمدك
ربما حسيت كمالى
لما قال الرب ليهم
يسجدوا
ف ازاى نمر لقبة السموات
عرايا من الخجل
راح تنحنى كل الرؤوس
إن لم تكون الارض أحلام الملايكة
يسكنوها خالدين
أو يفرشوا الضى الالهى من جناحهم
تحت رجل الصاعدين
ويوزعوا الجنات.
،،،،،،،،،،،،،،،
ــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــ

نافخ البوق
محمد مجدى

دَسْتور ياهللة ياصـاحب البــيــت.. للشاعر/ محمد أحمد خفاجي




...........دَسْتور ياهللة ياصـاحب البــيــت ...........
...........سرقوا الطومبيل وأديني مشـيت............
..........من حـــــــارة لشارع لـــحـــواري............
..........من قلب الدنيا خلاص أنـــــا جيت............
..........أتــــحــدى كــــــل الـــحــرامـية.............
..........قالوا شالوا رئيس أنا قمت صحيت............
..........أتاريه كـــــان حلم الغـــجـــريـــة............
..........قمت اتخضيت تـــهــت وملـــيت.............
..........ودماغي صبـحت مـــــلـــويــــة..............
..........دَسْتور ياهلله يـاكــــل بــــــلاد..............
.........سرقوا الطومبيل سـجــنوا الأولاد.............
.........منـــعـــوا الـكهربا منـــعــوا المية.............
.........دَسْتور على كــــــــــل الحرامية..............
...........دَسْتور ياهللة ياصـاحب البــيــت ...........
...........سرقوا الطومبيل وأديني مشـيت............
..........أتــــحــدى كــــــل الـــحــرامـية.............
.

........


محمد أحمد خفاجي

الهوان... قصيدة للزعيم الهلالي





الهوان
*************



كتر الهم
نساني البكا
ومشيت ورا الأحلام
اغني
لا دمعتي
ف الحزن بتوا سي
ولا ضحكتي
ف الفرح بتهني.

************
كل الكلام بايخ
وريحته شياط
واللي أتبدل ف الحكم
دلس علينا وزاط
نفس المواني
يا بر بتزورك
تحرق مراكبك
وتعلي محظورك
وانت اللي شايف
قصورهم
بتذل في جدورك
مسكين لمين البكا
لو كان ف مقدورك

***************
مشغول برمل الرصيف
يرمح ف قلبي الشتا
ويحني ايدي الخريف
يشمت في لوني العدا
وانا البعيد القريب
من انين قلبك
سامعك بكل المعاني
وبوعد ك تاني
نعبرخطوط الصبر
وبهمتك تاني

***********
حني كفوفك
باللي فات م القهر
في حلوقنا طعم الاسي
حنضل وصبر ومر
كلام بيخطف قلبي
من صمته
ويعدي فوق السكك
شايل جروح غلبه.

************
الورد هجر الجناين
دبلان ورا الاسوار
علاء ودومه سنابل
كلها اصرار
بيحوشو منها البكا
للشاهدين اصرار
في السجن سور متسع
لمعامل الثوار
اما البراح
للغواني
ويزينوه أشباح
...........

محمد مصطفي الهلالي

جوابي اليتيم... من تنهيدات الشاعر/ صلاح يوسف





(جوابي اليتيم)

..........


بضي النور
وبكتب له جواب يامه
حروف احساسي من نورك
وورقه البوسه والضمه
وغصن اخضر
دا مظروفي
عليه الصحبه واللمه
بلون النيل وبكتب له
جواب يامه
*********
وقلت له يامحبوبي
تعاللنا
بسبحة قلبك الطاهر
تنور لينا ايامنا
وتبدر فينا احكامك
وتحصد بينا احلامنا
دا اسلامنا
وايمنا
نور بيشع لوجدنا
تعالي انزع الحمي
بضي النور
وبكتب له جواب يامه
*************
ولما انام
تيجيني عينيه
تقولي اصحي ماتنامشي
انا هامشي
وفايت ليك كتاكيتي
وبعد الولد مايهونشي
اوعي الوصل مايدومشي
اصرخ لاء استني
يقولي لاء انا هامشي
واقوم مفزوع واتعوذ
من ابليس
ومن كوابيسه الرمه
بضي النور
وبكتب له جواب يامه
*****************
وانتي كنتي دعياله
اتاري الدنيا وعياله
وحالفه تيتم عياله
وهما دولي راس ماله
واسلامه وايمانه
شايلهم فوق علي راس التاريخ عمه
بضى النور
وبكتب له جواب يامه
*************
وفاكره يامه يوم سفره
وحكمه قالها من حكمه
تحاسب م الزمن حفره
ومفهمتشليها معني
وايه القصد من حذره
وعدت ساعه ساحبه ايام
وبعد شهور
وكان قدره
جاني خبره
بواحد جاب لي من أطره
لفافه سودا واداني
ساعتها لقيت صدي الحكمه
رنين بيشد ف وداني
يقول ادي حفره من حفره
مصدقتش
اكيد دي من الزمن خمه
جريت يامه
وطاير ساق الهمه
وصرخة رعد من حوه
بكل العنف والقوه
تقول لاءه
دا مش هوه
واقول يارب الهمني
من الصبر ومن القوه
ياريتني اكون انا هوه
بحرقة شوقي بتلههف
وفوقي جنوني بترفرف
تشعلل ناري القايده
مفيش فايده
كأني ف حلم جوايا
بضربه حطمت قلبي
وألمي كان سند ضهري
ودمع الجمع فاحت بحر ريح بحري
وصوت المدنه بيدووي
وناس علي روحه بتصلي
وغيرهم بره مستني
لقيت القبر متحني
وبعد الدخله خيت ف حضنك اترمه
لقيت عيال هنا بتبكي
ناسيه تقول اكل ممه
وراح يامه
ولسه جوابي ف ايديه
أهوه يا امه
أهوه يا امه
...............

(تنهيدات صلاح يوسف)

حلم الغلابه رغيف.. للشاعر/ محمد حميدة




حلم الغلابة مش رغيف
...............




يا عتمة الليل الطويل
أنا قلبي زي الفلاحين
بيكونوا عز الضلمة نور
عارفين طريقهم والسكك
تحت القدم بتكون صديق
بتبشبش الطوبة إن تكون
تحت القدم راح تستقيم
يا عتمة الليل الحزين
دمع الحيطان متسرسبة فوق الرصيف
فإزاي ينام إبن الشوارع ع الحيطان
وإزاي يكون حلم الغلابة
مش رغيف
مش شئ مخيف
إن الظلام في الليل يطول حبتين
ما العتمة في بطون العيال أغمق كتير

وما فيش نهار بيخشها
غير ضي مخنوق في الرغيف
وما فيش فرح بيخشها
ولا حتى زيف

لمّا بطّل فجأة...... للشاعر/ أسامة منيسي





فلاح بمنجل وشجرة توت
واقفة بثبات
عامل بترس
شال حب وطنه
جوه ف قلبه
من سكات
مبطلش يحلم
ولما بطل فجأة
مات

لما كنا صغيرين.. للشاعر/ عمرو عفيفي





لما كنا صغيرين
كنا نسمع عن رجال
عن بطوله
عن نضال
عن سجون وعن اعتقال
بس ابو العز الحريرى
كان لنا أكبر مثال
كنا نسمع ياما قصة شنطته
اللى مافارقتش إيده
شنطة كانت حاضنه حلمه
لقمة المصرى الحلال
من إيديه الشقيانين
لما كنا صغيرين
...............
إندهولها الست زينب واضحكولها
جوزها فى الجنه ياعالم
إفرحولها
واسألوا هند اللى شافت
أو حكولها
عن حياته
عن شقاه
عن مرار ظلمه اللى كان مفطوم معاه
وانت ياهشام يابن ضهره
قول ل هيثم ينسى قهره
أرض ابوكوا كات شقا
انما أرض اللقا
جنه مفروشه ل لقاه
آاااااااااااه ياابو العز بصحيح...
جنتك لو يوم نطولها.....
حلم عيشنا بنحلمه طول السنين
لما كنا صغيرين
....................
...................

(( عمـــــــــــــرو عفيـــــــــــــفى ))

2014/08/23

سكوت.. للشاعر/ عادل التوني




سكوت
..........



سكوت
الله يلعن أبوك ياسكوت
يابنتى عينك بتحكى صمتنا العاجز
أعدى حاجز ألاقى 300 حاجز
عينك بتحكى يابنتى
معنى لحظة موت
..........
يالسانى إنطق بقى
قوم حرر الكلمة
إيه بعدها المشنقة
لو ماتت الكلمة
إنطق ياتخرس وتكتم
كل همسه وصوت
الله يلعن أبوك ياسكوت
..........
عينك يابنتى بتقنص قلبى برصاصة
أدارى منك إيه وانت إللى كاشفانى
الموت فى عينك حياه
وأنا من حيا عينك
ميت بموت تانى
..........
يارافعه كل الجباه
طاطيت أنا راسى
بكتب مابين نظرتك
ونا راسى منداسه
..........
عينك يابنتى بتقنص قلبى برصاصة
ياننى عين بابا سجنانى فى عيونك
ياحرة وسط العبيد
انا إللى مسجونك
يابنت وسط الرجال
ب 300 راجل
ياقلبى لو فيه حبيب
الباقى بيخونك
..........
شريان حياتك أنا ؟؟
دانتى إللى شريانى
رخصت أنا دمك
وبعزة شاريانى
ياليلى كنت الحبيب
أصبحت أنا الجانى
ياحرة وسط العبيد
أنا إللى مسجونك

..........

عادل التونى

2014/08/22

ديوان الفتافيت للشاعر مسعود شومان... هجرة المفردات جماعات وفرادى... بقلم/ ياسر المحمدي




ديوان الفتافيت للشاعر مسعود شومان
هجرة المفردات جماعات وفرادى
بقلم/ ياسر المحمدي


مسعود شومان

تتكون منظومة التفكير لدى الفرد والمجتمع عبر الطبيعة التراكمية لهذه الأفكار وما ينشأ عنها من العلاقات ذات النمو المستمر والمتحول،فكل لحظة تمر في الزمن الذي نقيسه بساعتنا اليومية تستقر في كيان الفرد أو المجتمع على السواء مكونة انطباعات أولية تتحول إلى عادات وممارسات مع مرور الوقت،تنتقل التصورات في علاقة تبادلية ما بين العقل الفردي والعقل الجمعي متجسدة في الواقع ومحددة الوضع الآني لكلاهما،هذه التصورات التي تسهم _أيضا_ في تحديد وضعيتهما في المستقبل،تهاجر الذكريات الصغيرة والتجارب والمفاهيم في إثر انبثاقها من عالم المثل إلى الواقع وتتحد مكونة قواعد ومفاهيم عامة وصورا كلية تأخذ حيزها من الوعي الفردي والجمعي،في هذا الصراع الدائم ما بين عالم المثل والواقع تنتصر تصورات وتنهزهم أخرى،وهكذا في تكرار موجي ما بين القطبين الواقعي والمثالي،لكنه وفي أثناء هذه الحركة البندولية ثمة تصورات جديدة تنجح في الانفصال بكينونتها وتغيير طبيعة هذه العلاقة،يحدث ذلك على المستوى الذاتي بادراك هذه التصورات لوعيها وحركتها على أقل تقدير،وهو ما يتفق مع الطبيعة الانتقائية للفن،إن العين تُصور والعقل يَتصور ويُصور،فالحس يستقبل الأشياء الطبيعية في نفس الوقت الذي تستقر هذه الأشياء في الإدراك الواعي والباطن_معا_ آخذة صورة ذهنية قابلة للتطور في وضعها هذا،يمثل الشاعر/الفرد أحد لحظات الوعي للعقل الجمعي على المستوى الفردي،حيث ينفلت من منظومة الواقع واللغة بتداعيهما الحر واضعا كلاهما في لحظة الإبداع تحت السيطرة،منتقيا ما يريد من المشاهد الواقعية والمفردات اللغوية ليصنع كيانا جديدا هو قصيدته،ينقلب الوضع في هذه الحالة،حيث تتحول منظومة اللغة إلى مجرد نقطة في عالم الشاعر والذي يصبح بدوره الوعي الجمعي للغة وإن كانت هذه اللغة هي قاموسه الخاص،إنه يُنتِج المفردات والصور بطبيعتها البسيطة والمركبة ويوجهها خارجة من نظامه التمثيلي/عالمه إلى الوجود مرة أخرى بصفتها عالم ونسق يفسر نفسه،وتأخذ هذه الصور والأنساق موضعها وفق عموميات الثقافة والتواضع اللغوي لدلالات المفردات على المعني _الظاهر منه والباطن_ في العقل الجمعي/المجتمع،إن عملية الدمج التي يقوم بها الشاعر بين المفردات محدثا أثرا دلاليا جديدا تبقى هي العلامة الدالة على حضوره في القصيدة،فثمة هجرات تتم بين عوالم متعددة يُغذِّي كل منها الآخر.
ديوان الفتافيت
اللغة في ذاتها عالم ونظام له طبيعة عمل خاصة به،أما عندما يستخدمها الشاعر فإنها تخرج من وضع سيطرتها إلى سيطرته (هو)،لتصبح نظاما تمثيليا يعبر عن عالم التصورات الخاصة برؤيته لذاته وللعالم،أي أنها علامة من الشاعر لقارئه لكي يتواصل الطرفان،تبرر لغة الشاعر نفسها عبر دلالتها المباشرة أو المجازية،كما أن الشاعر يَعمَد في الغالب إلى وضع المبررات التي تهيئ للقارئ استقبال لغته بما تتصف به من مفارقة للغة الحوار اليومي،هكذا يبدأ مسعود شومان ديوانه (الفتافيت) بتصدير لـــهيدجر"إنني قد أموت في أي لحظة لأن الموت هو الإمكانية التي أحملها الآن،وفي أي وقت،إنه بمثابة الشرك الذي تنزلق إليه قدمي في أية لحظة "،وعليه فإن نص الديوان بجمتله يمثل رحلة في زمن مطلق متحرر من أية قيود،إنه يمكن أن يكون رحلة تأمل تحت الجفون استعدادا للموت أو لحظة غيبوبة ما قبل الموت أو لحظات استعادة نفترضها بعد الموت،تتابع المقاطع الشعرية حاملة الذكريات والمشاهد في سياق سردي يجمعها،يتم هذا الترابط من خلال شخصية الديوان التي تحاور نفسها أو يحاورها آخرون في لحظات سابقة على لحظة التذكر التي تعيشها شخصية الديوان/صوت النص(سعيد) والتي يأتي ذكرها مرات معدودة في مقاطع متباعدة "مزيكا يا سعيد ..بتغرق الواحد ..وتبل القميص والبنطلون..وكمي يفضل ينطر ع العيال القرع..لحد ما يفتحو"،تتم عملية التمثيل المعرفي من خلال عبور الواقع بلحظاته المستعادة من كينونة (سعيد) التي تحضر بذاتها أو تحضر بغيرها،فالمقطع السابق ذكره يمثل حضورا بالذات في النص عبر المونولوج أو التذكر،كما تأتي غالبية الديوان على هذه الشاكلة من الحضور بالذات،الذي تدلنا عليه الضمائر( المتكلم_المخاطب)حيث يتكلم عن ذاته مباشرة أو يخاطبها،كما نجد الحضور بالغير والذي يبقى أحد مستويات الحضور بالذات في النص ككل،حيث يتدخل صوت خارجي ليقوم بعملية السرد الشعرية في مقاطع متعددة،يقوم هذا الصوت الخارجي بدور العين الأخرى التي ترى ما لا يستطيع (سعيد) رؤيته عن نفسه،وهو في الغالب صوت المحبوبة/الذات/الروح/الحياة/الوطن... " هربدني ..لا شدني ..لا مد ايده ناحيتي..لكنه مدد على الرعشة ..ضرف مليانة بالفساتين .. يا هلترى توب العروسة..بتطرزه النخلة اللى واقفة ..فوق قنايا ضحكنا ولا الدولاب مفتوح "،كما نجد هذه الثنائية واضحة (الحضور بالذات_الحضور بالغير) في الصفحات الأولى عبر مقطع شعري يشير إلى هذا الإزدواج"هي=هوى..هوَّ=هَوْ هَوَة..هو=عود مصلوب..هي مِتْلوْلَوَة..هي=حباية مشمش..هو=نوى"،وهو مقطع يقوم بدور تأسيسي لتداخلات الأصوات عبر النص/الديوان،ما بين هذين الحضورين تتوزع المقاطع الشعرية لترصد تحولات الذات وأزماتها الوجودية والمعرفية بلغة تتسم بالمفارقة لواقع الاستخدام اليومي بل والمجاز اللغوي المتعارف عليه في الغالب،حيث تحضر المفردات في صيغتها المنفردة لا لتدل على التصور الأولي للمفردة،فالحمامة والشجرة والناى ...،ربما تحيلنا إلى السلام والثبات والشجن أو غير ذلك من الدلالات التي تتحملها المفردة في السياق،وهي جميعها دلالات ارتبطت بهذه المفردات عبر تراكمات معرفية و أصبحت مع مرور الوقت عموميات ثقافة في المجتمع،فحكاية حمامة نوح وحكاية حمامة المسيح تمثلان الخلفية المعرفية الأبعد للربط ما بين الحمامة كعلامة تشير إلى السلام والمحبة والمباركة،تتجاوز المفردات في سياق النص حتى هذه الدلالات المجازية التي اعتدناها حيث يجمع مسعود شومان بين المفردات المتنافرة،وهو في ذلك لا يرجو غرابة التصوير أو الدلالة،يقول "بينك وبين قلتها جرح غويط ..وهديل على الأبراج..مليان بريحة المياتم..وهي بتعرّي الكسوف على كتفها وتزوغ..شايف دموع الانبيا على كمك..لمت عيال الناصية في تنية قميصها ..واتجرجرت في العياط...."،نجده يجمع بين (القُلة_الجرح) مستخدما العلاقات الجزئية للمجاز،فالقلة تحمل الماء بينما يشير الجرح لتوتر العلاقة،حيث تفيد الجملة كاملة أنه لا يشرب من القلة لما بينه وبينها حواجز تحول بينه وبين ودِّها أو الشرب من ماء قلتها،حيث يمكن للجملة " بينك وبين قلتها جرح غويط"،(خصام)،أن تحل محل المقولة الدراجة "بينك وبينه مصانع الحداد أو بينك وبينه حديد،كذلك (بتعري الكسوف_كتفها)،فما علاقة الكسوف بالكتف؟،ترسم الجملة وضعها في حال الخجل،فعند الكسوف من المتعارف علية في لغة الجسد أن تميل الأنثى برأسها إلى كتفها قليلا،إنها في حالة الميل هذه تعبر عن كسوفها،هذا الميل والتعبير الجسدي أسماه مسعود شومان "تعرية"، كما حلت مفردة الكتف محل الرأس كقرينة دلالية،كما يعتمد الشاعر المفارقة _أيضا_ في استخدامنا لبعض الحكم والأمثال،حيث تحضر مفردة مغايرة للمألوف في أصل الحكمة أو المثل ومعها دلالتها الجديدة التي تغير من دلالة المقولة"سقطتْ بحبك بينا ..زى الفحم المبلول..لو قلبي عرق..كنت أصدق..آدى الجمل ..وآدي النخل"،نقول في الدراجة آدى الجمل وآدي الجمال،والميه تكذب الغطاس،حيث حلت مفردة (النخل) محل مفردة(الجمَّال)،وعملت على استحضار دلالة مفارقة،ففي حال الجمل والجمال قد ينجح الجمَّال في الاختبار أما في حال الجمل والنخل بالطبع لن ينجح الجمل في صعود النخل،ففي العلاقة الأولى ظنية وشك في حبها أما في الثانية تفيد هذه الاستحالة يقينة عدم حبها له،على هذا النحو تتعد المفارقات اللغوية في الاستخدام منتقلة عن المعنى الأولي وبل وحتى المجازى المتعارف عليه إلى وجود دلالي مغاير داخل نص مسعود شومان.
يمثل العالم وحدة وجودية مفرداتها الكواكب والنجوم والشجر و...،وهو في ذلك النموذج الاتصالي الأكبر،ومن المتعارف عليه إن أي نموذج اتصالي تتمم فيه نوعان من الحركة( التغذية والتغذية العكسية أو الراجعة)،كما تمتلك بعض الوحدات داخل هذا النظام طاقة كبيرة في مقابل وحدات ذات طاقة أقل،تستطيع الوحدات ذات الطاقة الكبيرة جذب الوحدات الأقل إليها،هكذا تكونت النجوم والكواكب في الفضاء،إن العالم شكل أو نمط دال يحاكيه الفنان فيما يعرف بمحاكاة النموذج،تتوزع المقاطع الشعرية في ديوان الفتافيت في بناء عالم النص على ضوء هذه المحاكاة،ما بين مقاطع قصيرة متتالية يعقبها مقطع طويل،تتحرك المفردات عبر طاقتها الدلالية من مقطع لآخر،ثمة تكبير وتصغير،تكثيف وتمدد،ففي حين يتحدث مقطع قصير عن مشهد ما وترتبط دلالته مباشرة بلحظية المشهد في الصفحة الأولى مثلا،تتبادل المفردات والمقاطع الشعرية طاقتها عبر شبكة العلاقات الدلالية داخل النص،إننا نستطيع أن نلحظ هذه الحركة بمتابعة الخط السردي والدرامي للمشاهد التي يستذكرها (سعيد)في فضاءه/الموت/النص،أو من خلال التركيز على بعض الدلالات الكلية لمقطع ما وأثرها في حالة النص ككل،مثلا،ص96 "رقصه ولا حنجلة..ولا شاش ع الجرح..ولا مرود كحل وسط العفار ..و لا قتيل بيتمشى قبره لحد بابه"،ص97 "ميكياجها ف القطن لابيض..بيصرخ للخلا..وكفني ف الأوض بيزورها..إزاي نتقابل"،يحضر المقطعان في مفردات جديدة داخل أحد المقاطع الطويلة ص100 "قد إيه كان جسمها ساعة ما طارت..قد حزن السما لما رمت وردتها لنار الانبيا.. وكنت أنا مخطوف ف مركبها .حواليا نخل وعيال بيرجموه..يسقط عفار السما ويبل توبي..وانكسف منك ..طب قده إيه جسمي..وانا تحت منديلها بنز البكا..الله ..كاسي ورد القميص بالمر..إزاي ألامس جسمها...."،إن الدلالة الكلية للمقطع القصير الأول تعني في مستواها الأول أن حياته سير نحو الموت، أما المقطع الثاني فهو حنين للقاءٍ مستحيل بين ميتين؛كل منهما في عالم معزول عن الآخر،تحضر هاتان الدلالتان في المقطع الطويل،كما تحضر بعد المفردات بعينها( العفار،الرقص)،غير أن المشهدين الأوليين يقفان في لحظة زمنية سابقة على مستوى البناء السردي،فالمقطع الأول رصد لوضعه الراقص في الحياة في طريقه للموت،والثاني يصف وضعية استحالة التلاقي،أما المقطع الطويل فهو تمدد يشمل هذين المشهدين ويتجاوزها في وصف مشهدية موتها وتساؤله عن حاله وهيئته حين يموت هو الآخر،حيث ينتهي بالسؤال ص101"طب قد إيه جسمها ساعة ما طارت ..وقد إيه يكون جسمي ..ساعة ما يطير"،على هذا المنوال تتحرك المفردات ودلالاتها داخل فضاء النص/ديوان الفتافيت،ما يمكن أن نمثله بسريان نهر بقوة تدفق تتأثر باتساعه وطوله وتؤثر فيه طرديا،محدثة في بعض المواضع انهيارا في الجرف فيتسع عرض النهر اتساعا ملحوظا عند هذه النقطة وبالطبع تكون نسبة الماء التي تحويها أكبر من مثيلاتها على طول امتداد النهر،الفتافيت الشعرية لدى مسعود شومان رحلة تهاجر فيها المفردات والدلالات كل على حسب طوله الموجي وطاقته داخل النص/النهر/العالم.





ياسر المحمدي

هتخلص ليه حكايتنا.. للشاعر/ أسعد غالي





هتخلص ليه حكايتنا
وانتِ القلب ويا الروح

وانا امبارح بإحساس حى
واحلامك لبكرة الجى
ومين عنده دوا نوحك
ومين يفهم نغم دوحك
ومين لو توهتى عن حلمك
هيعرف فين طريق روحك

وتخلص ليه حكايتنا
وبيتى ودنيتى حضنك
وحضنى لو يضيق الكون
يكون عالم على قدك
وبيتنا بالغرام جنه
حدودى وجنتى حدك

وتخلص ليه حكايتنا
مادام حضنى دفا بيكى
وف أديكى حياة قلبى
اللى عاش ملهوف
على قلبك

وتخلص ليه حكايتنا
مادام لينا الهوى مقسوم
ومين فينا يبيع روحه
ولو يحاوطنا تل هموم
ونتشابك .....ونتباعد
ونحضن شوقنا ونعاند
ولا فينا اللى يقدر يوم
يعيش محروم
-----------------
أسعد غالى

أورنش جزمتي.. للشاعر/ عصام سعد





أورنش جزمتي..

للشاعر/ عصام سعد



سينما الصورة فى ديوان (جايز ترتاح .. جايز) للشاعر السعيد المصرى.... بقلم الشاعر/ إبراهيم خطاب




سينما الصورة فى ديوان (جايز ترتاح .. جايز)
للشاعر السعيد المصرى
بقلم الشاعر/ إبراهيم خطاب



بعيدا عن التطورات المتلاحقة لقصيدة العامية المصرية فى اللحظة الراهنة، لا أقول حتى أصبحت منافسا شرسا لقصيدة الفصحى وفقط.
بل فى كثير من الأحيان تجاوزتها بمراحل على مستويات عدة، من الصورة، اللغة، الشكل، الأسلوب، البناء، الطرح،.. الخ
فما بالنا اليوم ونحن نشهد هذا التطور المضطرد فى قصيدة العامية بشكل عام، وقصيدة (النثر) العامية بشكل خاص، تلك القصيدة الشعرية التى قامت على كاهل مجموعة من رموزها مثل الشاعر الراحل/ مجدي الجابري، والشعراء يسرى حسان، مسعود شومان، محمود الحلواني وغيرهم.
هؤلاء الذين تحملوا الكثير ومازالوا تجاه حفنة من الغوغائية تحت مسمى الذين لا علاقة لهم بالفن ولا بالنقد الأدبي، بل وانقطعت صلتهم بالإثنين منذ عشرات السنين، كما انقطعت صلتهم بما يسمى بالأصالة والمعاصرة فى النوع الإبداعى حتى فقدوا خاصية التمييز ما بين الأدب و....
ولم يلحظوا فى جهالتهم الثانية هذه أن منظومة الفن تسمح فى اطارها العام، لا بآلاف الأنواع الأدبية فقط، بل بما هو أكثر من ذلك دون قيد أو شرط.
وأن موسيقى الحياة فى هدير المياه، وزقزقة العصافير، ونقيق الضفدع، ونعيق البوم، وهسيس الريح، وفحيح الأفاعي، وسكون الموت، كل هذه الأنواع من الموسيقى هى بمثابة الإيقاع الداخلى المتواتر ، الذى لم يكن حاضرا بمخيلة الخليل بن أحمد الفراهيدى ـ عليه وعليهم رحمة الله ـ حتى أصبحت القصيدة النثرية ـ العامية ـ تتصدر المشهد الإبداعى من حملة أوتادها السابقين وحتى الشاعر/ السعيد المصرى بديوانه الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة.
أولا: مجموعة الديوان:
عبر سبعة قصائد هى مجمل محصلة الديوان الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) للشاعر/ السعيد المصرى، وهى على هذا النحو:
1. بيرفرف فى طلوع الروح.
2. بيفوق على ريحة بنج.
3. بيرقص تحت المطرة.
4. باصص فى مراية ترعة.
5. شبورة بتنزل جواك.
6. بيهرب دمك من عواميد النور.
7. ريحة جتت الشهدا.
إذن نحن بصدد سبعة عناوين مختلفة لقصائد الديوان، أو بصدد (أيام الإنسان السبعة) للسعيد المصرى وليس الراحل الكبير/ عبد الحكيم قاسم، وبصدد أبواب الجنة السبعة، وربما أبواب النار السبعة، وسموات الله السبعة، وأراضين الله السبعة...الخ.
من التأويلات الكثيرة والتى تضعنا فى ملايين الإحتمالات والدلالات العديدة، لما لهذا الرقم (7) من دلالة قدسية وتراثية عبر مختلف الديانات والعقائد من ناحية، وبالمخيلة الإنسانية ـ أيضا ـ من ناحية أخرى.
فهل هذه العناوين هى بمثابة الدال الموضوعى على رحلة معراج الإنسان من الفناء الى الوجود الى الفناء؟
أم هى رحلة معراجه من الوجود الى الفناء الى الوجود؟
أم رحلة عذاباته منذ ولادته وحتى لحظة البعث الأخيرة؟
أسئلة كثيرة ودلالات أكثر تطرحها عناوين هذا الديوان الشعرى (جايز ترتاح.. جايز) خاصة مع ربط عنوان الديوان بعدد قصائده السبع كعدد دال.

ثانيا: المشهدية
قصيدة (النثر) العامية إضافة الى استفادتها الكبيرة عبر الهامش والمسكوت عنه والبسيط والمتروك، استفادت أيضا بشكل أكثر وعيا وبلاغة من اللغة السينمائية بمقاطعها ومشاهدها المختلفة.
إضافة إلى استفادتها من أكثر من نوع من أنواع الفنون كالفن التشكيلى والتصوير والموسيقى، والتوظيف التراثى، من الإسقاط، إلى التناص، إلى الحيل المختلفة.. الخ
حتى أن هذه المشاهد والمقاطع السينمائية أصبحت سمة أصيلة ومترسخة بهذه القصيدة، وخاصة فى هذا الديوان الشعرى الذى بين أيدينا (جايز ترتاح.. جايز) للشاعر/ السعيد المصرى.
ففى قصيدة (بيرقص تحت المطره) ص 21 : 29.
نرى مدى براعة الشاعر وإدهاشه فى الربط ما بين (زليخة) فى سورة (يوسف) وضوافر (داليدا) كإيحاء بفعل المراودة ما بين (زليخة ـ يوسف) وما بين (الكاتب ـ داليدا) فى مقطع شعرى أكثر من رائع حيث يقول الشاعر صـ 29.
دلوقتى بس
بسمع سورة (يوسف)
وحاسس بضوافر (داليدا)
بتمزّع فى هدومك.
وكأننا تارة نتعامل مع مقطع شعرى خالص، وخارج عن سياق النص الشعرى (منفصل)، وتارة أخرى نتعامل مع نفس المقطع من النص الشعرى إستكمالا لسياق النص ككل، وهذا مما يعد إضافة للنص الشعري.
وفى مشهد آخر يقول الشاعر فى قصيدة (باصص فى مراية ترعة) ص 35.
إبتدا يمسح بكمامه
إزاز النضاره..
م الشبورة
اللى بتكتر جواه .
لما اكتشف فجأة
إنه لوحده فى أتوبيس نقل عام
وإن الأسطى اللى مستخبى
ورا شبورة دخان سجايره الفرط
دايس ع السارينه
وبيزغر له بغيظ
فى مراية مشروخة
وإن الكمسرى اللى نايم
ع الكرسى اللى وراه
وفاتح صندوق التذاكر
للفراشات الملونه
اللى فلتت م الدبابيس والأستك
للشارع.
نلاحظ هنا عبر مقطع واحد من النص الشعرى
(باصص فى مراية ترعة) ص 35.
أنه من خلال هذا المقطع أو المشهد البسيط عبر هذه القصيدة، أننا بصدد ثلاثة مشاهد منفصلة متصلة فى آن واحد، وإن اختلفت الحالة والكادر من مشهد الى آخر.
ففى المقطع أو الكادر الأول حيث يقول الشاعر:
إبتدا يمسح بكمامه
إزاز النضاره
م الشبورة
اللى بتكتر جواه
نلاحظ من خلال هذا القطع أننا بصدد حالة عادية للغاية ومألوفة لنا جميعا من بداية السطر الأول لهذا المقطع لنفاجىء بمفارقة الشاعر فى نهاية المقطع أن الشبورة، ليست هى تلك الشبورة التى غطت وطمست زجاج النضارة، إنما هى تلك الشبورة الإنسانية التى طمست ما بداخل النفس الإنسانية (م الشبورة.. اللى بتكتر.. جواه)
وهذا مما أضاف الكثير من الدلالات والإحالات لهذا الكادر من خلال هذه المفارقة.
وبالمقطع الثاني حيث يقول الشاعر:
لما اكتشف فجأة..
إنه لوحده فى أتوبيس نقل عام
وإن الأسطى اللى مستخبى
ورا شبورة دخان سجايره الفرط
دايس ع السارينه
وبيزغر لى بغيظ
فى مراية مشروخة ..
فى هذا المشهد نستطيع أن نخرج بالعديد من الملامح والحالات الإنسانية الدالة والمعبرة، والتى قد يكون ضمنها وليست جميعها حالات الشعور بالغربة الداخلية والوحدة والإغتراب والفقد:
لما اكتشف فجأة.. انه لوحده، وكأن الشبورة أصبحت عاملا موازيا بالنص الشعري، فتارة لطمس ما بداخل النفس الإنسانية كما بالمقطع الأول ـ المذكور سلفا ـ ونارة أخرى أصبحت ستارا محسوسا للمواربة والهروب من اشياء غير مرئية حيث يقول الشاعر :
(وان الأسطى اللى مستخبى ورا شبورة..)
أضف إلى ذلك مدى طرح القصيدة الشعرية للعديد من الأسئلة دون السقوط فى هوة البحث عن إجابة أو يقين: (دايس ع السارينه .. وبيزغر لى بغيظ)
والسؤال لماذا؟ علينا أن نبحث خلف سطور النص الشعرى للوصول الى إجابات وليست إجابة واحدة، لهذا الأسطى البسيط المعدم المدخن لسجائره الفرط، لنكشف زيف هذا الواقع الذى نعيشه، وحالاته الإنسانية الكثيرة والمتردية من قاع الى قاع بالمجتمع وليس بينهما وسطا.
إلى أن نصل الى هذه النظرة المليئة بالغيظ لهذا الأسطى كانت: (فى مراية مشروخة)
أي أن نظرة الغيظ ـ أيضا ـ عبر مراية مشوهة ومشروخة ، هل كانت النظرة هذه عبر هذه المراية المشروخة، نظرة غيظ واحدة ـ إذا كانت المراية صحيحة، أم نظرتان ـ إذا كان هذا الشرخ الموجود بها أحالها الى قطعتين ـ أم أكثر من ذلك؟
لم يفصح الشاعر وترك المساحة خالية للمتلقي.
وكما تعود الكاتب يعود بنا فى نهاية المقطع الى فعل المفارقة من خلال هذه المراية المشروخة.
وفى الكادر، أو المشهد الثالث بنفس القصيدة
(باصص فى مراية ترعه) يقول الشاعر:
وإن الكمسرى اللى نايم
ع الكرسى اللى وراه
وفاتح صندوق التذاكر
للفراشات الملونه
اللى فلتت م الدبابيس والأستك
للشارع.
وهنا ودون الدخول فى تفاصيل الحالة الشعرية التى تتملك الشاعر، نجد أننا بصدد شاعر يبحث عن الحرية، والحرية فى إطارها العام من بداية أسطر أولى قصائد هذا الديوان الشعرى المتميز (جايز ترتاح.. جايز).
وحتى أسطر القصيدة الأخيرة بهذا الديوان.
إضافة إلى أن هناك العديد من الملامح التى يجب الوقوف عندها مليا تعمقا فى هذه التجربة الشعرية ضمن عناصرها، وخاصة ملمح اللغة ، تلك اللغة المختارة والمنتقاه بعناية لدى الشاعر، والناسبة لطرح رؤيته حول أشياء كثيرة، ربما نراها للوهلة الأولى أنها أشياء بسيطة، لكن خلف سطور النص ما هو عكس ذلك تماما، وحالات إنسانية شتى، ربما نراها كل يوم، وكل لحظة، ولا نلتفت اليها بحثا عن العمق والدلالة والمغزى، والصور الشعرية الإنسانية كثيرة ومطروحة ولكن.
لعين ثاقبة، وبزاوية رؤية تعى جيدا كيف تلتقط الحدث الإنسانى لإحالته الى لوحة تشكيلية رائعة. وهذا ما فعله الشاعر بنا وبحالاته المتعددة عبر هذا الديوان الشعرى المتميز (جايز ترتاح.. جايز) لنظل عبر هذا العنوان الآخاذ فى حالة من حالات التأرجح ما بين الشك واليقين بالراحة وإحتمالية عدم حدوث ذلك، هنيئا لنا بهذا الديوان وبكاتبه.

2014/08/18

أنا زيّك... للشاعر/ أسعد غالي




أنا ..زيك
أنا القمر اللى واخد
نوره من ضيك
أنا زيك
مابين شطين
شجن ... وحنين
وانا الخيط اللى مشغول بيه
طروف زِيِك
أنا الشوك اللى ف ورودك
وغير أيدى ميحسش
دفا خدودك
وان جفت عروق روحى
مابيحيينى غير .. ريك
أنا ... زيك
----
-----
------
-------
أسعد غالى

ليه بنخاف.. للشاعر/ محمد النويهي




ليه بنخاف من إيه خايفين
إحنا قضينا سنين وسنين
مرة نحب مرة نتوه
مرة نقول الشوق نسيوه
مرة نقول محلاه أيوه
وعدى يا وعدى على المساكين
سيب إحساسك هوه يقرر
يمكن يئذن لك تتغير
وتشوف قلبك أبهى وأطهر
بس يا ريت نبقى موافقين
عيبنا يا صاحبى إن إحنا زغابة
والدنيا مليانة ديابة
وغيلان دايسة رقابى غلابة
طب و ندور على إيه يابا
خلينا أحسن ساكتين
..............

محمد النويهى

2014/08/17

أنا العاشق... للشاعر/ إسلام كنفاش




أنا العاشق تعيس الحظ والقسمة
أنا المحروم على عيونه تبان لو مرة مبتسمة
وليد لحظة كانت عاقر
فقام الموت بإنجابه
بيتحايل على عمره يجيبله الفرح
فيجيبه بقطّارة .. دا إن جابه
معلّق قلبه دلاية في زينة بنت مش حسّاه
وداق غيرها خرج من جنة الصابرين
فعاد تايب .. صرخ بالدمع يا الله
فعودي شهرزاد عودي
فإنَّ القلبَ طَالَ شَقَاهْ

آسف يا ريّس.. للشاعر/ سعيد شكري




اسف ياريس .... وحقك عليا
وليك إعتذارى .. وليك الولاء
وليك السياسة وليك الحراسة
ولينا الخباثة .... ولينا الرياء
وليك الفخامة .. وليك الوناسة
ولينا المقابر ... ولينا البلاء
وليك البراءة .. وليك القداسة
ولينا انتكاسة .. ولينا الغباء !!

محدش يقولى .. يناير دى ثورة
محدش يقولى ... ده ميت شهيد
دى برضه بشهادة مبارك مؤامرة
وكلمة مبارك .. تفوت ف الحديد
ده صاحب بطولة وكام ضربة أولى
وعنده السيولة ... وعنده الرصيد
وعنده القواضى وعنده التراضى
وعنده اللى راضى بعيشة العبيد
وعنده المنابر .. وعنده المكابر
وعنده اللى قادر ( يحبل ) وليد
وعنده المحاكم وعنده اللى حاكم
وعنده النيابة ....وعنده ( فريد ) !!

محدش يقاوح .. معايا بكلامه
ماحدش يقولى مبارك عميل
ماحدش يقول العراق والمقاومة
ماحدش يجيبلى ف سيرة إسرائيل
ويفتح دفاتره القديمة اللئيمة
ويمسك فى توشكى وينسى ( الجميل)
وليه تفكرونى ... بقطر الصعيد
وأهل الدويقة ...وعندك (مزيل)
وايه يعنى لما ... بتغرق سفينة
آلاف الضحايا ...فداك يااسماعيل
وايه يعنى لما يسرطن ف قوتنا
ويخرب بيوتنا .... وفيها البديل
وايه يعنى لما ... يفرغ عقولنا
ويصبح إمامنا ...منافق عويل
كقاية عيشتناا ف عزه وسلامه
وواجب علينا... نرد الجميل !!!

........

شعر : سعيد شكري
تصميم : ياسر اكرم دودين

من تنهيدات الشاعر صلاح يوسف



(حبتني وحبتها بجد)

..........


مش عارف ارد
علي حنانك
ولا قادر اصد
نظرات من عينك سحراني
وكأني بعيش المشهد كله من تاني
وحنان الحب الوجداني
وكلام م الروح
من غير مانبوح
والعشق ف عيني كمان مفضوح
من لهفة قلبك وحناني
احزانك تشبه احزاني
يتنهد قلبي بحنيه
وعينيكي مش سايبه عينيه
وف قلبك ترانيم من عشقي
امواج البحر اللي ف عينك
بتمرجح عمري المدبوح
وتداوي القلب المجروح
لما احضن أيدك ف ايديه
أنسي الاحزان وتنساني
والسكه طويله ف خطاوينا
والاطول سكة امانينا
هاربين
تايهين
سايبين الدنيا بما فيها
واملنا ينور ليليها
وقعدتي يا موناليزا امامي
تسقيني الشهد
اقول تاني
واللقمه تلمسها شفايفك
فيسيل الشهد ويملاني
ويرفرف قلبك بحناني
كان نفسي الساعه ماتتحرك
واكمل حلمي ف حضن الحب الملهوف
وطريق الجنه ملان بالخوف
ولا فارقه معايه ولا يهمش
انا جوه حبيبي وف حضني
وان قامت الدنيا علينا الحد
اتعذب ولا عمري اتألم
وانا حبك علي جسمي معلم
قلبي دقاته ازدادت....وبتوه ف العد
راح اضمك علي صدري واحبك
واصرخ واقول للدنيا
حبتها وحبتني بجد
حبتني وحبتها بجد
...........

(تنهيدات صلاح يوسف)

هشام الجخ وإعلام عصر الجماهير الغفيرة... بقلم الشاعر/ محمود الحلواني




هشام الجخ وإعلام عصر الجماهير الغفيرة
محمود الحلوانى



من المفارقات الكاشفة ، التي لابد من وضعها فى الحسبان عند التصدي لما اعتبره البعض " ظاهرة هشام الجخ " أنه حقق ما حقق من شهرة وانتشار عبر وسائل الإعلام الجماهيرية وخاصة التليفزيون، وبين الجماهير في مدرجات الجامعة وبرامج المسابقات و الحفلات التي تقيمها له " بتذاكر دخول " بعض الأماكن المعنية بالترويج والتسويق الثقافي مثل ساقية الصاوي وغيرها ، وأنه على الرغم من كونه شاعرا لم يصدر ديوانا واحدا إلى الآن !
لذلك يخطئ من يتناول هشام الجخ بوصفه ظاهرة تنتمي للأدب، على الرغم من إن مجال اشتغاله هو الشعر.
كذلك يجانبه الصواب كثيرا من يتصدى لتجربته بأدوات النقد الأدبي وحدها وإن صلحت قصائده لأن تكون مادة للنقد .
ومن قبيل الاستسهال أيضا النظر إلى "هشام الجخ" بوصفه ظاهرة إعلامية، وهذا ليس صحيحا بالمناسبة، دون النظر إلى طبيعة الجمهور الذي يقبل عليه ويطلبه، وإلى طبيعة الوسيلة الإعلامية التي أسهمت في نجوميته . وليس من قبيل التزيد استدعاء عناصر أخرى للنظر بمساعدتها في مسألة الجخ ، مثل فن التمثيل، والإلقاء ، وكيفية صناعة الكراكتر، وآليات التأثير فى الجماهير.
فمن الناحية الأدبية لايصمد هشام الجخ كثيرا أمام الفحص النقدي، فقصائده شديدة التواضع ، لا تقول أكثر مما يعرفه جمهوره ، قدرته على التخييل والتشكيل، وإقامة عوالم جديدة ومدهشة، واجتراح رؤى خاصة للوجود أو للذات تكاد تكون منعدمة، هذا فضلا عن افتقاده لمفهوم البنية، ووقوعه الدائم في فخ التكرار المجاني، الذي تجره إليه الموسيقى، فيستهلك قدرا كبيرا من اللغة ومن الموسيقى ، دون إنتاج شعري يوازى ما استهلكه.
هشام الجخ صوت مستعار من تقاليد شعرية راسخة ، وأصوات سابقة مختلفة، دعك من سرقاته لبعض أشعار الآخرين بشكل حرفي وكامل ، وهو ما ثبت وصدر بشأنه حكم محكمة في القضية التي رفعها ضده الشاعر عبد الستار سليم، واتهمه فيها بسرقة أشعاره في فن الواو، وحكمت فيها المحكمة لصالحه وتغريم الجخ . هذه موثقة ، ومفروغ منها، إنما ما أقصده هنا هو أشعاره الأخرى التي تزدحم بأصوات شعراء آخرين وتحمل ملامحهم ، والتي يمكن للفحص النقدي أن يتعرف فيها على أصوات فاروق جويدة ونزار قباني، وغيرهما، كما سيتعرف بالضرورة على تقاليد القصيدة العربية التقليدية التي تحمل بصمات كل من كتبوها ، وتغيب عنها شخصية الجخ الذي أعاد نظمها دون أن يترك على جسدها بصمة تخصه ، أو تضعه بين من أسهموا في كتابتها.
تفتقد قصيدة هشام بشكل كامل إلى اللمسة الشخصية، فلا يمكن نسبتها له وإن كان هو من كتبها أو نظمها، كما تفتقد إلى الذاتية التي تميز ذاته وتجربته الشعرية عن ذوات الشعراء الآخرين وتجاربهم، الأمر الذي يضعه في خانة المحاكاة ، ليست المحاكاة بالمفهوم الأرسطي بالتأكيد ، والتي لا تعنى محاكاة ماهو كائن بالفعل ، إنما محاكاة ما يمكن أن يكون، كما لاتحقق قصائده أيضا المفهوم التقليدي للمحاكاة، أو ما فهمه البعض عن أرسطو من إن المحاكاة هي محاكاة الواقع والكائن بالفعل ، محاكيات الجخ هي محاكيات من الدرجة الثالثة أو الرابعة ، حيث تقوم على محاكاة النماذج الشعرية السابقة ، الشائعة و المستقرة ، الأمر الذي يمكن أن يخرجها عن مفهوم الإبداع، في المطلق، والإبداع الشعري بوجه خاص، والذي هو في جوهره عملية خلق خاصة وجديدة ، على مستوى صياغة الصورة الشعرية ، كما على مستوى ما تطرحه القصيدة من رؤى طازجة للعالم والوجود، من منظور ذاتي.
إن نظرة سريعة إلى إنتاج هشام الجخ المكتوب بالفصحى وبالعامية، يمكنها أن تؤكد ما ذهبنا إليه ، يمكنك أن ترجع مثلا إلى قصيدته " التأشيرة " وهى واحدة من قصائده الشهيرة ، وكذلك قصيدته المشهورة أيضا " مقطع رأسي من ميدان التحرير " ماذا فيهما ؟ يقول في الأولى :
"أسبح باسمك الله، وليس سواك أخشاه/ وأعلم أن لي قدرا سألقاه .. سألقاه/ وقد عُلمت في صغرى بأن عروبتي شرفي وناصيتي وعنواني/ وكنا فى مدارسنا نردد بعض ألحان/ نغنى بيننا مثلا : بلاد العرب أوطاني/ وكل العرب إخواني/ وكنا نرسم العربي ممشوقا بهامته/ له صدر يصد الريح إذ تعوى/ مهابا فى عباءته، وكنا محض أطفال، تحركنا مشاعرنا/ ونسرح في الحكايات التي تروى بطولتنا، وأن بلادنا تمتد من أقصى إلى أقصى، وان حروبنا كانت لأجل المسجد الأقصى، وأن عدونا صهيون شيطان له ذيل/ وأن جيوش أمتنا/ لها فعل كما السيل" .
إلى أن يكتشف عندما يكبر بأن الصورة ليست كذلك، فلا يستطيع أن يبحر من بلد عربي إلى آخر، لأنه لا يحمل تأشيرة ، فيروح يتحدث عن الفرقة والانقسام ، ويلعن الحكام العرب :
" لماذا الفرقة الحمقاء تحكمنا؟ / ألستم من تعلمنا على يدكم أن اعتصموا بحبل الله واتحدوا؟!/ لماذا تحجبون الشمس بالأعلام/ تقاسمتم عروبتنا ودخلا بينكم صرنا كما الأنعام/ سيبقى الطفل فى صدري يعاديكم/ تقسمنا على يدكم فتبت كل أيديكم". ثم يروح يؤكد هويته العربية بتنسيب نفسه إلى بعض البلاد العربية، حسب ما أملته عليه الموسيقى والقوافي ، متجاوزا حتى اختلاف الديانة و تناقضات المذاهب والطوائف تاريخيا ودينيا :
أنا العربي لا أخجل/ ولدت بتونس الخضراء من أصل عماني/ وعمري زاد عن ألف وأمي لم تزل تحبل/ أنا العربي فى بغداد لي نخل/ وفى السودان شرياني/ أنا مصري موريتاني وجيبوتي وعمّاني/ مسيحي وسني وشيعي و كردي ودرزي وعلوي/ أنا لا أحفظ الأسماء والحكام إذ ترحل" .
أدبيا يعتمد الجخ على مغازلة الجمهور العام ، بتبني رسائل ذات مضامين ، تتوافق مع نوازع وميول وأذواق وخيال هذا الجمهور العام ، ولا تصطدم معه، يقول له ما يعرفه، في العموم، ودون انشغال بتفاصيل، عبر أشكال مستقرة لا تعرقل تلقيه، ولا تدفعه إلى التفكير.
يلجأ الجخ إلى استعارة القناع الديني، والوطني، والعاطفي ، مستغلا ما لهذه الأقنعة والموضوعات من قدرات عاطفية، طبيعية، وربما بدائية ، على إثارة تعاطف الجمهور العام واجتذابه، مستعيرا أيضا قناع المحرض على الثورة، بما له من جاذبية خاصة لدى الجماهير، التي تعيش حالة رفض واحتجاج دائمة في مواجهة أنظمتها الفاسدة و القمعية ، فتتلقف الجماهير هذا الخطاب/ القناع الذي ينتمي إلى الشعار بأكثر من انتمائه للشعر، ليس لأنه يقول لها شيئا جديدا، أو يكشف عن وجه مختلف من أوجه صراعها ومعاناتها في ظل الأنظمة الحاكمة، إنما لأنه يقول بالضبط ماتعرفه، ولا تمتلك الأداة لقوله، بقول آخر تتلقاه الجماهير وتردده كنوع من التنفيس العاطفي العام، دون أن تنتبه إلى أن هذا الخطاب التحريضي ذاته، يعمل ، من حيث لا تدرى، على تفريغ شحناتها من الغضب أولا بأول ، حيث يشعرها بنصر زائف في معركتها، وبأنها قد انتقمت لنفسها من عدوها، فتعود إلى مواقعها هادئة ، منتفخة بالانتصار ، تماما مثلما تقوم النهايات السعيدة في السينما التجارية، أو المسرحيات الرديئة، بتفريغ شحنات التوتر لدى مشاهديها، بعد أن يكون صانع الفرجة قد أجاب عن أسئلتها، متجاوزا كل ما من شأنه تعكير صفو هناءتها واستقرارها، ودون أن تنتبه هذه الجماهير أيضا إلى أن الفيلم، أو المسرحية، أو الشاعر هنا قد قاموا بعزلها، وتحييدها، وتسكينها ، وانفرد كل وسيط منهم بسلطة مطلقة، الأمر الذي يكرر ويعيد إنتاج البنية الهرمية والقمعية ذاتها التي تكرس لأن يبتلع الزعيم أو الحاكم الفرد، أصوات الجماهير، وأن يطمس وجودها لحساب وجوده، ثم تجده فى التحليل الأخير كما فى حالة الجخ لا يقدم خطابا شعريا متماسكا وجديدا، أو عميقا، إنما يقدم قناعا ثوريا عاطفيا ، فارغا من القيمة الشعرية ، مرتبكا ، يختبئ وراء الشعار الذي يبدو من النظرة الأولى براقا وثوريا.
يقول الجخ فى قصيدته المشهورة أيضا " مقطع رأسي من ميدان التحرير"
" خبـئ قصائدك القديمة كلها / مــزق دفاترك القديمة كلها/ و اكتب لمصر اليوم شعراً مثلها/ لا صمت بعد اليوم يفرض خـوفه/ فاكتب سلام النيل مصر وأهلها/ عيناك أجمل طفلتين تقرران بأن هذا الخـوف ماض و انتهي/ كانت تداعـبنا الشوارع بالبـرودة و الصــقيع و لم نفسر وقتها/ كنا ندفئ بعضنا في بعضنا و نراك تبتسمين ننسي بردها/ و إذا غضبتي كشّفت عن وجهها و حياؤنا يأبي يدنس وجهها/ لا تتركيهم يخبروك بأنني متــمرد ، خـان الأمانة أو سهي/ لا تتركيهم يخبروك بأنني أصبحت شيئا تافــهاً و موجها/ فأنا ابن بطنك، و ابن بطنك من أراد و من أقـال و من أقر ومن نهي/ صمتت فلول الخائــفين بجـبنهـم. و جموع من عشقوك قالت قولها".
ماذا تقوله هذه السطور، وماذا يمكن أن تنقله لقارئ منتبه، عزلها عن سياقها التمثيلى، ونافذتها الجماهيرية المرئية والمسموعة، غير أنها سطور مرتبكة وملفقة ، لا جامع بينها غير قواف مقحمة أيضا، دفعت إليها الموسيقى، بغير ما انتباه يقظ لنسيجها الداخلي المهلهل، رغم قصرها، ودونما إدراك لضرورة انسجام معانيها، وأسطرها وترابطها في نسق شعري حاكم، يؤدى بعضه إلى بعضه.
فهي لا تحسم في البداية أمرها ؛ هل هو خبئ دفاترك القديمة أم مزقها ؟ على الرغم من الفارق الكبير بين الأمرين، حيث يحمل الأمر الأول إمكانية استعادة هذه الدفاتر المخبأة ، مرة أخرى ، في حال تغيرت الظروف، وهو مالا يحمله ألأمر الثاني القاطع والبات ، والذى يقطع الطريق تماما أمام استعادة هذه الدفاتر القديمة .
لايلتئم نسيج هذه القصيدة حول تجربة شعورية أو رؤية متماسكة ، على عكس ما تحاول أن توهم به، وهو ما يوقعها في الكثير من التناقض على مستوى علاقات أسطرها الداخلية ببعضها البعض ، مثلا : كيف يستقيم قوله : " لا تتركيهم يخبروك بأنني متــمرد ، خـان الأمانة أو سهي/ لا تتركيهم يخبروك بأنني أصبحت شيئا تافــهاً و موجها" مع قوله فى السطر التالي مباشرة : " فأنا ابن بطنك و ابن بطنك من أراد ومن أقـال و من أقر ومن نهي!! ؟ وكيف يستقيم هذا الطلب أيضا فى ظل السطر التالي أيضا والذى يقول " صمتت فلول الخائــفين بجـبنهـم و جموع من عشقوك قالت قولها"!!؟ فإذا كانت فلول الخائفين قد صمتت ، وجموع العاشقين قالت قولها فما معنى " لا تتركيهم !!؟ وماذا تعنى إضافة " بجبنهم " إلى " صمتت فلول الخائفين !!؟ كذلك ماذا يعنى قوله " لا صمت بعد اليوم يفرض خـوفه" أم تراه يقصد " لا خوف بعد اليوم يفرض صمته " حيث يخبرنا المنطق البسيط بأن الخوف هو الذي يفرض الصمت وليس العكس ، وما معنى " فاكتب سلام النيل مصر وأهلها" فإذا تغاضينا عن ركاكة الصياغة وغموضها ، فهل هذه الدعوة / الاقتراح هي البديل الثوري الذي يطرحه الشاعر بعد تمزيق الدفاتر القديمة ؟ أي سلام هو؟! وأي رؤية يطرحها الشاعر للواقع أصلا فى هذه القصيدة ؟ هل يمكن اعتبارها رؤية رومانسية قاصرة للواقع تكرس للاستقرار، وتعلن انتهاء الثورة واستتباب الأمر خاصة بعد قوله " فأنا ابن بطنك و ابن بطنك من أراد و من أقـال و من أقر ومن نهي" وبعد تلك الاستعارة الغريبة، والناتئة الذي جاء بها من قاموس الرومانسية " عيناك أجمل طفلتين تقرران بأن هذا الخـوف ماض وانتهي" ؟ سطر يدعونا لأن نسأل: من مصر هذه التي يخاطبها في القصيدة أيضا بقوله " وإذا غضبتي" فهل هناك احتمال ألا تغضب، خاصة وأن القصيدة تحاول أن توهم بأجواء ثورة غضب ؟!! إنها صور فارغة لا تعنى شيئا على الإطلاق، حتى مصر نفسها لم تحضر، هي مجرد إشارات تفشل فى بلورة أى صورة قريبة أو حتى بعيدة لمصر، ثم إلام يشير الضمير فى قوله " كشفت" ـ بتشديد الشين ـ وإذا غضبتِ كشّفت عن وجهها و حياؤنا يأبي يدنس وجهها" بحثت في القصيدة فلم أجد مشارا إليه ! هو كلام وخلاص .
ولكن لماذا يحتل شعرا بهذا الضعف تلك المكانة ، التي يحتلها لدى الجماهير، ويحتفي به التليفزيون كل هذا الاحتفاء ، ويدفع بعض النقاد إلى التغزل فيه أمام الكاميرات، خشية من الجماهير وتزلفا لها! ؟
أشرت فى بداية هذا المقال إلى أن النظر إلى "هشام الجخ" بوصفه ظاهرة إعلامية، يعد نوعا من الاستسهال ؛ حيث لا يشكل " الجخ " حالة خاصة ومتفردة ، يمكن قياسها كنموذج مختلف ومنفصل عن التوجه الإعلامي السائد، بل يمكن اعتباره مادة إعلامية ، لها أشباهها ونظائرها، ، فيمن يقبل عليهم الإعلام ويقوم بترويج بضاعتهم وتسويقها في كل المجالات الأخرى ، تلك البضاعة التي تتوافق مع توجهات الإعلام الكلاسيكية التجارية، الذي اتسع أمامه السوق، في "عصر الجماهير الغفيرة" ذلك العصر الذي رصد سماته د. جلال أمين في كتابه الذي يحمل الاسم ذاته، والتي من بينها تراجع الثقافة الرفيعة والجادة ، أمام اتساع السوق ، وما يؤدى إليه هذا الاتساع بالضرورة من انخراط وسائل الإعلام، والنشر في الإنتاج الثقافي الواسع، الذي لابد أن تتم التضحية فيه بالذوق الرفيع، والتضحية كذلك بالكيف من أجل الكم، سعيا للربح ، وهو ما يدفع هذه المؤسسات إلى إنتاج وتسويق ثقافة متوسطة، وسطحية تستجيب للقاسم المشترك الأعظم بين جمهور غفير من الناس، بغض النظر عن مستوى القيمة التي تقدمها، ومن ثم فإنها تقوم بتصميم رسائلها، وتصنيع مادتها، أو اختيارها وفقا لمتطلبات السوق " والجمهور عاوز كده " . لذلك تعلى هذه الوسائل ، خاصة التليفزيون، من شأن المثير والطريف والغريب من الأخبار والموضوعات والشخصيات، لترويج بضاعتها وتسويقها من ناحية ، ومن ناحية أخرى للسيطرة على هذه الجموع وضبط أذواقها وخلق كتلة متجانسة تستجيب للضبط والسيطرة عليها من ناحية أخرى .
يشير جلال أمين أيضا إلى أن الجمهور الذي يطلب السلعة لابد أن يؤدى إلى تغير طبيعة السلعة ، وأنه مع اتساع فرص التعليم فى مصر بعد ثورة يوليو ، مع تدنى مستواه ، وفى ظل تغير تركيبة الطبقة الوسطى في السبعينيات، اتسع الطلب على مثل هذه الثقافة ، غير المتعمقة، أو "اللاثقافة" والتى لاتقدم أفضل الأشياء وأعمقها وأنبلها وأجملها أو أكثرها ذكاء، إنما تقدم أكثرها استجابة للغرائز الدنيا والسطحية.
لهذا سادت التفاهة وبرامج التسلية وأفلام ومجلات الجنس والمخدرات والمنوعات، وبرامج المسابقات ، وطردت العملة الرديئة العملة الجيدة من السوق ، وهو ما أحسب أنه السياق الذي يمكنه أن يفسر لنا ظاهرة انتشار أشعار هشام الجخ، رغم ضعفها، جماهيريا وإعلاميا، والذي يمكن وضعها جنبا إلى جنب مع بروز شخصيات أخرى لا لقيمة تحملها ، ولكن لأنها تحمل شيئا من الجذب، يصلح لأن يكون سلعة تقبل عليها الجماهير. وهنا تأتى موهبة هشام الجخ التي نعترف له بها، وهى التمثيل ، وقد استطاع أن يجعل من أشعاره بفضل أدائه التمثيلي لها سلعة جاذبة للجمهور، وهو الشيء المطلوب ليقبل عليها التليفزيون ويعيد تدويرها ، الأمر الذي يترتب عليه من ناحية أخرى أن يظل هشام يكتب بانتظام ، يقدم إنتاجا بالجملة ، ليلبى حجم الطلب عليه ، ويضمن ظهورا دائما على شاشات التليفزيون، مستغلا إغواء الصورة وقدرتها على التأثير، تلك التي يمنحها له الحضور الجسدي، والصوتي، التمثيلي ، على الشاشة وأمام الجماهير ، الأمر الذي لا يوفره له الكتاب المطبوع ، والذي يعلم هشام أنه سيجرده من موهبته ، و يضعه وجها لوجه أمام العقل الناقد، الذي سرعان ما سيكتشف ضعف ما يقدمه وعدم استحقاقه .
لهذا لم يقدم هشام إلى الآن على طبع قصائده في كتاب، فأين يذهب بتهدجات صوته، وتموجاته ، حاملا انفعالاته ما بين الأسى والفرح ، ما بين بكائه المكتوم وتهكمه ، وتصميمه ، أين يذهب بالتماعات عينيه، وتطويحات يديه، ومغازلته للجمهور قبل وأثناء إلقاء قصائده ، وهى أسلحته الحقيقية فى غزو انفعالات الجمهور والتأثير عليه !؟
أنا شخصيا لا أصدقه، أستبين حجم الصنعة والتصنع في إلقائه وتمثيله ، أعرف أنه لا يقول شيئا ينتمى للشعر حين يغمض عينيه بأسى ليقول: " شعور سخيف/ إنك تحس بإن وطنك شيء ضعيف/ صوتك ضعيف/ رأيك ضعيف/ إنك تبيع قلبك وجسمك/ وإنك تبيع قلمك واسمك/ ما يجيبوش حق الرغيف
ولكن الجماهير تصدقه.
كان سقراط يتجول في شوارع مدينته أثينا ، يحث الناس على ألا تستلم للرأي الشائع والسائد، يدفعها نحو التفكير ومناقشة كل ما يعرض عليها من أمور، كما كان يرفض الديمقراطية الشعبية رفضا قاطعا، ويرى ضرورة أن يتولى الحكماء الحكم، فهل كان يقرأ المستقبل، ويرى بعينيه عصرنا " عصر الجماهير الغفيرة " والتليفزيون .

2014/08/16

إنت تطلع مين يا عم.. للشاعر: أيمن عبدالمقصود




إلى من شرب دمنا الزكي و ما ارتوى
...
..
.


إنت تطلع مين يا عم ؟؟
.
مش مهم
.
إنت واخد كل حاجة
.
و أي حاجة
.
مص دم
.
إنت أعمى
.
أو أصم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
إنت ساكن برج عاجي

مِشـَطـّبـُه بفلوس علاجي

حتى إحساسك زجاجي

ينكسر لو اتصدَم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
إنت أصلك من زمان

ندل جدا ألعُوبان

شيء معشّـش ع الحيطان

فوق قلوبنا والقـَدَم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
إنت ناصح في مجالك

م الهوا جمَّعت مالك

والأكيد إنك ما جالك

مرة واحدة عُسر هَضْم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
إنت جيتنا من العَدَم

شيء ردئ زي الرمَم

كل خيرنا فـ خزنتك

واحنا جالنا فقر دم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
مرَّة دقن و جلابية
.
و مرَّة ناشط باع فضية
.
و مرَّة خصخصت التكيَّة
.
و مرَّة عملولك صَنَم
.
أنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
.
إنت كُتلة من العيوب

حتى لو إبليس يتوب

إنت ماسك في الذنوب
.
إنت مصدر كل هَم

إنت تطلع مين يا عم ؟؟
..
مش مهم
.
إنت واخد كل حاجة
.
و أي حاجة
.
مص دم
.
إنت أعمى
.
أو أصم
.
إنت تطلع مين يا عم ؟؟
...

..
.
أيمن عبد المقصود

لكل شهيد.. قصيدة للشاعر: حامد سليمان




وحياة اسمك يابطل
ماهننسا تفاصيلك
يانكمل اللي بديته
ياشويه ونجيلك


القصيدة لكل شهيد في الوطن لاتخص احد بعينه ولا تاريخ بعينه

----------------------------



تحت التراب الجسد
لكن هناك ساكن
في جنة الرحمن
اسمك هنا ياشهيد
محفور في كل مكان
دمك على كل باب
علامه للحيران
ياطير والجناح مرفوع
طالع لسابع سما
واصل هنا بيتي
رسمك هنا منقوش جرافيتي
قتلك خسيس نمرود
وشكلة كان باين
عاملي حامي الحمى
وهوا كان خاين
في ظل زحمة وزخم
وقلوب ماليها العجب
طلعت آخر نفس
اصل العيار صايب
روحك هناك طلعت
والدم سال ع الارض
كل الشقوق اتملت
ومات خلاص الورد
وحياة اسمك يابطل
ماهننسا تفاصيلك
يانكمل اللي بديته
ياشويه ونجيلك

2014/08/04

الروائي اليوناني فاسيليس ألكساكس‮:‬ ‮ ‬أكتب كي لا أموت... حوار‮: ‬فريدريك روسيل... ترجمة المبدع لطفي السيد منصور




الروائي اليوناني فاسيليس ألكساكس‮:‬ ‮ ‬أكتب كي لا أموت...
حوار‮: ‬فريدريك روسيل...
ترجمة المبدع لطفي السيد منصور



في رواية‮ "‬الطفل اليوناني‮"‬،‮ ‬يدافع الكاتب اليوناني فاسيليس ألكساكس عن فكرة أدبية معينة،‮ ‬دون إدعاء،‮ ‬ودون أي تأثيرات بلاغية‮. ‬ينحاز ألكساكس إلي تجميل اليومي بالخيالي،‮ ‬وتغرس شخصياته وصوره في الأذهان وتملأ القلوب‮. ‬إنه روائي لا‮ ‬يتغاضي عن التلاعب بالنفوس التي أبدعها آخرون،‮ ‬فرواية‮ "‬الطفل اليوناني‮" ‬ترصع،‮ ‬علي نحو فكاهي،‮ ‬أسطورة حديقة لوكسمبورج‮ ‬بشبح أعرج،‮ ‬الغليون في جيبه،‮ ‬وليس بعيدا عن ريشليو،‮ ‬وبودلير وآخريين،‮ ‬وعلي مقربة من الخلود‮.‬
كيف ولدت فكرة‮ "‬الطفل اليوناني"؟
‮ ‬من حديقة لوكسمبورج أم شخصية من جان فالجان؟
‮ ‬في نهاية كل كتاب من كتبي تنفتح فترة من القلق‮. ‬أحتاج‮ ‬أن أجد فكرة الكتاب التالي،‮ ‬وهذه المرحلة قد تمتد ثلاثة،‮ ‬أربعة،‮ ‬أو خمسة شهور‮. ‬كما لو كنت عاطلًا‮. ‬بالنسبة لبعض الكتب،‮ ‬الفكرة تأتي بغتة وعلي نحو‮ ‬غامض‮. ‬فعلي سبيل المثال،‮ ‬استيقظت ذات صباح بفكرة قصة رجل يأتي إلي باريس ويتعلم إحدي اللغات الإفريقية بلا سبب‮. ‬لقد كنت مذهولا،‮ ‬فعلاقتي الوحيدة بإفريقيا طرازان‮. ‬الجملة الأولي التي لاحت في ذهني بهذه اللغة هي‮:" ‬مات أبي‮"‬،‮ ‬مات قبل بضعة شهور‮. ‬إنها طريقة ملتوية للحديث عنه وأقل إيلاماً‮ ‬في لغة لا يعرفها‮ ‬لا أنا ولا هو‮.‬
وفكرة هذا الكتاب؟
‮- ‬تمنيت منذ فترة‮ ‬طويلة أن أكتب عن أبطال طفولتي،‮ ‬دون أن أعرف كيف‮. ‬فرحيل أبوي وأخي والحادثة الخطيرة التي ألمت بي في أكس أون بروفنس،‮ ‬ربما جعلت العودة لهؤلاء الأبطال ضرورية،‮ ‬فهم يمثلون عائلتي الثانية‮. ‬فعندما يخشي الإنسان علي حياته،‮ ‬علي الأرجح يود استدعاء طفولته‮. ‬ولقد ساهمت فيها حديقة لوكسمبورج بطبيعة الحال‮. ‬لقد أودعتني الصدفة بفندق مجاور لها‮. ‬بينما أسير في الحديقة علي عكازيّ،‮ ‬فجأة تذكرت جان فالجان‮. ‬الكتاب كان موجودا‮. ‬وعلمت علي الخصوص أن ريشيليو كان يسكن هناك،‮ ‬بينما كان أتوس يعيش في شارع فيرو،‮ ‬قبالته‮. ‬ثم مسرح عرائس الماريونيت بكل شخصياته‮. ‬لقد شعرت بالترحاب،‮ ‬منحني ذلك حرية هائلة كتخيل الهجوم علي مكتبة باريسية من بعض الهنود الساخطين من الطريقة التي يتحدث بها الكتاب عنهم‮.‬
‮ ‬هل تملكك الخوف فعلا؟‮ ‬
‮- ‬ينتابني خوف دائم من الموت قبل إنهاء أي كتاب من‮ ‬كتبي‮. ‬في الحقيقة،‮ ‬أكتب كي لا أموت‮. ‬أعتقد أن الموت يحب‮ ‬الأدب إلي حد ما،‮ ‬لذلك لن يقاطعني أثناء الكتابة‮. ‬إذن لا يجب أن أتوقف،‮ ‬لذلك أتعجل في أن أجد الفكرة التالية لأني بين الكتابين معرض لكل الأخطار‮.‬
‮ ‬لديك بالفعل فكرة؟
‮-‬أفكر في لحظة صمت الملعب بسبب وفاة لاعب كرة قدم‮ ‬نتيجة أزمة قلبية في لندن‮. ‬أهذه فكرة رائعة؟ لست متأكدا‮. ‬أنا مقتنع أن في كل كتاب جملة تعلن عن الكتاب القادم‮. ‬لكن ما هي‮.‬
من هنا حيث تنطلق؟
‮ ‬‮ - ‬بكل تأكيد‮. ‬في رواية‮ "‬الكلمة الأولي‮"(‬2010‮) ‬هناك‮ ‬نظرية توضح لماذا شرع البشر في الكلام،‮ ‬أقول لأنهم كانوا في حاجة إلي‮ ‬الكذب‮. ‬الراوي عندي كاذب،‮ ‬ويقول ذلك من البداية‮ .‬
‮ ‬كاذب وليس راوي سيرة ذاتية؟
‮- ‬علي الإطلاق‮.‬
‮ ‬أليس لديك ولدان؟
‮ ‬‮-‬كل الناس لديهم ولدان‮. ‬الغريب أن بعض الناس الذين لا يعرفون مطلقا حياتي مقتنعون أنها سيرة ذاتية‮. ‬ماذا يغير هذا‮. ‬المهم الخيال،‮ ‬وإلا لن يكون هناك أدب‮.‬
ألست لطيفاً‮ ‬مع أحبائك،‮ ‬كما مع عمتك؟
‮- ‬هذه العمة ليست موجودة،‮ ‬فيما قال بعض إنني لم أجر‮ ‬عملية قط،‮ ‬وقال البعض الآخر إنه اعتقد أنني قد بترت ساقي‮.‬
‮ ‬وهل أجريت عملية أم لا؟
‮- ‬هل يجب أن أجيب علي هذا السؤال؟
‮ ‬إذا كنت تريد؟
‮- ‬أستطيع أن أطلعك علي الجرح‮.‬
أتبحر بين الواقع المزيف والخيال الحقيقي؟
‮- ‬الخيال يحتل المكان كاملا‮. ‬حتي عندما أستدعي أحداثا‮ ‬معاشة،‮ ‬الخيال ما يجعلها مثيرة للاهتمام‮. ‬إنه الخيال الذي جعل هذا السيد ذا العكازين يستفيد من سكونه حتي يري الأشياء جيدا‮. ‬السكون أيضا مغامرة‮. ‬الشوارع التي أختلسها منذ سنوات‮ ‬رأيتها للمرة الأولي عندما توقفت عن المشي بشكل عادي‮. ‬التفاصيل الصغيرة أصبحت قصصا‮.‬
‮ ‬أتجري دراسة استقصائية؟
‮- ‬كانت كتبي الأولي أكثر رتابة،‮ ‬شيئا فشيئا اكتشفت أنه‮ ‬يلزمني فكرتان،‮ ‬وليس فكرة واحدة‮. ‬إنها طريقتي في رؤية الأشياء منذ رواية‮ "‬اللغة الأم‮"‬،‮ ‬فمع الاستقصاء حول حرف الأبسلون الديلفي هناك موضوع موت الأم‮. ‬ومن خلال تعانق هذين الموضوعين تولد الرواية‮. ‬يجب أن تتعاون الفكرتان لتتقدما‮. ‬أنا‮ ‬غير قادر علي أن أقوم بالتريكو بإبرة واحدة،‮ ‬يلزمني منها اثنتان‮. ‬وأحب أن يكون البحث حول موضوع مثيرا لاهتمامي‮.‬
‮ ‬هنا المقصود حديقة لوكسمبورج؟
‮- ‬رأيت كل الناس‮. ‬رئيس جهاز الأمن،‮ ‬رئيس البُسْتانيين،‮ ‬كبير المهندسين المعماريين،‮ ‬صديقا متخصصا في السراديب،‮ ‬أمين مكتبة سابقا لمجلس الأعيان،‮ ‬وحوالي عشرين شخصا مختلفين‮. ‬وبالنسبة لعرائس الماريونيت،‮ ‬ذهبت أيضاً‮ ‬إلي ليون حيث قابلت سليل أول لاعبي الماريونيت لوران مورجيه،‮ ‬وزرت المتحف‮. ‬كما طلبت بعض الأبحاث حول الأفلام‮: ‬فنزهة كوزيت وجان فالجان صورت في لوكسمبورج‮. ‬علمت أن والد بودلير كان أمين مكتبة هنا وأن الشاعر كان يلاحق صغار العجائز حيث حياتهم كانت تثير اهتمامه‮. ‬كما علمت أن لينين وقع في‮ ‬غرام إحدي بائعات الكراسي‮. ‬عثرت علي المراجع الأدبية ولا سيما كلمات سارتر،‮ ‬الكتاب الذي أثر في عظيم الأثر‮.‬
‮ ‬ألأنه مثلك،‮ ‬يحكي طفولته عبر الكتب؟
‮- ‬هناك صلة قرابة،‮ ‬إنه واحد من أولئك المثقفين القادرين‮ ‬علي إنتاج اثنتين أو ثلاث روايات،‮ ‬لكنهم ليسوا روائيين ولم يعودوا أطفالاً‮.‬
‮ ‬هذه العاطفة تجاه أبطال‮ ‬الماضي هؤلاء تنبع من أمك التي كانت تقرأ عليك بعض الكلاسيكيات الفرنسية؟
‮- ‬لها دين عندي مرتبط بالخيال‮. ‬علمتني أن أتخيل بجعلي‮ ‬ألاحظ بقع الرطوبة الموجودة علي جدران منزلنا في سانتورن‮. ‬كانت تطلب مني أن ألاحظ‮ ‬إحدي البقع وأحكي عنها قصة‮. ‬لم تكن تقرأ فقط،‮ ‬بل‮ ‬كانت تدفعني لأتحدث‮. ‬أقرأ الكثير من الأعمال الكلاسيكية لأنها تغير أفكاري،‮ ‬تمد الشخص الذي يكتب‮ ‬بنصائح فائقة الروعة،‮ ‬تستدعيهم للنظام‮.‬
‮ ‬وكنت ناقداً‮ ‬أدبياً‮ ‬لمدة خمسة عشر عاما؟
‮- ‬كانت المرة الأولي عندما وافقت الصارمة جاكلين بياتيه‮ ‬علي أن تعطيني ميعادا‮. ‬كان لدي الجرأة أن أقول إنني لا أحب الرواية الجديدة التي ساهمت في انطلاقها،‮ ‬ولابد أنها تساءلت عما ينوي أن يفعله هذا اليوناني في النقد الأدبي‮. ‬في النهاية أعطتني مقالا ثقيلا،‮ ‬جبال الليل لـ روجيه فريسون روش،‮ ‬وهي تقول لي‮:" ‬أعد عشرين سطرا ولاحظ أنه صديق المدير‮( ‬بو ڤ-ميري،‮)" ‬أما انطلاقتي الحقيقية الأولي عندما ذهبت لأجري مقابلة مع كلود جاليمار حول حرب الجيوب‮. ‬لكن في الحقيقة،‮ ‬دائما الأدب ما يثير اهتمامي‮. ‬وفي لحظة حدثت نفسي‮: ‬عليّ‮ ‬أن أختار،‮ ‬سوف أتوقف عن الصحافة‮. ‬رواية‮ "‬تحكم الهوية‮" ‬كانت قد نشرت بالضبط بعد تخبط‮.‬
من أين ينبع وفاؤك لـ جان مارك روبير؟
‮- ‬دائما جان مارك موجود‮. ‬إنه همزة الوصل بين أول وآخر‮ ‬كتاب‮. ‬عملنا دائما معا،‮ ‬إنه ليس مجرد ناشر أول رواية لي‮ "‬السندوتش‮" ‬لكنها أيضا كتابه الأول كناشر‮. ‬لم نترك بعض منذ ذلك الحين،‮ ‬من دار چوليار إلي‮ ‬دارسوي إلي فايار ثم‮ ‬عند ستوك‮. ‬كنا قد تعارفنا عام‮ ‬1974‮ . ‬لابد أنه كان في عامه التاسع عشر وأنا في عامي الثامن والعشرين‮. ‬دار جوليار‮ ‬أعطتني ميعادا في مقهي دو كلوني،‮ ‬في جانب من جادة‮ ‬سان جيرمان‮. ‬عندما رأيت جان مارك قادما،‮ ‬قلت أن الناشر سخر مني وأسلمني لابنه‮. ‬لكن لا‮.‬
‮ ‬كيف تري الوضع اليوناني؟
‮- ‬في حياتي لم أقرأ أبدا مثل هذه المقالات التي لا أفهم‮ ‬منها شيئا‮. ‬فالأزمة اليونانية تحتاج لفلاسفة أكثر ما تحتاج لرجال اقتصاد‮. ‬سيكون أمرا رائعا لو أن اليونان أخذت مبادرة‮ ‬لعقد جمعية عامة،‮ ‬وأن تدعو فلاسفة من كل أوروبا‮. ‬أريد من الناس التي تتحدث عن الأزمة عندما تذهب إلي اليونان أن يكون لديها رغبة في الاغتسال،‮ ‬وأن يأخذوا وقتا لإيقاف حساباتهم‮. ‬لدي انطباع أن صيغة الحياة المقترحة من أوروبا،‮ ‬حتي عندما تكون أمورنا المالية سليمة،‮ ‬ليست مبهجة‮. ‬المشكلة الحقيقية هنا‮.

«ناسى حاجه».. روح فولاذية الذاكرة للشاعر السعيد المصري... بقلم/ ياسر المحمدى




«ناسى حاجه».. روح فولاذية الذاكرة
للشاعر السعيد المصري
بقلم/ ياسر المحمدى


.........



(1)
«ناسى حاجه»، الديوان السادس للسعيد المصرى بعد: «عيَّل وجميزه عجوزه»، و«روح برَّة الزنزانه»، و«وردة فى قرطاس سلوفان»، و«وردة بتنزف ريحة موت»، و«جايز ترتاح.. جايز»، الديوان يمثل إضافة حقيقية فى مسيرة الشاعر الذى يعمل على مشروعه الشعرى فى صمت.
(2)
بعد الانتهاء من قراءة ديوان «ناسى حاجه»، للشاعر السعيد المصري، تكتشف أنك انتقلتَ من عالم التفاصيل الصغيرة، إلى عالم من الأفكار والأسئلة الوجودية الكبيرة، انتقلت من دقائق يومية ومشاهد حياتية مقطعة، إلى عرض بانورامى تم اختيار مادته بعناية لحياة إنسان كاملة، تنتقل من الواقعى والمعاش واليومى والمهمش، إلى عالم موازي/ برزخى تتم فيه استعادة مواقف الحياة وفق قوانين جديدة، ما بين كثافة التفاصيل الواقعية وانعتاق الذات من تفاصيل العالم المادى تتابع المشاهد الشعرية فى مقاطع طويلة وأخرى قصيرة، كل منها يشع دلالات متعددة، سواء على مستوى القراءة المنفردة للمقطع الشعرى أو على مستوى قراءته فى السياق العام للديوان، تتحد هذه المقاطع مكونة حكاية مشاهدها جميعا تتطابق عند نقطة مركز ويأخذ كل مشهد فى اكتساب دلالته الخاصة كلما بعد عن هذا المركز، إن أردنا فهى حالة من التذكر فى لحظة فاصلة ما بين الحياة والموت، أو لحظة استعادة كاملة للحياة فى عالم آخر يصبح عندها «ناسى حاجه»، ليس ديوان شعر بل صحيفة أعمال، نجد المقطع الشعرى الأول فى الديوان: «وانا زى موميا ممدده.. فى تابوت حجرى.. ويّا أربع قدور فخار.. فيهم مصارين مملحه.. وكاسين رخام.. لسه ريحتهم بيره حاميه.. وطبق خشب جميز.. مليان قمح منبّت.. وف إيدى زهرة لوتس دبلانه.. وعلى صدرى.. تميمة «عين حورس».. وقلادة جعران جرانيت.. ولفايف بردى.. متروسه متون لـ«أوزيـر»، ثم يتكرر التناص الذى استخدمه الشاعر فى مطلع المقطع الشعرى الأخير من الديوان «التحيات لك.. يا اللى فى السما والأرض.. جيتك من ساحة العدل.. وانا طاهـر.. طاهـر.. طاهـر»، وهو تناص بتصرف من كتاب الموتى، ما بين هذين المقطعين _اللذين يمثلان الغلاف الحقيقى للديوان _ تأتى مقاطع الديوان الأخرى متناولة فى طياتها قضايا حياتية مختلفة، تتكامل المقاطع فيما بينها مع المقطعين السالف ذكرهما للتأكيد على أن هذه التفاصيل التى نعرفها جيدا لا تخضع هنا لمعرفتنا المادية عن طريق الحواس، وإنما هى معرفة هنا تقوم بها حاسة أخرى باطنية؛ فبعد عرض مقاطع مختلفة من حياته؛ هذه المقاطع التى يبدأ الكثير منها بصيغة استفهام إما للنظر وإما للتذكر أو غير ذلك وكأن آخر يمسك الشاعر من يده ويدور به على مواقف حياته، أو أن هذا الآخر يقوم بعرض شريط تسجيلى لحياة الشاعر، يسبقها مقطع تعقب ملك الموت له فى صورة مخبر، «مين ده.. اللى ماشى ورايا.. كإنه خيالى؟! يكونش مخبر.. مزقوق من نسر ودبورتين؟!»، يمتد المقطع إلى أن يصل فى النهاية، «أعفق فى طوقه.. ـ ماشى ورايا ليه؟!.. مين زقّك علىَّ؟!.. إنطق لا اخلّص عليك.. يجاوبنى بكل هدوء.. اتوضا وصلى.. وعشان ضيق الوقت.. شقّر على كل صحابك.. فى صور الألبوم.. ودّع كل قرايبك!»
أما عن المقاطع ذات صيغ الاستفهام، منها: «مش دا العكاز.. اللى بيأنجش.. صوابع جدك خمس مرات.. لاجل يبوس بشفايف روحه.. حصيرة الجامع»، «مش دا صباع الطباشير.. اللى بيرفَّس فى جِناب السبوره.. ويخبّط.. على صورة المماليك.. ورفاعه ومحمد عبده.. ع الفاعل.. والمفعول.. والفعل.. وخريطة الوطن العربى.. وإزازة أُكسيد الكبريت»، وكذلك «مش دى العصايه العوجه.. اللى بيطفّش بيها أبوك.. الغِرْبَان والبُوم.. من على كتف التوته المايله.. ويعدى ماسورة الترعه.. حاضنها بباطه»، وفى نهاية هذا المقطع يقول: «دلوقتى بيخرج.. مسنود على عودها الخرزان.. م الدار للغيط.. م الغيط للجامع.. م الجامع... للقبر!»، وهو فى ذلك يشير إلى حياة أبيه الأخروية وفى عالمه الموازى الذى يقف الشاعر على مشارفه فى نوبات من الحضور والغياب، ثم ينتقل الشاعر إلى مقطع طويل، ترى فيه الذات الأخروية نهاية الذات الدنيوية وتقوم بتوزيع الرحمات عليها « بلاستر.. وكيس بينقط بول.. وبقعة دم على ملايه.. وكوباية ينسون.. بتنهنه ع الكوميدنو.. وأمبول سيفوتاكس.. مزرَّق فخد يمين.. وبرتقانايه وسكينه.. ومخده قطيفه.. وشريط لايزكس.. ناقص حبّايه........... «وعبد الباسط».. بيرتل سورة «يوسف».. وأنت بتفرَّق روحك.. رحمه ونور.. على روحك!»، كما يزاوج الشاعر فى مقاطع أخرى ما بين لحظات غيبوبته وإفاقته فينتقل ما بين مشهدين واقعيين فى مكانين وزمانين مختلفين فى مقطع واحد؛ وهذان المشهدان يخضعان لتوجيه هذا الآخر الذى يعرض أمام عينيه شريط حياته، يقول: «كل دا شوف.. كنت محوّشه ف روحك.. دلوقتى..بتـ ـفـر فـ طـه.. من كيزان ضلوعك.. حبايه.. حبايه..حبايه»، ثم تتابع المشاهد ومعها يتتابع أخذه لأقراص العلاج ومع كل قرص تخرج الروح الشاعرة ببطء شديد، يقول: «شُفت الحبايه دى.. اللى نازله تحبى ع الرصيف.. خدت بالك.. م الواد اللى خبَّاها بالجزمه.. ووطى أخدها.. ومسح دموعها بكم قميصه.. ودراها فى جيبه.. ومشى يغنى.. كإنه لاقى لقيّه!»، وفى مقطع آخر «شايف الحبايه دى.. اللى نزلت تتدحرج.. وسط أسفلت الشارع.. خدت بالك.. من كاوتش الميكروباص.. اللى فاداها.. وغمز لها بعيون دبلانه.. كإنه بينه وبينها عِشره.. بس الأتوبيس الهلكان.. ما رحمش الغنوه.. اللى كات لسه بتتولد جواهم!»، فمع كل قرص نجد مشهدا جديدا يربط فيه الشاعر ما بين انفلات روحه إلى عالم آخر وما بين مشهد واقعى، يصل السعيد المصرى بعد رحلة شاقة يعبر فيها العالمين، المادى والروحي، فى حالة من الحضور والغياب حتى آخر مقاطع الديوان، يصل متخلصا من كل زينة وبهرج وضع على أرصفة الحياة، يقول: «ما سرقتش.. ما خنقتش روح.. ما خونتش أعمى.. ولا مديت مظلوم.. ولا كَرَشت جعان.. من على عتبة دارى.. ما قطعتش الطريق.. على بنت حلوه.. ما كدبتش على كاهن.. ما شهدتش زور.. جيتك.. من ساحة العدل.. وانا طاهـر.. طاهـر.. طاهـر».
(3)
يعتمد السعيد المصرى على المفارقة لتوليد دلالات جديدة يشحن بها نصوصه الشعرية، تتولد المفارقة عند الشاعر نتيجة انتقاله من الواقعى والمحسوس إلى الغيبى وغير المرئى فى استدراج شديد الذكاء، يصنع السعيد المصرى علاقات تجاور، معتمدا فيها على عين الكاميرا تاركا للقارئ هو الآخر مساحة من التخيل ليكمل من خلالها المشهد، كما تشارك هذه المفارقات على مستوى البناء العام للديوان فى تشكيل الرؤية العامة، أول هذه المفارقات هى العنوان «ناسى حاجه»، ولنا أن نرصد بعض المستويات لفهم دلالة العنوان، فإذا اعتبرنا أن الشاعر تدور مشاهداته فى عالم آخر وأن من يقوم بعرض هذه المشاهد له هو آخر من ساكنى هذا العالم، فإن «ناسى حاجه» تصبح هنا استفهاما استنكاريا من هذا الآخر بعد عرضه لحياة الشاعر ، وكأنه يقول له هذه حياتك كاملة كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، وعندما نخرج إلى السطح قليلا مستعرضين كمَّ المشاهد الحياتية التى يرصدها الشاعر فى ديوانه ويقدمها لقارئه، يصبح «ناسى حاجه»، وكأنة استفهام من الشاعر لقارئه، وكأنه يقول هل وضعت لك الصورة كاملة أم لا ؟!، كما أن أحد مقاطع الديوان تُعبر عن هذا النسيان بمفهومه المعروف؛ يقول«ناسى حاجه.. وماشى أقلب فى جيوبى.. وامسح بكمى شبورة نضارتى.. والعرق اللى ناشع.. من كل حته فى روحى.. باعتذر.. لكل اللى بيخبطوا فيا»، يقول فى أحد المقاطع الشعرية «كل يوم.. يرمى الفكه.. اللى بتشخشخ فى جيوبه.. فى صندوق جامع تحت الإنشاء.. ويسأل روحه.. نفس سؤال امبارح.. يا ترى رصيدى.. بقى كام دلوقتى؟»، حيث تبرز المفارقة واضحة ما بين أن تكون صندوق الجامع حصالة دنيوية وأخروية فى نفس الوقت، ومن المقاطع التى تبدو المفارقة فيها واضحة «مين ده.. اللى ماشى ورايا.. كإنه خيالى؟! يكونش مخبر.. مزقوق من نسر ودبورتين؟!»، حيث نجد فى نهاية المقطع أن الشخص الذى يتعقبه هو ملك الموت، كما تصنع المقاطع بصيغتها الجزئية فى تقاطعها مع الحالة العامة للديوان مفارقات عديدة، يستخدم السعيد المصرى هذه المفارقات بما تحمله فى داخلها من طبيعة المقابلة بين الأشياء المتنافرة، وجمعها فى صورة واحدة ليسلط الضوء على قضية حياتية مستثيرا معه القارئ من خلال التفاصيل البسيطة للتفكير فى قضايا عامة وإنسانية، كما تأتى بعض قصائد ديوان «ناسى حاجه»، للسعيد المصرى محملة بالرمز المباشر حيث يذكر أسماء شوارع أو أشخاص تمثل رموز للنضال والحرية والثورة، فالديوان هو حالة تسامى نجح فيها الشاعرعلى أن يسلط عدسته ورؤيته ليولد من كثافة الأشياء والتفاصيل المادية الصغيرة والبسيطة عالما أرحب يشبه بتعريض الثلج لدفء الشمس فيتخلص عندها من جموده متحولا إلى بخار محلق حر وطليق من قيد صورته الصلبة والكثيفة، وهذا ما وعد به الشاعر فى تصديره «خلف أشياء بسيطة.. أخبئ نفسى لتجدنى، وإذا لم تجدنى، ستجد الأشياء».لـ«ريتسوس»، «كتب اسمه على الحائط، كى يتذكر العابرون أنه مر من هنا، كتب اسمه وذهب، وحين عـاد.. حاول عبثاً أن يتذكر.. من هو الاسم المكتوب على الحائط».لـ«وديع سعادة».

ع القهوة.. للشاعر/ محمد محمود




ع القهوه الساعه تلاته
ما بأيدناش ولا حاجه
نشرب شفطه من البن
نتذكر بسذاجه
ازاي كنا بنتذاكى عالدنيا بكم غباء
بيكفي بلاد و يفيض
بقى معقول صدقنا
نفرح و يجينا العيد ؟

العيد مهواش لينا
و ان كان لينا مهيجيش
هيبحر من قبلي
و يزوغ بين شرق و غرب
ياما كان في ناس قبلي
بيجيها العيد بالكرب
فهنرضخ للمكتوب
و نطاطي الروس للرب
و هنفرح انه مجاش
و ندوس على نن القلب
مبنتعلمش بلاش
بعزننا متنا ف حرب

و حقيقي العيد موجود
بس الناحيه التانيه !
هيعدي فنلمح ضي
مش أكتر من ثانيه
فتقولي ده ايه اللي هناك ؟
و انا هعمل مش عارف
و تقولي انك شايفاه
و انا هحلف مش شايف
تضحكي و انتي بتبكي
و انا هعمل تلاجه
عالقهوه الساعه تلاته
ما بايدناش ولا حاجه.

***************

محمد محمود

التعويذة .... للشاعر/ محمد النويهي




التعويذة

........



يوشيه ماشيها
عكس الطارة
بس خسارة
كان جايب
ع السرعة دى
وفاكرها مارشيدير

خبط له كام واحد
ما تعديها
باش حارة
خايب
ومعدى
فى حارة الأمير

كان وده يقضيها
الفذ والنوارة
ياحبايب
أنا قصدى
ح تكسبوا كتير

الديكُ كاكا
بيوريها
العبارة
كان غايب
سى الأفندى
ما عندوش
خالص ضمير

..........
محمد النويهى
18-07-2014


بدون عنوان... قصيدة للشاعر أشرف مقلد





30 مايو 2015
بدون عنوان


..........


من غير تقديم وبدون عنوان
احنا عايشين جو مصيبه
السجن كبير من غير سجَّان
والشعب حبيس جوه زكيبه
وشباب بتموت ف ميدان ولمان
والعيبة بتكتر ف الشيبه
وعساكر تسحل ف النسوان
وشيوخ منزوع منها الهيبه
تشهد بالزور لفلان وفلان
ضلالية بدقن وب زبيبه
وفلول وبياده وزيد إخوان
أصناف عايشين دنيا عجيبه
إعلام رقاص أشكال وألوان
تسمع له كأنك ف زريبه
يرقص للكل كما السعدان
فاضيين للكدب وللغيبه
والشعب الطيب ده غلبان
يتغاشموا عليه يزداد طيبه
ومقضي العمر ما بين عطلان
أو بين شقيان ف التغريبه
بيبيع العافية ف كل مكان
وبيدفع من عمره ضريبه
هاتقولوا دا جاهل أو متهان
هاتقولوا دا عيب ف التركيبه
آدي مصر بدون مساحيق ودهان
وبدون تزويق ..... احنا ف خيبة

من تنهيدات الشاعر صلاح يوسف




(ساعة اللقا)


ليه كل مره أكلمك
نفسي احضنك
تشهق شفايف المستحيل
تتمني أني أودعك
حزنك عليل
أنتي دايما تشبهيني في لهفتك
صبحك جميل
لما شوفت الفجر غار من طلتك
والحلم يروي الكون حنان من رقتك
دقات قلوبنا اتوحدت
من رعشة الحضن اللي زلزل الاشتياق
وسال عبير العطر من عرق الاماني
في ضمتك
والجو راق
سكرت قلوب العاشقين
وبقينا زي مقام للمشتاقين
يتباركوا بيه ساعة اللقا
يااااااااااروعتك....

...........
(تنهيدات صلاح يوسف)

عيل لسه... للشاعر/ محمد خالد الشرقاوي




محمد خالد الشرقاوي
..........

عيل لسه ...
يا دوب بيتهجي حروف الكلمه
و أما بيلمح طرف عنيه :-
البنت الشايله الشنطه بتضحك
للواد الواقف ف الشباك
كان ديماً بيفهم :-
سر اللمعان ف العين
عيل لسه !!
بيسرح شعره علي الجنب
و ف قلبه الحلم يزيد نمو
نفسه يكبر:-
خمسه بمقاس الإيدين
ف يلاقي نظره " يحسها "
- يسهر علي النغم الرقيق
- سكران و من خمر الكلام
- يرسم الصوره ف خياله
- يهمس كلمه برقه تعدها
و اما تغلي النشوه فيهم
يشّبِكوا الأتنين أيديهم
وبخفه يجروا ف ساحه خضرا
ينده القمر البعيد
بسرعه ينزل الكادر
يرقصوا جواه (( سلو ))
و العندليب سهران معاهم
- ((- و القمر خدنا القمر
لجزيره ابعد م الخيال
لا شافتها عين
ولا جات ف بال -))-
و يعيش هيام العاشقين
وقت الفراق
يبعت القمر مرسال
بكلام يزغزغ ف المشاعر
يا ....... اللي ما أعرفكيش !!؟
مرفق طيه
صوره ليكي
رسمها قلبي
من ذاكره السمع
- يا أيُها الصوت الذي
حدثني ..
علي مضدٍ
ف المنام -
أحلف :-
بكل " أها "
ف (( سيره حب )) ثومه
- أني دايب …
زي باقي العاشقين -
و حياه ساعات الفكر فيكي
وقت انقطاع الكهربا
- طال الغياب -
و جوه قلبي
100 صوره ليكي
و علي الجدار الخارجي
- القلب ....
- و السهم اللي خارمه م الجهتين
- و حروف اسمي المربوطه
- وعلامه أستفهام ف أخر السهم
" متضايقه "
و باصه ف ساعه الأنتظار
و حياه السته ف الميه
اللي ما تعبتوش مذاكره
- و القرأن علي عنيا
- و المسيح الحي
أحلف بأيه و تصدقيني
-- طال الغياب --
و بدون ما أعرف
حتي شكلك
و الله بحبك .

عنوانــــي.... للشاعر/ أيمن عبد المقصود




عنوانــــي..



عنوان الشارع ما يتوِّهـش
البيت معروف
شبَّاك شقتنا بلون مخطوف
باب البيت منقوش بكفـوف
من أيام العز الغابر
لما دبحنا
ف مره خروف ..
بس الدبح ده كان له ظروفـُه
والإنسان بتقابله ظروف
ياللي بتسأل عن عنواني
أنا عنواني الشارع الاخضر
المتفرع من شرياني
بيتي مزيج من حِنـَّة وعنبر
والشِبـَّاك منقوش بأغاني
باب البيت مفتوح ومنوَّر
إطلع دوغري الدور التاني
بيتي بسيط أد ما تتصور
والمذكور صنـْعِتـُه حلواني
بَاسْقِي الناس من شهد مكرر
كَفـِّي سنين ممدود لجيراني
بس بوصفي الأخ الأكبر
ليـَّا عتاب عندكو يا اخواني
ياللي آذانك الله أكبر
وبتتكلم كده بلساني
وبتتوسل لله وحدُه
خـُد من قـُولي المعنى التاني
أي غريب يدخل وسطينا
إوعَى تصدَّق إنه معانا
ده ملعون أوي وابن لذِينَ
ندل حقير وبيتحدَّانا
يقتل فينا رضيعنا وشيخنا
وبنتلـَفـِّت مِنـُّه ورانا
عَندك جار في الآخِر جدا
حُط ما بينـُه وبينك حَدَّاً
إيَّاك ياخدك تحت عبايتـُه
واللا تصدَّق للسانـُه وعداً
ماسِك دايما سِبحَه ف إيدُه
لكن أصله قديما وغـْدَاً
عَندُه الظاهر غير الباطن
وبيخلِط سُمَّاً على شـَهـْدَاً
قبل طوفان الغدر ما يبدأ
فرَّق بين الآية والآية
آية ربَّك هيَّ المبدأ
آيه بعِمَّة وراها حكايه
قـُلت كلامي ورزقي على الله
حَق العيش والملح عليَّ
طـَبْ والله ما باقصُد إلا
إنـِّي أشوفكم كِدَه حواليـَّا
يَدِّنا واحده وقلبنا واحد
مُجْتـَمِعِين سَوَا ع الطبلية
إوعَى تصدَّق أيها واحد
لمـَّا يقولك كِلمة عليَّ
أنا ضحِّيت بالقـُوت علشانك
صاحي ونايم بالقومية
ودِّي أضمك ويـَّا اخوانك
نبقـَى قصيدة وبالعربية
إفتح وطني على أوطانك
شمس بلادنا ح تبقـَى عَفِيـَّة
واللي يعيش لبلاده وأهلـُه
عُمْرُه ف يوم ما تموت له قضيَّة

..................

أيمن عبد المقصود
عضو اتحاد كتاب مصر

2014/08/03

ليس على الأعمى حرج... من تجليات المبدعة نورهان صلاح




.... يبعـد بيت سيد الاعرج مســـافة بيتين عن بيت الشيخ حسن . يعمل ابوه عبد المحسن
أفندى كاتب فى الجمعية الزراعية . بشــهادة الأعدادية . عينوه يوم أفتتاحها بحضور المحافظ
ومأمور المركز .. وتوســـط له العمده الحاج عبد الرحيم صالح . الذى ينتسب من بعيد الى
عـائلة الشــيخ حســن الأعظـم صاحب المقام ، المقٌام آخــر الجبانات وعلى اول حدود الحقول
من الجهه الشرقيه . فاصبح عمــره الوظيفى من عمــر الجمعية الزراعية . يعرف كل شئ فيها
وعلى دراية بما يجرى فى دهاليزها من محسوبيات وواسطات . وما يقع فيها من مصائب .
ونأى بنفســـه عن هذا كله . معتمدا على راتبه الشهرى وما تجود به أرض العائلة التى له فيها
نصيب .... رجل صالح لا يترك فرض الله من صلاة فى وقتها . وخص للوضوء قبقاب تحت مكتبه

ومنديل محلاوى يضعه على رأسه وقت الصلاة . ثم تحت الطربوش ابو زر حال ذهابه وايابه من

العمل ليقيه حرارة الشمس . قصير القامه . منبعـج الكرش . له شارب غليظ على وجهه النحيل

ورأسه أصلع يلمع أفتح من لون ســـحنته . كان موكل اليه فتح وأغلاق الجمعية لكونه من القرية

وباقى العاملين من مراكز وقرى مجاوره .

.. فى الســاعة الثانية والنصف يقوم عن مكتبه . ويغلق الادراج جيدا . ثم يرتدى المنديل على

رأسـه ويكبس عليه الطربوش جاعلا الزر عند اذنه اليمين . ثم يتنحنح ويخرج الى الباب الرئيسى

ويضع المفتاح مكان الغلق ويقف منتظرا خروج زملاؤه حتى آخر نفر . وكل منهم يلقى عليه

السلام . وهو يردد دون توقف ... سلام .... ســلام .. سلام . كأنه فى طابور عزاء . ثم يغلق الباب

ويهزه بقوة ليتأكد من تمام أغلاقه . ويمر على الشبابيك ليطمئن على احكام قفلها . ويتأبط

الجــريدة القديمة التى اشتراها من البندر منذ قرابة شهر . ويمسك المنشة الموروثه عن ابيه

فى يده اليمين . ويظل يهش بها لا شئ ويضرب بها رجله . وهو يخطو بتؤده كالطاووس .

والناس الرائحة والآتيه تلقى عليه السلام . أو تسأل عن سلامته .

_ أزيك يا عبد المحسن أفندى ,

_ عال .. الله يخليك يا مصلحى . سلم على ابوك .

_ سلام عليكم يا خال .

_ عليكم السلام . ازيك ياواد يا علي .. سلم على أمك .

_ التقاوى وصلت يا عب محسن أفندى .

_ وصلت يا حاج فوزى .. ابقى تعالى استلم بكره .

_ طيب .... مستنينك على القهوة علشان تقرالنا الجريدة .

_ طيب ....

لا يتوقف فمه عن رد التحايا حتى يصل الى البيت ليجد زوجته فى انتظـــاره على الباب .

امراة طويله رفيعه العود . كحيلة العينين .. جديلة الشــعر . تعوج القمطه على رأسها

وتلفها لفتين . وتربطها من الجنب فوق حلقها المخرطه . وتجعل شعرها جديلة على صدرها

وجديلة على ظهـرها . كالعايقه ..

ظلت عشر سنين لا تنجب . زارت خلالها كل اولياء الله الصالحين بداية من المرسى ابو العباس

حتى السيدة نفيســـه . وقطعت عهدا عند مقام السيد البدوى . واخذت أثر عبد المحسن

وألقت به فى جب مهجور حتى يخرج المولود بجمال سيدنا يوسف . وعندما دعتها خضرة

زوجة حسونه الجزار لحضور زار أقامته عندها لتخرج العفاريت عن جســدها . لبت الدعوة

وذهبت .. فلما أنتهت . أخذتها الشيخه من يدها وأعطتها زجاجه بها سائل كالماء . وقالت

لها هامسة : _

_ تضعى ما فى الزجاجه على صفحية مياة ساخنة . وتستحمى بها . بعدها

لزما .. ولابد .. أن ينام زوجك معك . وانشاء الله يحصل المراد من رب العباد .

ثم أعطتهــا صابونة فنيك ملفوفة فى قطعة قماش . وقالت لها مبينه ماهيتها وهى تضرب

بعينيها يمينا ويسارا . كمن تخاف ان يسمعها أحدا أو يرى ما يدور .. : _

_ الصابونة دى . صابونة الفرعونه مرات الفرعون الكبير . والله . وآدى يمين بالله ما تخرج

الا للحبايب . استعمليها مع المياة . الفرعونه مرات الفرعون الكبير . جابت مائة ولد فى

فى بطن واحده . غير البنات . آى والله .

وما أن سمعت ذلك الكلام . حتى أنحنت على يد الشـــيخة وأغرقتها بوســا ودموعا . واخرجت

من صدرها عشره جنية ودستها فى يدها .. وهرولت خارجه . تريد ان تفعل ما نبهت

عليه الشيخة قبل عودة زوجها عبد المحسن أفندى من المقهى .

أعدت العدة .. ورفعت الاناء على رأسها وأفرغت المياة ثم دعكت بالصابونة الفنيك . وما ان

أنتهت حتى شعرت أن جسمها كله قايد نار . فكتمت صرختها ولم تستطع لبس جلبابها

رمش العين المخصصه للنوم . فانزولت عارية فى ركن السرير تبكى من ضياع الفرصة . ومن

حرقة جسدها . ولم تجرؤ أن تحكى لزوجها على ذلك لما رآها على هذا الحال . وهو

مصمص اسنانه عجبا . ثم أعطاها ظهره ونام . وظلت طول الليل على حالها حتى غفت

من التعب ..

**********************

.. فى يوم موســـم عاشوراء ، جهزت فرخة عتقية دستها فى الارز . ووضعتها فى مشنه

مع طبق ملوخية . وحملتها على رأسها . وعزمت الذهاب الى أبيها فى الحقل . وفى

نصف الطريق قابلها زوجها عبد المحسن اذ كان راجعا من العمل . يتأبط الجريدة وفى

يده اليمين المنشه .

_ رايحه فين يا وليه ؟؟ وأيه اللى شيلاه على دماغك ده ؟

_ رايحه لأبويه ..... أوديله الغدا ... كل سنه وانته طيب ياسى عبده . ما تيجى تتغده معاه .

_ لاء ... روحى أنتى .

_ طب ويمين النبى لا أنته جاى ... يوووه حلفتك بالنبى .

_ اللهم صلى عليك يا نبى ... طيب .

رجع معها وســارا يتحاكيان . ويوزعان التحايا على الناس . وعبد المحسن ينش لا شئ

بالمنشة ثم يضرب بها كفه الشمال . وعندما وصلا عند بداية الجبانات . زعق عبد المحسن

بصوت رخيم بعد أن أبطئ ســيره ووضع المنشة تحت أبطه مع الجريده . ورفع كفيه .

_ الفااااتحة لأمواتنـــا واموات المسلمين .

_ ولا الضااااالين آآآآآآمين ..... ؛

لما انتهيا من قراءة الفاتحة . كانا قد اقتربا من مقام الشيخ حسن الاعظم . ألتفتت أم هاشم

ناحية المقام فذلت قدمها ووقعت على الارض . ووقعت المشنه وتناثر الارز والملوخية .

وتدحرجت الفرخة مترين .. وقد علق بها التراب وبقايا روث البهائم .. وظلت ام هاشم منكفئة

على وجهها قاطعة النفس . وعبد المحسن يضربها على صدغها محاولا أفاقتها . حتى تجمع

المارة والجيران وأشموها بصلا . أتوا به من زرعة كانت تتوسط باب مقام الشيخ حسن

الاعظم فشهقت وأفاقت بعد أن فركوه فى وجهها فركا . وكان كلب الحاج مسعود البقال

الذى طرده عملا بنصيحة الشيخ عبد الرحمن امام الجامع . مارا يتلوى ويلعب بذيله . ما

إن شم رائحة الفرخة حتى أنقض عليها بأنيابه وأخذها وولى هاربا داخل الجبانات .

وفزع عبد المحسن وترك رأس أم هاشم التى كانت فى حجره فأرتطمت بالارض وصرخت

أم هاشم . وصاح عبد الحسن كأنه يستنجد .

_ حلق ياوله .... حلق على الكلب يا جدع .. الله يقطع الكلب والحاج مسعود فى يوم واحد .

يا سنه ســوخه يا ولاد ... طب والله لما أشوفك يادى الكلب .

وزامت واحــدة من الواقفين .

_ يا خســـارة الفرخة يا ولاد .

.. حملوا ام هاشم على عربة سيد اسماعيل الكارو . وركبت جوارها الباتعة زوجة الشيخ

عبد الرحمن امام الجامع اذ تصادف مرورها وبعض نسوة القرية العائدات من الحقول .

_ مش دى أم هاشم بنت الحاج زكريا ؟

_ أيوه أخت أسم النبى حارســـها الست مفيدة .

_ يا حول الله ياربى . ؛

_ يوه .... أومال فين أبنها هاشم ؟؟

_ كهه كهه كهه .. يا حوووومتى ... يخيبك مره .. هيه أسمها كده أم هاشم . ما عندها عيال

ما بتخلفش .. كهه كهه .

_ يوه ....

أخذت النســوة يتهامسن . وهن يضممن شفاهن ويحركانها يمينا ويسارا كالمتشفيات .

المستعجبات . ثم يطوحن ايديهن اليمين كل واحده بطريقتها . واحده تأخذها على فمها

المزموم . واخرى تضرب بها كفها الشمال ثم تمصمص اسنانها . ثم يتناوبن قول .

_ يا حول الله يارب ..... يا عينى ...... يا ولداه .

ثم يضحكن بصوت خافت فى خباثة . حتى وصلوا الى البيت . عبد المحسن قال .

_ طيب يا جماعة ما نجيلكم فى يوم رضى . متشكرين أوى خالص . حسابك كام

يا معلم سيد . ؟؟

المعلم سيد ضرب الحصان الجربان بالكراج وقال .

_ لا والله لا يمكن .... وعليا الطلاق ما آخذ حاجه .

عبد المحسن قال .

_ طب علشان الحصان يا معلم .

رد المعلم سيد وقال .

_ يعنى عايزنى أطلق المره ياسى عب محسن .

_ طب متشكرين اوى . نجاملك فى الافراح ........... قومى يا أم هاشم وصلنا . قومى

يا وليه ..... قومى جك حش وسطك .. مش كفاية الفرخة اللى سرقها الكلب . ؛


*************************

كانت الشمس قد انسحبت من شوارع القرية وأخذت تمشى متخطية الجبانات . ووقف

ظلها قليلا فوق سطح مقام الشيخ حسن الاعظم . حين كانت تمر حمارة عزيزة العمشة

حامله على ظهرها زكيبه ذات طرفين .. فى طرف برسيم . وفى الآخــر فأس وشرشره

وبعض حزم الخضروات وبضع جذور البطاطا . وعزيزة العمشه تمشى تتمخطر وتغنى

ممســكة بذيل الحمــاره . نظرت فوق سطح مقام الشيخ حسن الاعظم . فوجدت الشمس

واقفه لا تتحرك فمصمصت أسنانها عجبا . وقالت فى سرها . شيخ كله بركه . ثم اكملت

المسير حتى وصلت باب الحارة فأنثنت يسارا ودخلتها .

أستوقفتها ام هاشم التى كانت تكنس أمام الدار . ضاحكه . وأنثنت بسرعة ناحية البرسيم

وملأت يدها وراحت تأكله بنهم .. فبهتت عزيزة العمشه وخبطت على صدرها .

_ دا برسيم يا ام هاشم .

_ أيوه عارفه . روحى بتهف عليه من الصبح .

_ ينيلك مره ... طب والنبى ومن نبى النبى نبى أنتى حبـله ... آى والله .

_ حـبـله . ؛؛؛ طب والنبى يا عزيزة ... إن كان .. ؛ لأجيبلك حلاوة طحينية .

_ يوه .. الشمش كانت واقفة على مقام الشيخ حسن الاعظم . دى بشرة خير .

وأخذت تزعرد والحمـــاره من الضجيج نهقت . وتجمع بعض النسوة والبنات حول أم هاشم

يباركوا لها على الحبل الذى لا تعرفه .

_ أنتى فاكرة البصلة اللى فوقتك يوم ما وقعتى ؟؟ كنا واخدنها من على باب مقام الشيخ

حسن الاعظم . بصلة مبروكه آى والله .

_ وقالت عزيزة العمشه . الشمش كانت واقفه على سطح المقام . دا يوم مبروك . أى والله

وقالت صالحة زوجة حسين وكانت حامل فى الشيخ حسن .. مبروك يا أم هاشم . ربنا

يتمم لك على خير .

.. وبهتت أم هاشم من المفاجاة ونمل وجهها وأحمرت خدودها . لكنها ظلت تمضغ البرسيم

المتبقى فى فمها .. وأرتكنت على جدار البيت وقالت بصوت عالى .

_ بت يا صباح ... روحى أندهى لأمى .

.. ظلت القرية طول الليل تتحدث عن البصلة المبروكة التى أفاقت أم هاشم لما وقعت من

شهرين يوم مولد عاشوراء والتى قطعها سيد العربجى من باب مقام الشيخ حسن الاعظم

والشمس التى وقفت على سطح المقام . وحزمة البرسيم التى أكلتها ام هاشم . وهى

بتتوحم .. ولا تدرى أنها حبلى .. ؛
.......................
يتبع.......

نورهان صلاح