2014/05/17

على لحم بطني.. للشاعر: مراد ناجح عزيز



علي لحم بطني


بيني وبينك طريق / رايح
والف طريق مش جي
بيني وبينك تعب
وضلعين مكسورين
وانا بجري وراك زمان
واتشعبط ف هدومك / أمل ..
واخد من عنيك الضي
وبيزرع شمس ف الحواديت
بيني وبينك علي لحم بطني ..
من امبارح ..
وروحي نازله ف جتتي تخبيط
ولا عارف أروح من روحي وامشي ..
ف طريق والخطوه مش ليكِ
والعمر غنوه حزينه , والوطن ..
لحني
وجودك شئ مريّحني
غيابك أرض بور الدنيا حواليّه ..
والزمن قاطع طريق ..
بين الحلم وعنيكِ
****

مراد ناجح عزيز

عارفة؟... للشاعر: عمرو عفيفي




عارفه؟



كل الحاجات
كانت بتسأل عن حاجات فيكى اختفت
كل الحاجات
خانت فعز عيون حبيبتى ماوفت
وانا زيهم
باسأل ومش لاقى الجواب
فين ياترى القلب اللى ياما ف قلبى داب
ليه اختفا.
ليه اللى فاضل منه حيرتى
ليه لما باسرح فيه ساعات فجأه ابتسم
ليه بالقى فرحه ف ننى عينى بتترسم
ليه فجأه باصحى من عيونك ع الغياب
عارفه؟
مستنى اشوفك
حتى لو كان ع الورق
وانا باكتب السطر اللى حبك كل يوم
وانا باكوى قمصانى ف دولاب الذكريات
وانا باشرب القهوة الزياده ف مكتبى
حتى وانا باصص ف عين كل البنات
يمكن الاقى عنيكى فيهم برضه بتدور عليا
وترجع العمر الجميل اللى اتسرق
عارفه؟.....
أنا ياما عيشت احلم أشوف ضلك رجع
ولا نابنى من الأحلام سوا كتر الوجع
أضحك لقلبى واحضنه
واقوله ماتفوق ياجدع
دى الفرحه رزق وخدت رزقك وانتهى
وانت اللى ياما دوقت سكر قلبها
سيبها بقا وبطل طمع
.......................((عمرو عفيفى ))

قضبان ما تعرفش الرصيف... للشاعر: عاصم المراكبي




قضبان ما تعرفش الرصيف



قلبِك رفوف ...

شايل ملفات التعب

مناديل ورق

كشاف بيشحن كهربا

حلقان دهب

الضحكه أشكال معدنيه

و الجُثه شقيت طبطبا

من غير أدب

يا جنيه عنيد

شاهد عيان على جتتى

متمرجحه من إيد لإيد

واخد ضلوعى فى سكتك

قضبان ما تعرفش الرصيف

يارغيف ياحنة معدتى

يا ضيف خفيف

البرد عمره ما كان مطر ...

والجوع خريف

الجوع مخيف

كفيف وداخل فى السباق

يا ملامح الأسلفت فى بيوت الزقاق

يا بطون ما تعرفش الشبع

الخلق شبعت مصمصه فى جسدى النحيف

وانا بشتهى ريحة الرغيف

لون الشتا

شكله الضبابى المستدير

يا ناسى يا صحيا و ميتا

وجودنا مش فارق كتير


************

عاصم المراكبي

يا أم العيون السمر... للشاعر: أشرف عمر مقلد




يا أم العيون السمر


يا أم الشعور الصُفر
و الوش لون قمحي
حلوين عنيكي السمر
نورهم جمال صبحي
عاشق وبرمي الشَبَك
مستني أشوف طرحي
أشكاله إيه السَمَك
وامتى يكون فرحي
***********
فيكي من الأوصاف
اللي محيرني
و اللي يسر العين
و اللي بيرعبني
خايف لـ ييجي ف يوم
يخدك حداً مني
وأعيش بعيد إزاي
والعشق جاذبني
***********
يا اللي الرضا سكتك
والطبع مش خدَّاع
والجنة نور ضحتك
والعشق ليكي أنواع
ساكن رحاب حضرتك
درويش من الأتباع
يا للي جمال خطوتك
ترياق من الأوجاع
***********
واقف على القضبان
ماسك بإيدي الجمر
فايق ومش سرحان
شايف عيونه الحمر
الموت ضعيف وجبان
جنب اللي باع العمر
وأنا عمري بعته زمان
عشان عنيكي السمر
***********
اسمك ف سِفر الأمل
إنجيل بيترنم
ذكرك عباده وعمل
قرءان بيتكلم
أوحى الإله للرسل
دايماً باسمك ليه
إلا عشان كرمك
لما اصطفاك لديه
***********
يا صافيه زي النور
يا بدر وسط الليل
يا حلوة زي الحور
يا أم التاريخ مواويل
يا مصر يا أم الخير
يا عايشه قبل النيل
دا كفايه إن الله
حافظك مع الترتيل

*************

أشرف عمر مقلد
22 سبتمبر 2012

أكون سعيد... للشاعر: محمد النويهي




مش كان
سعيد
يعنى هابى
طب ما تقولولهم
والنبى
عايزينا ليه
نموت بفول
وكلهم
صحة وعجول
أنا راضى إنه
يبقى غول
لكن يحقق
مطلبى
أبقى سعيد
أكون هابى


************
محمد النويهى
17/5/2014


التشخيص والفرجة الشعبية فى نزهة النفوس ومضحك العبوس .... بقلم / محمد على عزب






التشخيص والفرجة الشعبية فى نزهة النفوس ومضحك العبوس
بقلم / محمد على عزب



ِالشاعر على بن سودون اليشغباوى المصرى الجركسى الأصل " 810 ـ 868 هجرية / 1407 ـ 1463 م " علم بارز من أعلام الأدب الساخر فى مصر المملوكية، أراد والده الذى ابتعد عن العمل بالسياسة على غير عادة غالبية المماليك أن يصبح ابنه عالما فألحقه بالمدرسة الشيخونية قرأ فيها القرأن (عند الشهاب النعمانى وحفظ الكنز وقرأ فيه على جماعة منهم السعد بن الديرى، مع شرح عقيدة النسفى )1 ولم يكن تعليم ابن سودون دينيا تعليما خالصا فقد درس علم الميقات وقرأ فيه (على ابن المجدى وغيره وفى العروض على الجلال الحصنى والشهاب الخوّاص والاٍبشيطى .. وحجّ مرارا و سافر فى بعض الغزوات و أَمَّ ببعض المساجد )2 ولم يساعده علمه فى الحصول على منصب مرموق فعمل فى عدة مهن منها الخياطة و خيال الظلّ ( وتعاطى الأدب فبرع فيه وسلك فى أكثره طريقة هى غاية فى المجون والهزل والخراع والخلاعة فراج أمره فيها جدا وطار اسمه بذلك وتنافس الظرفاء ونحوه فى تحصيل ديوانه )3 ثم سافر اٍلى دمشق وأقام هناك حلقة يلقى فيها أشعاره وأزجاله الساخرة واتخذ من ذلك وسيلة للعيش، وقيل اٍن والده قد سمع ( أن ابنه يتعاطى التمسخر مع الأرذال تحت قلعة دمشق، فأتى والده اٍلى الشام ووقف على حلقة فيها ولده يتعاطى ذلك فلما رأى والده أنشد:
قد كان يرجو والدى بأن أكون قاضى البلد
ما تم اٍلاّ ما يريد فليعتبر من له ولد )4

ترك ابن سودون ديوانه الشهير نزهة النفوس و مضحك العبوس الذى جمع فيه اٍبداعاته الشعرية و النثرية وقام بتدوينه بنفسه مع ابن زوجته وقال فى مقدمته ( كنت كلّما جمعت من هذا النوع شيئا شتت الناس شمله فمنهم من يختلس بعضه ومنهم من يسرقه جملة ثم جمعت ما استحضرته وصرت أكتبه كيف يكون وأخلط والمدح والغزل فيه بالمجون وسميته نزهة النفوس ومضحك العبوس ثم خطر لى أن أميّز جده عن هزله أن ألحق كل نوع بشكله فبادرت عند ذلك وانتصبت لتميزه راجيا ممن عثر فيه على خلل أن يسامحنى )5 وقد قسّم الديوان اٍلى شطرين الشطر الأول فى المدح والغزل وغيرها من الجدّيات و هو شطر صغير يشكّل خمس عدد صفحات الديوان أمّا الشطر الثانى فى الهزليات وكتبت غالبية أشعاره بالعامية، و قد قسم ابن سودن هذا الشطر اٍلى خمسة أبواب الأول فى القصايد التصاديق والباب الثانى فى الحكايات الملافيق ، و الباب الثالث فى الموشحات الهبالية والرابع فى دوبيت وجزل ومواليا والباب الخامس فى التحف العجيبة الطرف الغريبة وألحق الديوان بفصل سمّاه " الذى قلته على طريق العجم "، أمّا مخطوط هذا الديوان فتتوزع منها عدة نسخ فى مكتبات أوربية و عربية و تمت طباعته لأول مرة فى القاهرة سنة 1863م وكانت نسخة سيئة الطباعة، ومن أحدث وأشهر طبعاته المحققة طبعة جامعة ليدن ـ هولندا 1998م تحقيق المؤرّخ والمستشرق الهولندى د. أرنود فروليك واعتمد فى تحقيقه على نسختين لمخطوط الديوان، النسخة الأولى محفوظة بجامعة أكسفورد ـ المجموعة البودلينية وتاريخ تدوينها 26شعبان سنة 862هجرية، والثانية محفوظة بدار الكتب المصرية مجموعة أدب تيمور رقم 945 وتاريخ تدوينها 24 ربيع الأول سنة 862هجرية وأشار لها برمز حرف B فى الهوامش وفى متون بعض النصوص عند مقارنته بين النسختين وتوضيح الفروق بينهما، و قدمت الهيئة المصرية لقصور الثقافة هذا الكتاب سنة 2010م فى سلسلة الذخائر وقد اعتمدنا فى قراءة أشعار ابن سودون على هذا الكتاب وعلى صورة من نسخة لمخطوط الديوان محفوظة بمكتبة جامعة ليبزك فى ألمانيا تحت رقم vollers 0567وعليها اسم الناسخ محمد ابن ابى بكر بن غانم وتاريخ النسخ 15شعبان سنة 900هجرية، وهى اٍحدى النسخ المنقّحة التى قام الناسخ بنقلها من نسخة أخرى نقّحها ابن سودون قبل وفاته وتختلف عن الكتاب المطبوع ـ تحقيق أرنولد فروليك ـ فى أن بها أربعة موشحات هبالية وأربعة نصوص من المواليا و ثلاثة من الدوبيت و نصين من الزجل أحدهما طويل و ثلاثة بلاليق قصيرة فى الجزء الأخير من الديوان لم ترد في الكتاب المطبوع كما أن هناك أربعة أشطر كاملة ناقصة من موشح هبالي و ستة أشطر ناقصة من موشح هبالى آخر فى الكتاب المطبوع ـ تحقيق د. أرنو فروليك ـ وموجودة فى هذه النسخة وكذلك بعض الحروف والكلمات مستبدلة بحروف و كلمات آخرى .

أهم السمات التى تميّزت وتفرّدت بها اللغة الفنية فى نزهة النفوس ومضحك العبوس من حيث طابعها التعبيرى، هى استخدام مفردات و تراكيب من لغة الأطفال و استخدام صيغة التصغير بشكل لافت فلا يكاد يخلو نصّ من هذه الصيغة، واستخدام المعينات الاٍشارية " الضمائر و الأفعال " الدالة على حضور الذات فالشاعر على امتداد نصوص الديوان يقدم / يحكى للمتلقى من خلال رؤيتة الفنية مواقف و تجارب ساخرة عاشها أو رأها، يقوم بتمثيلها مستخدما مفردات من لغة الأطفال وصيغة التصغير وكأنه يعرض حياته الشخصية عبر التمثيل / التشخيص الشعبى فى بابات " تمثليات " خيال الظل أو حكايات صندوق الدنيا بمخيلة وذاكرة بصرية لطفل يخاطب الأشياء والنباتات والحيوانات كما فى هذا المواليا الذى خاطب فيه بقرة :
ليش يا بقيره أنا اسمعكى تقولى امبوه
وابنك كمان خدوه الناس وما جبّوه
يا بخت دا أكلوه من كتر ما حبّوه
ماعاد يحتاج اٍلى ممّه ولا اٍمبوه
وقوله فى هذه البليقة عن يوم طهوره :
من زمان و انا صغير وعَلِى قد طاهرونى
وعَلَى فرس مزوّق فى الزقاق قد دوّرنى
وبسلارىّ كمانه فوق قماشى سلرونى
وبقى معى منيديل انشّ به الدبّان تريري
كلما جت واحده لى قلت هشّ هشّ طيرى
بعد دا قام شى وجعنى فبقيت ابكى واعيّط
وبقت أمى حدايا بدعاها لى تحوّط
عملت مثل الجكاره كلما أبكى تزغرط
رحت انا منغاظ فجتنى تنبله تشرح صديرى
قلت لا والله احلفى لى ما تعيدى لى طهورى
فى المطلع يذكر ابن سودون أنهم قد طاهروه عندما كان صغيرا واسمه " على " ويصف بطريقته التمثيلية يوم الطهور مستخدما فى ذلك لغة واصفة تخاطب المخيلة البصرية للمتلقى / القارئ، والمرجّح أن ابن سودون الذى عمل مخايلا " ممثلا " فى خيال الظلّ يحرك الشخوص / العرائس ويلّون صوته ويحاكى أصوات الطيور والحيوانات من وراء ستار شفاف تنعكس عليه ظلال تلك الشخوص التى بينه و بينها وسيلة اٍضاءة، كان يقوم بآداء حركات و اٍيماءات تمثيلية وهو يلقى أشعاره الساخرة فى الحلقة التى يستمع اٍليه فيها الجمهور، ففى هذه البليقة استخدم سودون الوصف المقرون بالكلمات الدالة على الحركة " وصف سردى" وهو يحكى عن يوم طهوره عندما وضعوه على فرس مزوّق داروا به فى الزقاق، وألبسوه السلاريّ وهو نوع من الثياب بدون أكمام أو بأكمام قصيرة جدا يصنع من الحرير أو القطن البعبلكى و سمى بهذا الاٍسم نسبة للأمير المملوكى سلار، وأعطوه منديلا ينشّ به الذباب ثم أحسّ بشئ يؤلمه فبكى وكلما كان يبكى كانت أمه " تعمل مثل الجكارة " وتزغرد، والجكارة كلمة وردت فى مثل شعبى شامى متداول فى ذلك العصر كان يقول " جكارة فيّا " بمعنى العناد والمناكفة، وعندما جاءت أمّه تنبله أى تدعى البله وهى تمزح معه لتصالحه وتشرح صدره استحلفها بالله أن لا تعيد له طهوره .

اشتهر ابن سودون بأسلوب ساخر أشار اٍليه الدارسون وهو اٍثارة الضجّة حول أشياء بديهية معروفه، والحديث عن هذه الأشياء على أنها من العجائب والغرائب فتحدث المفارقة المثيرة للسخرية بين التصوّر الذى يقدمه الشاعر، وبين الصورة الذهنية القارة فى وعى وذاكرة المتلقى مثل قوله:
من رقد فى الماء يبله اٍى و لو كان فيه كله
و الذى ينكر أقل له جرّبه تعرف يا خىّ
والاٍنسان فى أسوان كالنسوان، له اٍسنان
خلقة المولى العلىّ
من رقد فى السطح عريان فى الشتا تلقاه بردان
اٍى ولو يا ناس قد كان ابن سلطان كسروى
و قوله:
اٍسمعوا يا ذا الحضور منى عجاجيب الأمور
أمّا السما فهى السما والقمرمر فيها يدور
والبرق اٍن برق زرق تمنطرت بعده المطور
و كلّما اتباكى السحاب تمضحكت منه الزهور )6
و قوله فى قصيدة معربة تضمنت بعض التراكيب والمفردات العامية :
عجبُُ هذا هذا عجبُ بقرهْ اٍمبو و لها ذنَبُ
ولها فى بِزْبِزْها لبنُ يبدوا للناسِ اٍذا حلبوا
لا تغضب يوما اٍن شُتمت والناسُ اٍذا شُتِموا غضبوا
لا بدَ لهذا من سببِ حَزْرا بَزْرا ماذا السببُ )7
وأرى أن هذا الأسلوب فى السخرية ليس فقط مجرّد تحامقا أو ادعاءا للبله والغفلة لاٍضحاك المتلقى، ولكنه يحمل فى طياته رؤية فلسفية ساخرة تشير اٍلى أن صفة العجيب والغريب لا تكون فى الأشياء والظواهر و الكائنات بل اٍن الاٍنسان هو من يضفى عليها هذا الصفات بناءا على رؤيته لها، واعتياده على اٍدراكها و عرضها بشكل معيّن وأن الاٍختلاف بين الناس فى رؤية واٍدراك وعرض نفس الأشياء يكون مثيرا للسخرية .
واٍلى جانب الأسلوب السابق استخدم ابن سودون فى بناء مفارقاته الساخرة أسلوب التحايل والمكر كما فى هذا المواليا :
فيك يا كريّمه عنيقيد عالى ما أوصل له
حامض وحش ما استوى أفو على شكله
واٍن تقولى استوى طيب وقد حلّه
دلّيه لعندى كده أدوق منه وانا اشهد له
رأى ابن سودون شجرة عنب بها عنقود عال لا يستطيع الوصول اٍليه فحاول استدراجها بأسلوب ماكر لكى لكى يحصل على هذا العنقود، فقال أن لها أن شكله سيئ لم وينضج بعد واٍن قلتى أنه قد طاب فقومى بتدليته كى أتذوقه وأشهد له .
وكذلك استخدم ابن سودون الاٍستعارات والتشبيهات الغريبة والطريفة فى بناء مفارقاته الساخرة ومن أمثلة ذلك قوله :
نخلة المشمش قد باضت والمويزه منها اتغاظت
قامت تعرّت وخاضت فى قطر آه لو أتانى
فى هذا المثال استخدم ابن سودون الاٍستعارة المكنية الطريفة والمبتكرة فى بناء المفارقة حيث شبه شجرة المشمش بالدجاجة، و حذف المشبه به " الدجاجة " وأتى باٍحدى لوازمه وهى أن الدجاجة تبيض وشبّه ثمرة الموز بالمرأة وشبه قشرها بالملابس، وأنها عندما رأت شجرة المشمش تبيض اغتاظت وتعرّت ثم خاضت فى طبق من العسل يسمى قطر النبات .

ومن الطريف أن ابن سودون فى الشطر الخاص بالهزليات من نزهة النفوس ومضحك العبوس قد تناول الأغراض الشعرية المعروفة كالمديح والرثاء، وغيرها من الأغراض التى تناولها فى الشطر الخاص بالجدّيات ولوّنها بالسخرية والتهكم .
ومن أمثلة ذلك فى المديح قول ابن سودون فى طفل رضيع :
ما احسن النّنّه بتختُه حين يقوم يفتح عوينُه
ويناغى امّه و يلعب فى البزيزه يا فُنّينُه
لو عمل هذا كبير سقّعوا و الله دقينُه
ما احسنه من فوق ثيابه مريله على صديرى
و قبيعه فيه خريزات فيه شريريبات حريرى
له حديث و ضحك ما احلاه اٍن تحدّث أو تبسّم
و يقول تُتّو و نُنّو اٍن تقعّد أو تنوّم
و يسسّ اٍن خطر له فى التُخيت أو فى الحُجيرِ
لا يخاف ولا يبالى من صغير أو من كبيرِ
يمتدح ابن سودون رضيعا " نِنّه " فى مهده " تخته " يستيقظ من نومه و يناغى أمّه ويلعب فى صدرها بفن، ويصف ابن سودون بلغتة البصرية ملابس الرضيع فى ذلك العصر الصديرى والمريلة والقبعة ذات الخرزات و الشراشيب " الطرطور"، ويعدّد ابن سودون مناقب ممدوحه من حيث حلاوة الحديث والضحك وجرأته فى أنه " يسسّ " يتبوّل عندما يريد ذلك سواء فى السرير أو فى حجر أحد فهو لا يبالى ولا يخاف من أحد .
وفى الرثاء الساخر قال ابن سودون :
لا يصعب عليك يا مّى الموت لا غنى عنّه
كم تركى وكم عمّى مات قبلك وعاش ابنه
من بعدك بقى يتمى عمرى ما اتخلّّص منّه
مثلك ما التقى أخرى الأمّات حرام بعدك
الله يرحمك بكره والمغرب على بعدك
ما دام ربى يبقينى أدعى لك بحمد الله
يتضح هنا كيف استطاع ابن سودون ببراعة فى أن يأتى بمفردات من معجم الرثاء فى شعرنا العربى ويصبغها بالسخرية والتهكّم، عبر توظيفها فى نصّ شعرى هزلى يرثى فيه أمه الراحله ويقول لها أن الموت لا غنى عنه فكم من تركى الجنس وكم عم من أعمامه قد مات و ترك ابنه، و يطمئنها بأنه بعد موتها لن يتخلّص من يتمه ولن يبحث عن أمّ أخرى فقد حرّم على نفسه " الأمّات " الأمّهات من بعدها .
وفى النسيب والفخر قال :
أنا من أنثى أنا من ذكرِ كان أصلى وأسألوا عن خبرى
قد مضت لى زفّه يومها طاهرونى اٍى وذا فى صغرى
وبقت أمّى ما أخلعها فى زغاريط بفرحه تررى
لمّا رأيت الموس شخّيت ولو كان غيرى رآه لخرى
كان الشاعر العربى فى الفخر و النسيب يضفى على نفسه و على قبيلته صفات النبل والبطولة والفروسية بشكل مبالغ فيه، ولكن ابن سودون فى هذا الغرض الشعرى فارق المألوف بمنظور الساخر الطريف فعن نسبه قال أنه ابن أنثى وذكر، وعن فخره بنفسه قال باعتزاز أنه لمّا رأى موس الحلاق عند طهوره تبوّل فقط ولو كان هناك شخصا غيره فى هذا الموقف لكان أقل ثباتا وشجاعة منّه وبدلا من أن يتبول يتبرز .
وفى الحكمة والنصح قال :
اٍسمعوا للشيخ قرندل من بلغ نزله وثقّل
ياكل الرزّ المفلفل وهو باللحم السمين
السماط لمّا يمدّون اٍتركوا الأكل من الدون
واسمعوا نصح ابن سودون تلتقوا الخير أجمعين .
قدم ابن سودون هنا صورة هزلية لمقولات شعراء الحكمة و الوعظ التى تتردد فيها أفعال الأمر و المفردات والتراكيب التى تعبّر عن الخبرة، وخلاصة التجربة فى خطابه لمن يأكلون فى الولائم و نصحهم بأن يتركوا الرخيص من الأطعمه الموضوعة أمامهم على السماط وأن يأكلوا الأنواع الفاخرة كاللحم السمين والأرز المفلفل .
وفى الغزل الساخر قال :
قد همت بفيل كالغصن يميل
له خصر نحيل أعانقه يعصفنى
عن وصله أبيت حين شكله رأيت
فى النوم بقيت أهرب وهو يشحتنى
شبّه ابن سودون المحبوب بالفيل وخلع عليه صفات تتناقض مع هذا التشبيه فى مفارقة تصويرية قدم من خلالها ابن سودون تصوره الهزلى الساخر لشعر الغزل، الذى يتحوّل اٍلى هجاء عندما تتناقض الصفة مع الموصوف بها .
وفى المجون قال عن الحشيش :
بلعت يوم بندقه فى لونها خضره
رأيت بياض عينى قد صارت عليه حمره
وصرت عابر و خارج بيتنا ما أدره
وانا ما باقشع شئ لا جوّا ولا بره .
كان المصريون يسمون مخدر الحشيش بندقا فى العصر المملوكى وقد تردد ذكره عدة مرات فى أشعار ابن سودون التى جارى فيها شعراء المجون، كما فى هذه الصورة الفنية الساخرة التى استخدم فيها عنصر اللون والحركة لاٍبراز هيئته وهو مسطول بعد أن ابتلع قطعة حشيش خضراء، فتحوّل بياض عينيه اٍلى حمرة اٍشارة اٍلى فقدان الوعى الذى أدى اٍلى تخبّطه فى الطرقات وهو خارج بيته لا يعلم شيئا .
هناك تقليد شعرى اتبعه بعض الشعراء وهو أن الشاعر كان يكتب وصيته شعرا لأهله طالبا منهم أن يدفنوه بعد موته فى مكان ما أو بجوار شخصّ، و كانت هذه الوصية تعبيرا شعريا عن شدّة وله وهيام روح الشاعر بذلك المكان أو الشخص أو الشئ ، و قد جارى ابن سودون الشعراء فى ذلك وكتب هذه الوصية الطريفة فى نهاية أحد موشحاته الهبالية حيث قال :
يا أهيلى بعد موتى كفنونى بالكنايف
اجعلوا السكر حنوطى واعملوا البانيد لفايف
وانعشونى فى المنيفش وادفنونى فى القطايف
وان دفنتو لى مويزات مع عسل مصرى تريرى )8
ذكر ابن سودون فى هذه الوصية أنواع الحلوى المعروفة فى عصره و من شدة تعلّقه بها طلب من أهله بعد موته أن يكفّنوه بالكنافة ويجعلوا السكر حنوطا له، ويلفونه بحلوى البانيد أو الفانيد وهى حلوى بيضاء ويصنعوا له نعشا من فطائر المنفوش ويدفنوه فى القطائف واٍن تكرموا يدفنوا معه الموز والعسل المصرى .

بالرغم من أن ابن سودون كان ولدا لأب مملوكى جركسى الأصل اٍلاّ أنه انغرس فى عمق البيئة الشعبية و جرت فى عروقه خفة الظلّ المصرية، التى جعلت من النكتة والقفشة سلاحا يواجه به المصريون ظروف الحياة القاسية، فأصبح ابن سودون مصرى المولد والروح عاش حياة الصعاليك فى الحارات والأزقّة التحمت روحه الشعرية بمفرداتها، كتب شعره الساخر من خلال رؤيته الذاتيه عن كل ما يتواجد فيها من بشر ودواب وجمادات وكل ما يدور بها من أحداث ومناسبات واحتفالات .
ومن أمثلة ذلك قال عن احتفالات الزواج :
ما أحيلا يا ناس بيت العرايس من دخل فيه يفرح ولو كان عابس
فيه ترى الناس بين قايم وجالس فى مسرات وتهانى من الله
فيه بشاخين مزوّقه فى تعاليق وقناديل معلّقه فى تزاويق
عسى الله دى الكل يبقوا علاليق حتى أخطف منهم وآكل عسى الله
وصف ابن سودون احتفالات الزواج وبيوت العرائس التى تمتلئ بالمهنئين بين قائم وجالس فى فرح و سرور وتعلّق فيها البشاخين " نوع من الزينة " والقناديل، وألقى بظلال روحه الساخرة على هذا المشهد حيث تمنّى بطريقة تبدو طفولية أن يتحوّل الكل اٍِلى "علاليق" تماثيل من الحلوى معلقة بخيوط حتى يخطف منها ويأكل .
وعن طفل صغير رآه يلعب بفانوس قال:
فى الغطاس رأيت صغير ومعه فانوس مزوّق
وعليه نرجس و تفاح ما اظرفه والله يشوّق
واسمعه يقول لأخته ما لكى مثله فتزعل
با بَتى خَد لى فوينيس مثل خَىّ دا الصغير
برؤيته التمثيلية رسم ابن سودون هذا المشهد الذى رآه فى الحاره و ربطه بمشهد آخر رأى فيه لعبة على شكل قنفذ أصفر مع بائع حلوى ينادى للصغار، فشعر ابن سودون بالأسى والحزن لأن الصيام جاء وهو كبير حيث قال :
ورأيت فى الصوم قنيفد من عجين وهو أُصَيّفَر
وهو مع بياع ينادى الحلاوه يا صُغَيّر
فانغلبت انا كمنّى جا الصيام وانا كُبَيّر
و كتب ابن سودون عن الحيوانات الأليفه مثل قوله عن قطّة صغيرة مع أمها:
يا حزين الناس يا بختى بيتنا جوّاه قطيطه
ادكى فيها علامه أنفها فوقه نقيطه
بايدها تمسح وتلحس وتدور فوق الحويطه
وامّها تصيح نر نو أى تعالى فى حجيرى
ألحسكْ واسقيكْ بزيزه بعدها العبى ودورى
لم يكتف ابن سودون هنا بمحاكاة صوت القطّة وهى تنادى على ابنتها ولكنه قام بتفسير ما تقصده القطة الأم من هذا النداء، وفى العديد من أشعار ديوان نزهة النفوس ومضحك العبوس يقدم ابن سودون نفسه على أنه صاحب خبرة ودراية بلغة الحيوانات والطيور، لدرجة أن ذلك يمثل أحد الظواهر الفنية فى أشعار ابن سودون الهزلية التى يعرضها فى شكل مشاهد تمثيلية طريفة .

*****************

الهوامش والاٍحالات
1ـ السخاوى ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ـ دار الجيل بيروت ـ ج 5 ص 229
2ـ المصدر السابق ونفس الصفحة
3ـ المصدر السابق
4ـ ابن العماد الحنبلى ـ شذرات الذهب فى أخبار من ذهب ـ دار ابن كثير ـ بيروت ـ 1992م مجلد 9 ص 455
5ـ ابن سودون ـ نزهة النفوس ومضحك العبوس ـ تحقيق أرنود فروليك ـ سلسلة الذخائر هيئة قصور الثقافة 2010م ص 3، وفى نسخة المخطوط المحفوظة بجامعة لايبيزك ورقة رقم 3
6ـ صورة من نسخة مخطوط ديوان نزهة النفوس ومضحك العبوس ـ مكتبة جامعة ليبيزك ـ ألمانيا ورقة رقم 65
7 ـ المصدر السابق ورقة رقم 35، و فى الديوان المطبوع تحقيق أرنود فروليك ص 47 جاءت كلمة أنثى بدلا من كلمة اٍمبو وجاء التعبير الدارج حزرى بزرى بدلا من حزرا بزرا وهو أصل حزّر فزّر
8ـ فى المصدر السابق ورقة رقم 60 ( واتركوا عندى مويزات مع قطير نبات كتير )




باكو شيكولاته.... للشاعر: مجدي عبد الرحيم




باكو شيكولاته
من طفلة إلى والدها الذى أبعد عنها لظرف ما
شعر: مجدى عبد الرحيم




وحدى فِ البلكونه ..
بالعَب ويَا عروستى ..
اللى دايمًا بتونِسنِى ..
و بتحرسِنى
و مَامَا فِ الصَاله
بتضحَك مع عَمو
اللى لابس بيجامه بيضَا
زى بتاعتك يا بَابَا
وأنا زعلانة خالص ..
من عَمو
علشان بينام ..
دلوقتى مكانى
و مَامَا قالت لِى :
حَ تنامى لوحدك ف الأوضه
وأنا خايفه يا بَابَا
م العفاريت
لمَّا بتغضب منى ..
كانت بتخوفنى بالعفاريت
دلوقتى بتقول لَى :
مفيش حَاجَه إسمهَا عفاريت
كلام مَامَا إتغير ليه يا بَابَا
هو صحيح العفاريت ..
بتموت
. . . . . . . . . . . .
عَمو جَاب لِى شِيكولاته
زى بتاعتك ..
لكن ..
طعمها مُش حلو
و مَامَا عايزانى أقوله ..
يا بَابَا
طب إزاى ..
هو فيه ف الدنيَا حَد
ليه إتنين أب
مَامَا زعلت منى
وعَمَّاله تعيط
. . . . . . . .
إمبارح رحت معَاهم ..
حديقة الحيوان
إستنيتك عند الفيل
يمكن تيجى ..
زى زمَان
على فكره الفيل ..
كان زعلان ..
و مكشر
و رافض ياخد أكل ف زلومته
هو الفيل برضه ..
بَابَاه مسافر
و قاعد ويا عَمو ومَامته
. . . . . . . . . .
طب كلمنى ف التليفون ..
زى الأول
و لا أقولك سر خطير
إنت واحشنى بجد يا بَابَا
نفسى أشوفك ..
واسمع صوتك
ف البلكونة حَ ستناك
و هَات لِى معاك
باكو شيكولاته
وحضن كبير

2014/05/14

شريف رزق: «عصابات» تدير المشهد الثقافى فى مصر...




شريف رزق...





- شاعر وناقد مصري ، بدأ نشر أشعاره منذُ أواخر الثَّمانينيَّات من القرن الماضِي ، في مصرَ وغيرها من الدِّول العربيَّة .
- أصدر الأعمالَ الشِّعرية الآتية :


1- عُزلةُ الأنقاض ، طبعة أولى : 1994.
2- لا تُطفِئ العتمة ، طبعه أولي :1996.

3- مجرَّةُ النِّهايات ، طبعة أولى :1999
.
4- الجثَّة الأولى ، طبعة أولى : 2001.
5- حيواتٌ مفقودة ، طبعة أولى :2003 ، طبعة ثانية : 2010.
6- أنتَ أيُّها السَّهو ، أنتَ يامَهبَّ العائلةِ الأخِيرَةِ : 2014.

- وأصدرَ الأعمالَ النَّقديَّة الآتية :
1- شِعرُ النَّثر العربيِّ في القرنِ العشرين ، طبعة أولى : 2010 .
2- قصيدَةُ النَّثرِ في مشهدِ الشِّعرِ العربيِّ ، طبعة أولى : 2010 .

3- آفاقُ الشِّعريةِ العربيَّةِ الجديدَةِ في قصيدَةِ النَّثرِ ، طبعة أولى : 2011 .


4- قصيدَةُ النَّثرِ المصريَّةِ : شعريَّاتُ المشهدِ الجديدِ ، طبعة أولى :2012.


5- الأشكالُ النَّثرشعريَّةُ في الأدبِ العربيِّ ، طبعة أولى: 2014 .


- تُرجِمتْ أشعارٌ له إلى اللغة الإنجليزيَّة والفَرنسِيَّةِ ، وتمَّ تدريسُ بعضها في الجامعاتِ المصريَّةِ ، وتناولتْهَا العديدُ من الدِّراسات النَّقديَّة والأطروحاتِ الجامعيَّة .
- سَاهمَ في تحرير مجلَّة ( الشِّعر) ، تحت رئاسة تحرير : خيري شلبي ، فى الفترة من أكتوبر 1993 حتَّى أكتوبر1998 .
- سَاهمَ في تأسيسِ مُلتقى قصيدة النَّثر .
- شارك في العديد من المؤتمراتِ الأدبيَّة المحليَّة والعربيَّة شاعرًا وباحثًا ؛ منها مؤتمرُ اتِّحاد الكُتَّاب العَرَب بالقاهرة 2006 ؛ حيثُ شَارَكَ فيْهِ باحثًا وشَاعرًا ، ومؤتمرُ تحوُّلاتِ الشِّعرِِ المِصريِّ الرَّاهن ، الَّذي عُقِدَ بالمجلسِ الأعلى للثَّقافة ، في نوفمبر 2012 ، وكانَ عضوَ أمانَةِ المؤتمر .
- قامَ بالتَّحكيم في جوائز اتِّحاد الكُتَّاب ، وجائزة الدَّولة في الشِّعر .







حوار – عزمى عبد الوهاب
منقول عن بوابة الأهرام العربي




ما بين الشعر والنقد يقيم الشاعر شريف رزق، وهو فى المجالين يمتلك مشروعا خاصا، لفت الأنظار إليه مبكرا من ديوانه الأول “عزلة الأنقاض” فكتبت إحدى الصحف السعودية آنذاك إن “أبرز ما يميز قصائد شريف رزق أنه يحاول أن يكون هو، ولا يريد أن يتشابه مع أحد” وترجمت قصائده إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية وتم تناولها فى أطروحات جامعية.
أنجز شريف رزق فى إطار هذا المشروع ستة دواوين منها “لا تطفئ العتمة – مجرة النهايات – الجثة الأولى – حيوات مفقودة” وفى الدراسات النقدية أصدر عدة كتب منها “قصيدة النثر فى المشهد العربى – آفاق الشعرية العربية الجديدة” وهو معنا فى هذا الحوار.
> من “عزلة الأنقاض” ديوانك الأول الصادر فى العام 1994 إلى ديوانك الأحدث “حيوات مفقودة” يبدو أنك كنت مشغولا بالتجريب على مستوى البناء.. ما الذى اختلف على مستوى الوعى الشعرى طوال هذه الرحلة؟
بالفعل أنا مشغولٌ طوال مسيرتى الشِّعريَّة بالتَّجريب؛ سواء بالتَّجريب اللغويِّ فى تأسيس بنية خطابٍ شعريٍّ خاصَّةٍ؛ يتمُّ فيها اكتشافُ رؤى جماليَّة جديدة واكتشافُ أصوات اللاوعى واللانهايات، أم بالتَّجريب فى البناء الشِّعريِّ، وكلُّ عملٍ شعريٍّ لديَّ له رؤية جماليَّة خاصَّة، يستقلُّ بها عن غيره؛ على سبيل المثالِ: شدَّدَ البناءُ الشِّعريُّ فى (عُزلة الأنقاض) على جماليَّات التَّشظيِّ والتَّفكيك وجماليَّات البناء بالهدم، وهيَ الجماليَّات الَّتى رأى فيها مَنْ دَرَسُوا الدِّيوان انعكاسًا جماليًّا للانهيارات الأيديولوجيَّة والقوميَّة والفكريَّة منذُ أواخر الثَّمانينيَّات، وتأكَّد بقوَّةٍ فى بدايات التِّسعينيَّات، وجاء ديوان (لا تُطفِئ العَتْمَة) قصيدًا شعريًّا واحدًا؛ بأداءَاتٍ شعريَّةٍ متعدِّدةٍ، عكستْهَا أبناطُ الطِّباعةِ وتوزيع الكتابة فى فَضَاءِ الصَّفحةِ، فى تشكيلٍ بَصَريٍّ متنوٍّعٍ، وجاء ديوان (مَجَرَّة النِّهايَات) قصيدًا تتنامَى وَحَدَاتُهُ الشِّعرُ سَرديَّةُ، فى بناءٍ ملحميٍّ، وفى شكلِ مُتواليةٍ شعريَّةٍ؛ جمعتْ فى أدائِهَا بين التَّشكيلِ المَجَازيِّ والسَّرد الشِّعريِّ المُتنوِّعِ، ثمَّ أصْدرتُ ديوان (الجُثَّة الأولى)؛ وهو قصيدٌ تفعيليٌّ؛ يتشكَّلُ منْ عدَّةِ نصوصٍ مُتناميةٍ، ويتأسَّسُ على جماليَّاتِ التَّشكيلاتِ اللغويَّةِ والإيقاعيَّةِ؛ للتَّعبيرِ عنْ حرائقِ الذَّاتِ الإنسانيَّةِ فى الجحيمِ الأرضِيِّ، وَهَذا القصيدُ هو الأسبقُ فى أعْمَالِى الشِّعريَّةِ تاريخيًّا؛ إذا استثنينا القصائدَ الَّتى نشرتُهَا فى أواخرِ الثَّمانينيَّاتِ، ولمْ أنشرْها حتَّى الآنَ؛ لأنَّنى لمْ أنشُرْ إلاَّ مَا تضمَّنَ تجربةً واحدةً مُتكاملةً، فى بناءٍ واحدٍ، مُتعدِّدِ الطَّوابقِ وَالوَحَداتِ، وقد تعرَّضَ الدِّيوانُ لقراءاتٍ ضالةٍ، وَوِشَاياتٍ، قامتْ بها جماعةٌ منْ المسئولينَ عنْ (الثَّقافة) فى صُحفٍ (إسلاميَّة)، وَاستكتبوا بعضَ نقَّادِهم – منهم د. جابر قُميحة – وتمَّ إيقافُ توزيع الدِّيوان، فى صمتٍ، عقب مُصادرَةِ الرِّوايات الشَّهيرَةِ، ثمْ أفرجتْ عنه الهيئةُ العامَّة لقصور الثَّقافة، بعدَ حَجْبٍ دامَ عامًا، ويأتى نصُّ : (حَيَوَات مَفقُودَة)، وهو نصٌّ يندرجُ ضِمْنَ نوعِ : النَّصِّ الشِّعريِّ الجامع؛ حيثُ يتضمَّنُ مجموعةَ أساليب شعريَّة وسرديَّة وتشكيلاتٍ بَصَريَّةٍ على مَدَار التَّجربة؛ فلكلِّ صفحةٍ شكلُها البَصَريُّ، المجسِّد لتشكيلها اللغويّ والدَّلاليّ .
> وما دور الوعى فى ذلك؟
حينَ أتأمَّلُ هذه الأعمال، معًا، هكذا، أصِلُ إلى أنَّنى لا أكتبُ قصائِدَ، بَلْ أعمالا شعريَّةً، تجاربَ لا قصائدَ، وأدائى الشِّعريُّ فى هذه الأعمالِ يستفيدُ منْ شتَّى آليَّات الأنواع الأدبيَّة والفنيَّة؛ للتَّعبير عن التَّجربة، كَمَا أعيشُهَا تمامًا، وَلَدَى شُعَرَاءِ التَّجاربِ تجدُ – دائمًا – مُشترَكًا رُوحيًّا، وَمُشترَكًا فى الرُّؤى، لا تجدُ هذا فى شعرِ أدونيس أو عفيفى مطر أو وديع سعادة، على سبيلِ المِثالِ، فقطْ، بلْ فى المُنجَزِ الإبداعيِّ للمتصوِّفةِ، وفى مٌنجَزِ شعراء كريستوس، ووالت وايتمان، وكفافيس، وغيرهم . غيرَ أنَّ الوعيَ لابدَّ أنَّ يتغيَّرُ منْ تجربَةٍ إلى تجربَةٍ، على الرَّغمِ منْ هيمنَةِ الوعى العام، وتغيُّراتُ الوعى التى ترجعُ إلى عوامل ثقافيَّة وحضاريَّة وذاتيَّة، وأُلاحِظُ أنَّ الوعى لديَّ تحوَّل من الهيمنَةِ المُطلقََةِ للرُّؤى الكُليَّة، والصُّوفيَّة، والميتافيزيقيَّة، إلى رؤى تحوُّلاتِ الذَّاتِ فى محيطِها المَعِيش، والانتقال من البنيةِ الغنائيَّة إلى البنيةِ السَّرديَّة، ومن اللغويِّ إلى السِّيَريِّ .


> يرى البعض أن ديوانك “حيوات مفقودة” يمثل “ردة إلى الشكل الأقدم فى البلاغة الشعرية” لديك.. كيف ترى ذلك؟
منْ السَّذاجةِ اختزالُ مستوياتِ بناء نصِّ (حَيَوَات مَفقودَة) إلى بُعدِهِ البلاغيِّ – ومرَّةً حدَّثنى صديقٌ أكاديميٌّ شهيرٌ بأنَّه لا يقرأ سِوَى الكلام، متجاهِلا الأبعادَ البَصَريَّة والأصْوَاتَ المتعدِّدة - إنَّ هذا النصَّ ينتمى إلى شكلِ النَّصِّ الشِّعريِّ الجامعِ، وهو يجمعُ فى بنيتِهِ الشِّعريَّة أشكالا شعريَّة وسرديَّة وبصريَّة عديدةً، ويجمعُ آليَّاتٍ شتَّى من ضِمْنِهَا، بالتَّأكيد، اعتماد بنية المجاز البلاغيِّ - الجُزئيِّ والكُليِّ - فى بعضِ المواضِعِ -، حَسْبَمَا تقتضِى التَّجربةُ المتحوِّلةُ باسْتمرار، وهو ينفتحُ، على نحو أكبر، على آليَّات السَّرد الشِّعريِّ، والسَّرد البَصَريِّ، والتَّشكيل البَصَريّ لفَضَاءِ الصَّفحَةِ؛ حيثُ لكلِّ صفحَةٍ تشكيلُهَا الخاصُّ، وَالنَّصُّ – بشكلٍ عامٍ – يتجاوزُ حدودَ القصيدةِ إلى بنيةِ النَّصِّ الشِّعريِّ الجامعِ، وهو أحدُ تجلياتِ مَا بعدَ قصيدةِ النَّثرِ، والنَّصُّ الشِّعريُّ الجامعُ لا يزالُ نوعًا نادرًا، فى الشِّعريَّةِ العربيَّةِ الجديدةِ، منه : (حَيَوَات مَفْقودَة) : 2010، 2003،(مُهْمَلٌ تستدلُّونَ عليْه بظلٍّ)، لعلاء عبد الهادى :2007 و:(حَجَرٌ يطفو على المَاء)، لرفعت سلاَّم : 2008، وأحبُّ أنْ أوضِّحُ أنَّ عداءَ أكثرِ شعراءِ جيلى، وجيلِ التّسعينيَّات للعملِ اللغويِّ والمَجَازِ الاستعاريِّ، على الإطلاقِ، وَمُعادَة المنظورِ الكُليِّ؛ لصَالحِ المنظورِ الجُزئيِّ والتَّفاصِيليِّ، والاستسلام، فى المقابلِ، للمَجَازِ البَصَريِّ، والمَشْهَديِّ، وآليَّات السَّرد، قد وَصَلَ بالبعضِ إلى طرقٍ مسدودةٍ؛ فَرَاجَعَ البعضُ مواقفَهُمْ الشِّعريَّة؛ خُذْ مثلا عودة على منصور إلى الرُّؤى الكُليَّة، والمَجَاز البَلاغيّ، فى أعمالِهِ الأخيرَةِ فى القصيدِ النَّثريِّ، ولاحِظْ صَمْتَ الكثيرينَ، منذُ أعوامٍ، ولاحِظْ كذلكَ تحوُّل كثيرينَ إلى الرِّوايةِ وَالقِصَّةِ ..
> تتصدر كتابك “قصيدة النثر” عبارة لـ”أندريه بريتون” تقول:” ما من شيء أصعب هذه الأيام من أن تكون شاعر قصيدة نثر” رحل بريتون فى العام 1966 .. هل لا تزال معطيات هذه الجملة قائمة إلى الآن؟ ما مكمن الصعوبة فى أن تكون شاعر قصيدة نثر؟
بالطَّبع، عبارة أندريه بريتون؛ الَّتى صدَّرتُ بها كتابى : (قصيدة النَّثر)، شديدةُ الدَّلالة؛ فعلى الرَّغم منْ هيمنةِ كتابةِ القصيدِ النَّثريِّ على المشهدِ النَّثريِّ حاليًا، إلا أنَّكَ لا تستطيعُ أنْ تطمئنَ إلى أنْ بعضَ المُنْجَزِ شِعرٌ فى الأسَاسِ، أوْ شعرٌ تتحقَّقُ فيه درجاتُ الشِّعريَّةِ حقًّا، ولا تستطيعُ أنْ تحدِّدَ لى مجموعةَ أسْمَاء مبدعة، باطمئنانٍ، وليسَ معنى هذا أنَّ القصيدَ النَّثريَّ الرَّاهنَ لا توجَدُ به أصْوَاتٌ مُبدعَةٌ، على الإطلاق، فأنَا أتابعُ باهتمامٍ جديدَ أصْدقائِى المبدعينَ الكبار : صلاح فائق، ووديع سعادة، وأحببتُ كثيرًا تجربةَ الرَّاحل العزيز بَسَّام حَجَّار، والصُّعوبة الَّتى يُشِيرُ إليها بريتون هِيَ : كيفَ تكونُ شاعرًا بمعزلٍ عنْ شَتَّى المُحدِّداتِ الشِّعريَّة المُتداولة؟ كيفَ تُرْسِى تقاليدَ تجربتكَ الخاصَّة ؟، كيفَ تُقدِّمُ مفهومًا جديدًا للشِّعر؟ كيفَ تكونُ حقيقيًّا ومختلفًا بامتيازٍ؛ مُتحرِّرًا منْ آليَّات النَّموذجِ الَّذى يَمْسِخُ التَّجاربَ ويُشيِّئُهَا .. هذَا هو أعظمُ رِهاناتِ القصيدِ النَّثريِّ .
> وصفت بعض النقاد مثل جابر عصفور وصلاح فضل وتليمة وعبد الملك مرتاض والغذامى بأنهم “باحثون وعارضو نظريات، على نحو أدق عارضو أزياء نقدية” .. هل يمكن أن توضح ذلك بتفصيل أكبر؟
هذه الأسماءُ - على أهميَّتها الإعلاميَّة – لا تنتمِى للمشهدِ الإبداعيِّ الرَّاهن؛ بلْ لقدْ ارتدَّتْ إلى ما قبلَ ما كانتْ عليه، لقدْ سبقَ لى بالفعلِ أنْ نفيتُ عنهم صفةَ النَّقد الحقيقيَّة، واعتبرتُهم، بتحديدٍ أكثر : عارضِى أزياء نقديَّة، وأُزيدُ على هذا، أنَّ ما يقومُ بِهِ صلاح فضل وعبد الملك مرتاض، فى مسابقاتِ : أمير الشُّعراء، الخليجيَّة، إجرامٌ فى حقِّ الشِّعر، وتكريسٌ للتَّخلفِ، ودعارَةٌ شعريَّة، أمَّا جابر عصفور، فلا تتجاوزُ ذائقتُهُ أمل دنقل، وحديثُهُ عنْ قصيدةِ النَّثر، من بابِ الوَجَاهَة العِلميَّة لا أكثرَ، والرَّجلُ يَحْلُمُ أنْ يكونَ طه حسين عصره .. والثَّلاثة مجرَّد أساتذة أدبٍ، وعلاقتُهُم بالنَّظريَّات الحَداثيَّة لا تعدو أنْ تكونَ عَرْضَ أزياءٍ نقديَّةٍ، كمَا سبقَ أنْ ذكرتُ، أنَا لا أتقبَّلُ هذه الأسماءَ باعْتبارهَا نُقَّادًا، وأُضِيفُ إلى هذه الحَلْقَةِ : عبد الله الغذَّامى، ومحمد برادة، هِيَ شخصياتٌ وهميَّةٌ فى رأيى، وأُلحِقُ بهم نقَّادَ المؤسَّسة، وفى طليعتِهم : محمد بدوى، وأحمد مجاهد.
> لديك مشروع نقدى كبير يتتبع قصيدة النثر منذ بزوغها إلى اللحظة الراهنة ما الذى توصلت إليه بشأنها؟
تعدُّ دراساتى للقصيدِ النَّثرى العربيِّ مشروعى الأساسيُّ، المُوازى لإنجازِى الشِّعريِّ، وقدْ عكفتُ عليه – ولا أزالُ - أكثرَ منْ عشرينَ عامًا مُتَّصلةً، درسْتُ فى كتابى الأوَّل : (شِعر النَّثر العربى، فى القرن العشرين)، مشروعَ إنجازِ الشِّعر بالنَّثر، منذُ بداياتِهِ التَّأسيسيَّة، حَتَّى ترسيخِ الشَّكل، فى مشهدِ الشِّعر العربيِّ، ويظلُّ هذا الكتابُ، المرجع الأساسيّ لدراسة شعر النَّثر العربيِّ منذُ بداياتِهِ الأولى، ثمَّ أتبعتُهُ بكتاب : (قصيدة النَّثر، فى مشهدِ الشِّعر العربي)، درستُ فيه قصيدةَ النَّثر منذُ الخمسينيَّات حتَّى مطالع الألفيَّة الجديدة، مقسِّمًا الكتاب إلى ثلاثةِ فصولٍ : إشكاليَّات النَّوع الشِّعريِّ فى قصيدة النثر، شعريَّة قصيدة النَّثر، مشكلات قصيدة النَّثر، وتناولتُ شعريَّتَها فى الحَدَاثةِ وَمَا بعدَ الحَدَاثةِ، وأتبعتُ هذا الكتابَ بكتابِى : (آفاق الشِّعريَّة العربيَّة الجديدة فى قصيدة النَّثر)، تناولتُ فيه قصيدةَ النَّثر الرَّاهنة، عبْرَ محورينِ أساسيَّينِ : مرجعيَّات الأداء الشِّعريِّ، وتداخُلات الأنواع الأدبيَّة والفنيَّة فى قصيدة النَّثر العربيَّة، ثمَّ أنجزتُ كتابى : (قصيدة النَّثر المصريَّة : شعريَّات المشهد الشِّعريِّ الجديد)؛ مُشدِّدًا فى هذا الكتاب، على تمصيرِ الخِطابِ الشِّعريِّ، بعدَ مرحلةِ تعريبِ الشَّكل، فى المراحلِ السَّابقة، وتواشُجِ الشِّعريَّاتِ العربيَّة، فى القصيدِ النَّثريِّ العربيِّ، بمثيلاتِها الغربيَّة، ثمَّ أنجزتُ كتابِى : (الأشكال النَّثرشعريَّة فى الأدب العربي)، دارسًا فيه مجموعَ الأشكالِ النَّثرِ شعريَّة فى الأدب العربيِّ، منذُ العصرِ الجاهليِّ، حتَّى الرُّبع الأوَّل من القرنِ العِشرينَ، وَتُعَدُّ هذه الكتبُ المَصْدَر الرَّئيس، لدراسةِ قصيدةِ النَّثر، فى أطروحاتٍ عديدةٍ فى مصرَ والمغربِ والجزائر.
> لك تجربة فى ممارسة العمل الثقافى العام من خلال اختيارك لعضوية لجنة الشعر ماذا عن حصاد هذه التجربة؟
قبلتُ عضويَّةَ لجنة الشِّعر بالمجلس الأعلى للثَّقافة، حينَ علمتُ بانسحابِ مجموعةِ حجازى : فاروق شوشة، ومحمد إبراهيم أبو سنة، وحسن طِلب، وحماسة عبد اللطيف، وسيد حِجاب، ومحمد سليمان، ومحمد عبد المطَّلب، وعلمتُ بوجودِ زملاءٍ ينتمونَ إلى التَّجربةِ الجديدةِ، وعلى اتِّصالٍ حقيقيٍّ بالمشهدِ الشِّعريِّ، ومنهم : أحمد طه، وعبد العزيز موافى، وعاطف عبد العزيز، وماجد يوسف، وجمال القصَّاص، وماجد يوسف، فى البدايةِ لمْ أشعرْ بالغربة، أقمنا مهرجانًا شعريًّا كبيرًا؛ يُمثِّلُ حاضرَ الشِّعرِ المِصْريِّ بتياراتِهِ المتجاورةِ، دَرَسْنَا مُختلفَ الأشكالِ الشِّعريَّة؛ بما فيها: قصيدة النَّثر، والشِّعر البدويّ، بجانب : شعر التَّفعيلة، وشعر العاميَّة، والقصيدة الكلاسيكيَّة، ونجحَ المؤتمرُ على الرَّغم منْ تضييقِ المسئولينَ بالمجلسِ – تحديدًا : د. طارق النُّعمان - كانتْ أمانة المؤتمر مُشكَّلةً منْ: أحمد طه، وعبد العزيز موافى، وأنا، ورئاسة د. عبد المنعم تلِّيمة، وأشركْنَا معظمَ الأجيالِ، وبدأ نشاطُ اللجنةِ يُقيمُ الثِّقةَ معَ المشهدَ الشِّعريِّ المصريِّ، وسرعانَ ما تمَّتْ الإطاحةُ بمجموعةِ الحداثيِّينَ، وممثِّلى قصيدة النَّثر، وأُعيدَتْ اللجنةُ المنسحبةُ؛ تحتَ رئاسة د. محمد عبد المطلب؛ لتنفصِلَ اللجنةُ، منْ جديدٍ، تمامًا، عنْ حركةِ المشهدِ الشِّعريِّ الحقيقيَّةِ، فيما يُعَدُّ انتكاسَةً كبيرَةً، لصالحِ مجموعةٍ كلُّ هدفِهَا السَّيطرَةُ على السَّفر إلى الخارجِ، وتوزيع الجوائزِ، على أعضائِهَا . كنتُ، كذلكَ، عضوًا فى لجنةِ تحكيمِ جائزة الدَّولة فى الشِّعر.
كشفتْ لى تجربةُ عضويَّةِ لجنةِ الشِّعر بالمجلسِ الأعلى للثَّقافةِ، بشاعَةَ إدارة المشهدِ الثَّقافيِّ المصْريِّ، عنْ قُربٍ، بعصاباتٍ متآزرةٍ، ومُحْتَكِرَةٍ مُقدَّراتِ الوزارةِ لصالحِهَا، وصالحِ شِللِهَا؛ مِنْ معدومِى الصَّلاحِية وَالمَوَاهِب، كَمَا كشفتْ لى، كذلكَ، حجمَ الفَسَادِ، الَّذى يضربُ مراكزَ وزارةِ الثَّقافةِ، وانفصالِهَا الشَّديدِ عنْ الحِرَاكِ الشِّعريِّ.
> أيضا شاركت فى تأسيس ملتقى قصيدة النثر وانتهى بتبادل الاتهامات بين المؤسسين، لماذا يفشل العمل الجماعى لأبناء جيلك إذا ما قورن بتجربة جيل السبعينيات فى مصر؟
شاركتُ فى تأسيسِ ملتقى قصيدةِ النَّثر، ورأستُ اللجنةَ العلميَّة به، كانتْ تجربةً مُهمَّةً، ذاتَ تأثيرٍ عميقٍ، كبديلٍ عنْ مؤسَّساتِ الوزارةِ المُتخلِّفَةِ، وكانْ المُلتقى أكبرَ خُطوةٍ لجيلى، بعدَ خطوةِ المَجَلاَّتِ المُوازيةِ لمَجَلاَّت الوزارةِ فى مطلع التِّسعينيَّات، وأبرز هذه المَجَلاَّت : الكتابة الأخرى، ثم الجَرَاد، توقَّفَ المُؤتمرُ بعدَ دورتِهِ الثَّانيةِ، بسببِ قيامِ ثورةِ 25يناير2011، فى موعدِهِ المحدَّدِ، ثمَّ تأجَّلَ من جديدٍ، ليتورَاى بالتَّدريجِ، شَهِدَ المُؤتمرُ فى دورتِهِ الثَّانيةِ صِراعًا داخليًّا، كانَ لدى البعضِ طموحَات لاسْتثمارِ وجودِهم فى اللجنَةِ التَّحضيريَّة للمُؤتمرِ، لأغراضٍ خاصَّةٍ، تبودِلتْ الاتِّهامَاتُ، والادِّعاءاتُ، والتَّجريح، وَبَقِىَ المُؤتمرُ ذكرى جميلة، وعادَ كلٌّ إلى مشروعِهِ الخَاصِّ ، أمَّا فكرةُ المُؤتمرِ النَّوعيَّة، فانطلقتْ، فى دولٍ أخرى؛ لإعادةِ إنتاج التَّجربةِ، والصِّراع.


2014/05/13

مِن عَندَها يبدَأ طَحِين لكِن بطَعم المَلح... للشاعر: مصطفى جوهر





مِن عَندَها يبدَأ طَحِين لكِن بطَعم المَلح!




امتلاكك لجناحين
مش مُفادُه
انَّك بتعرف
تقرا فـ خرايط السَّما
ولا انتحار البحر
عند اعتاب شطوطك
يدِّي حق
لسِرّ نجواك النَّجَا
من ذيوعها
جوّه أوردة الهوَى
يختلف حُزنك معاك
لما تحبس دمعتُه(!)
يرتجي النوَّار فـ صمتَك
طعم ضحكة مؤجَّلة!
كل تفاحة بتندَه مطرودينها
وانتَ فَرْد
شايف الطَّرد اختيار
لمَّا عينها حرَّفِت
- قُدَّام عينيك -
نَصِّ الوئام
إمتى حسّيت بالهدوء؟
لما شِلْت قناعها؟
ولاَّ
لمَّا سَرسِبْت المواجع من غُناك
لانتهاك شبكِة رادارها
هيَّ فيروس في النِّظام:
ضغطة؛
تتشظَّى فـ ملامحك
حتى لو قلبك مسامِح
إن عقلك زيِّف الأمواج
وهدِّد
رملُه بالمَدِّ المفاجيء
ثمّ بالجَزْر المباغِت
ضحكتُه في العُمق شاخِت
وابتدا يقرا
فـ سورة " المُنذَرين"!
ـــــــــــــــــــ

من كتاب: "ألبوم صور"

من عوائق الوعى بالتراث والوعى بالآخر الثقافى بقلم/ محمد على عزب





من عوائق الوعى بالتراث والوعى بالآخر الثقافى
بقلم/ محمد على عزب



من نافلة القول الاٍقرار بأن وعينا بالتراث العربى وموقفنا من الآخر الثقافى / الغرب يلعب دورا رئيسا فى اٍدراكنا لذاتنا المعاصرة الفردية والجمعية شعراء وأدباء وقرّاء ونقّاد ومن وجهة نظرى أن من أهم العوائق التى تقف حائلا أمام وعينا بالتراث ووعينا بالآخر الثقافى وأمام اٍدراكنا لذاتنا المعاصرة تتمثّل فى النقاط التالية : ـ

أولا ـ الوعى المشوب بالاٍنتقائية لتراثنا الأدبى وترديد المقولات الجاهزة عن فترة من فترات ذلك التراث عبر عصوره المختلفة المقسّمة زمنيا اٍلى " أدب جاهلى ,أدب صدر الاٍسلام، والأدب الأموى، والأدب العباسى، والأدب الأندلسى، وأدب عصر الاٍنحطاط وأدب حديث وأدب معاصر " ويتمثل ذلك فى :ـ

1ـ اٍختزال العصر الجاهلى فى شعراء المعلّقات والاٍشارة اٍلى الشعراء الصعاليك على استحياء فى بحث هنا أو مقال هناك، رغم أهمية تجربة الشعراء الصعاليك الذين لا ينتمون اٍلى قبائل عريقة يبالغون بشكل مصطنع فى التغنّى بأمجادها، وعبّر شعراء الصعاليك فى شعرهم عن مكابداتهم الذاتية وتجاربهم الحياتية اليومية وكان لديهم خيال وتصوير شعرى خاص بهم .

2ـ التجزئة والتعامل بالقطعة فى تناول ودراسة حركة التجديد الكبرى فى الخروج على عمود الشعر العربى فى القرن الثالث الهجرى فى العراق والأندلس وتمخّضت هذه الحركة عن مولد الفنون السبعة " سجع القريض، الموشح، الزجل، المواليا، الدوبيت ،الكان وكان، الحماق، القوما" ومن هذه الفنون مايكتب بالفصحى فقط "سجع القريض والموشح الأندلسى"، ومنها ما يكتب بالعامية فقط " الزجل الأندلسى، والقوما العراقى، والحماق الأندلسى" ومنها ما يكتب بالعامية والفصحى " المواليا العراقى، والدوبيت الذى نقله العراقيون عن الفرس ".

3ـ اتهام العصر المملوكى والعثمانى بأنه عصر الاٍنحطاط وترسيخ هذه المقولة دون العودة اٍلى المنتج الشعرى لهذا العصر والذى تميّز باستخدام المفردات اللغوية البسيطة البعيدة عن التعقيد واٍضافة غرض جديد للشعر العربى وهو التحامق والتجديد فى الأخيلة والصور الشعرية التى تتجلّى فيها ملامح البيئة المصرية والعربية فى العصور الوسطى، وانتشار المقطّعات الشعرية وأغلبها مكون من بيتين قائمين على التورية والطرفة الأدبية والحديث عن اليومى والذاتى .

ثانيا ـ الموقف المتطرف من الغرب سواءا بالرفض التام أو الذوبان التام فى الثقافة الغربية

الحداثة فى أزهى تجلياتها تمثل وعيا روحيا فكريا جماليا بالذات وبروح العصر، وفى بيان أوهام الحداثة "1979 ـ 1992م ذكر أدونيس أن مماثلة الغرب لا تمت للحداثة بأى صلة وكذلك مماثلة التراث، ففى الحالة الأولى لا يكون لدى المبدع وعىّ بذاته الفردية أو ذاته الجمعية وفى الحالة الثانية لا يكون لدى المبدع وعىّ بروح عصره وبالتالى ستصبح ذاته المبدعة جزءا التراث وتنقطع صلتها بالحاضر .

ثالثا ـ أمّا عن التلفيق فحدّث ولا حرج ومن أمثلة ذلك البحث عن جذور لقصيدة النثر فى تراثنا العربى ، بالرغم من أن أوزان الشعر كانت شرطا أساسيا لا يصبح القصيدة بدونها قصيدة، وكذلك البحث عن جذور للقصة القصيرة والرواية فى تراثنا الأدبى، دون التفرقة بين السرد كطريقة للحكى والذى يعتبر نشاطا لصيقا بالذهن الاٍنسانى فكل الأمم لديها تراث سردى حكائى، ولكن القصة القصيرة والرواية تختلفان عن ذلك فى اأنهما قائمتان على بنية نصّية تسمى بنية السرد " راوى، منظور، صيغة ، زمن، مكان، وصف، حوار، شخصيات ..الخ" وهذه البنية تمثل التجلّى الكتابى / النصى للمادة الحكائية الخام ، وهى البنية هى أهم ما يميز القصة القصيرة والرواية عن أنماط السرد الحكائى التراثى، وما العيب الذى يراه هؤلاء فى نأخذ عن الغرب أشكالا أدبية نبدع فيها ونضفى عليها بصمتنا الخاصة، فالثقافة التى تنتجها أمة معينة هى منجز حضارى من حق كل الأمم أن تتواصل معه دون أن تذوب فيه، فالبلاغة العربية القديمة استفادت من منجز البلاغة الاٍغريقية، وثقافة عصر النهضة الأوربية استفادت من منجز الثقافة العربية فى العصور الوسطى.

رابعا :ـ الخلط بين الاٍبداع الشعرى بالعامية واستخدام العامية فى الحوار الروائى وبين المناداة بتحويل العامية اٍلى لغة مستقلة عن الفصحى . وينتج على هذا الخلط اٍهمال تراثنا من الفنون الشعرية غير المعربة "العامية" الذى أبدع فيها أسلافنا المشارقة والمغاربة منذ مايزيد عن 1200سنة وهذه الفنون جنبا اٍلى جنب الشعر والنثر الفصيح، لم يلغ أحدهم الآخر أو حتى ينادى باٍلغائه ، ففى العصور الوسطى كان أهل بغداد يرددون أزجال ابن قزمان القرطبى المدوّنة بالعامية الأندلسية ، وكان أهل الشام يستمتعون بأزجال ومواويل ورباعيات ابن سودون المصرى "810 ـ 868هجرية" الذى سافر فى أواخر حياته اٍلى دمشق وأقام فيها حلقة يلقى بها أزجاله، وكان أهل مصر يستمتعون بأزجال صفّى الدين الحلّى العراقى، ولم يقل جمال الدين بن نباتة الشاعر المصرى الذى توفى سنة 868هجرية أخاف على العربية من ابن سودون كما قال شوقى أخاف على العربية من بيرم.

والاٍبداع الشعرى بالعامية يختلف كليا وجزئيا عن الدعوات التى نادت بتحويل العامية اٍلى لغة مستقلة عن الفصحى، مثل فكرة اللغة المصرية التى نادى بها لويس عوض فى صدر شبابه و بيومى قنديل و فكرة اللغة اللبنانية التى نادى بها أنيس فريحة و سعيد عقل و يوسف الخال و قد فشلت هذه الفكرة لأن العاميات العربية فى جوهرها لغة واحدة، وهذه الدعوة لم تشغل بال كبار مبدعى ومؤرخى الشعر العامى فابن قزمان القرطبى أمير الزجل الأندلسى الذى توفى سنة 555هجرية قد كتب مقدمة دايوانه "ذكر الأغراض فى اٍصابة الأعراض" بالعربية الفصحى وقد وضع فى هذه المقدمة أسس وفواعد فن الزجل، وكذلك صفّى الدين الحلى دوّن أراءه وملاحظاته النقدية حول فنون الشعر العامى فى عصره باللغة العربية الفصحى فى كتابه " العاطل الحالى و المرخّص الغالى "، والذى نسج على منواله ونقل عنه نقلا فى مواضع كثيرة تقى الدين ابن حجة الحموى فى كتابه "بلوغ الأمل فى فن الزجل" ، وفى العصر الحديث لم نسمع مثل هذه الدعوة من كبار زجالى وشعراء العامية المصرية بيرم وفؤاد حداد وصلاح جاهين فقد كانت القضية الوحيدة للشاعر العامى هو البحث عن الاٍبداع الشعرى فى العامية ذاتها، واٍن لكل قطر عربى عاميته الخاصة فاٍن هذه العاميات فى جوهرها كما أشرت سابقا لغة واحدة تتفق فى غالبية مفرداتها واشتقاقتها اللغوية وتختلف فى نطق ومخارج بعض الألفاظ والحروف كما تضم رواسب من لغات أجنبية، ويمكن التغلب على ذلك باستخدام التشكيل بعلامات الرفع والنصب والجر والسكون واٍيراد معانى المفردات الغارقة فى المحلية، وهذه ثلاثة نماذج من اٍبداعات أسلافنا الزجالين وشعراء العامية العرب ينتمون اٍلى أمكنة وأزمنة مختلفة يمكن قرائتها دون صعوبة تمنعنا من التواصل معها. 1 ـ صرت عازب وكان لعمرى صواب لِس نِزَوّج حتى يشيب الغراب أنا تايب يا لِس نقول بزواج لا جلو ولا عروسه بتاج لا رياسه غير اللعب بالزجاج والمبيت بره والطعام والشراب *لِسْ ـ لماذا *جََلو ـ مكان اٍقامة العرس فى ليلة الزفاف ـ ينطقها المغاربة جلو والمشارقة جَلا " من زجل لأبى بكر قزمان ـ أمير الزجل الأندلسى فى القرن السادس الهجرى " 2 ـ الصمت حكمة ومنّه تفترق لِحِْكايم ولو ما نطق ولد اليمامه ما كان يجيه وليد الحنش هايم " من رباعيات الشاعر العامى المغربى الشيخ عبد الرحمن المجدوب ـ القرن العاشر الهجرى" 3ـ ما يرقد الليل مغبون ولا يقرب النار دافى ولا يطعمكْ شهد مكنونْ اٍلاّ الصديق الموافى "من مربعات الشاعر العامى المصرى شهاب الدين أحمد بن محمد بن عروس ـ القرن الحادى عشر الهجرى"

من وحــــــي روحك..... للشاعر: مراد ناجح عزيز





من وحــــــي روحك



نفس الإيقاع الكئيب
كل ليله ..
والعزف داير من وحي روحك
بتغني لجروحك ..
ف نفس المكان
ولنفس الجمهور
من نفس السواد الجسور ..
بيأسس الليل دولته ..
صبّاره ..
ف البساتين , الغنوتين السهرانين ,
الكفّتين الشقيانين / دنيتك
وانا والحياه شاهد مَلك ..
مجنون
ع القهوه التاريخ طلب ينسون
مش عاوز يفتكر حاجه
ف المولد اللي إتنصب
والبيّاعين ببلاش
وإحنا البيّاعين ومابعناش حاجه
دايرين ندور ف الهوا
والحلم لسّه بعيد ..
خطوتين / يمكن , ندهتين / يمكن
وكان ممكن يكون ف الإيد
لكن البعيد لسّه ..
والطيبين لسّه ..

والعمر فيه غُصّه محشوره ف سكتك
وأنا والحياه ..
والعزف داير ..

2014/05/11

قراءة في ديوان " خوف البرد " للشاعر حمدي عمارة... بقلم الشاعر: محمود الأزهري




قراءة في ديوان " خوف البرد " للشاعر حمدي عمارة
محمود الأزهري



" خوف البرد " ديوان شعر بالعامية المصرية للشاعر القنائي " حمدي مهدي عمارة " والديوان منشور على نفقة المؤلف ولا تُوجد أية بيانات خاصة بدار النشر التي قامتْ بطباعة ونشر الكتاب وإنْ كان الكتاب يحمل رقم إيداع بدار الكتب المصرية عام 2008م ويضم الكتاب ستا وعشرين قصيدة ، في مائة صفحة من القطع المتوسط ويحمل الديوان غلافا بسيطا دالا لا يخلو مِن جمال ظاهر ورغم أنّ الديوان باللهجة العامية المصرية إلا أن الإهداء مكتوبٌ بالفصحى : " كما رضع قلبي من نهر عطائك , سيظل أبدا نهر دموع قلبي يفيض بذكرك ولذكرك حتى نلتقي .... يا أمي ... "
ويبدو أنّ الشاعر أكثر إخلاصا للغة الفصحى التي يكتب بها الشعر – أيضا – وعلى كل فما أجمل أنْ نهدي قصائدنا للأم نهر العطاء ومحيطه الآمن . والصفة الأكثر بروزا في ديوان حمدي عمارة هي جاهلية المفردة العامية , فكثير من مفردات قصائد عمارة وتراكيبه " جاهلية " - إذا صحتْ التسمية – تحتاج إلي قاموس يشرحها وذلك بسبب التصاقها الشديد ببيئتها وندرة استعمالها وعدم دورانها على الألسنة وعدم شيوعها لدي عامة المصريين , ووحشيتها وربما غلظة بعض المفردات وعدم اعتياد القاموس الشعري المصري على استعمال مثل هذه المفردات الغليظة الموحشة والوحشية والنادرة , وسيظل هذا الأمر عائقا أمام وصول قصيدة حمدي مهدي عمارة للقارئ المصري والعربي ما دام حمدي في زمرة الشعراء الواعدين ، أما إذا تحوّلَ حمدي مهدي عمارة إلي نجم من نجوم الشعر فإنّ قاموسَه الصعب , ومفرداته المُشْكِلة سوف تتحول إلي ميزة وخصوصية له , وساعتها يتكلم النقاد عن اللغة الخاصة بحمدي مهدي عمارة وشدة التصاق مفرداته بالبيئية وعمق التحامها بقري مصر الجنوبية وشدة تعبيرها عن غلظة الحياة في صحراء الجنوب رغم قرب النيل وشدة دلالتها على الأصول العربية الصحراوية لسكان مصر العليا ، وإليكم هذه الطائفة من المفردات التي استعمالها حمدي في ديوانه
: " وسقت _- غلض – قدامها – بمعني أقدامها – بضات – بمعني بيض – تصرلك – نقت – سطلو العفش – معبكة – أبو قفاصين – عفص – باكور – دحكتين – ديما – مخول البقرة – وش أمشير – الزعابيب – السفط والكن – عزاز – النواجيع – الكوم – يا مكفي عالشويه ابرمهات – الوبيل – زيق – كياح – تتلكلك – شلان الصوف – ندفس – قرا فيصو – لحم الليف – عمنول – العواييل – زريعة – عب خوفين – سحن – حديث ملخمج – الرتا – يبحشك – مزلوقة – مجضوع – اتلخمج – خلقاتك – مساهيك – زرب – السرجة السبيعة – جدوعه – ملقحو – اللفليف – زربنا الدايخ – زند مطلاعي – المقاطيف – ولا عدش يوعالي – زعبل – كفينك الزرازير – عفصة المخاليق – يكرع – دربينو البدر – وسرجلي – الخ " ولا يرجع الإبهام في بعض التراكيب والسطور الشعرية إلي غرابة المفردة في ذاتها بل يمكن أن يكون الإبهام سببه طريقة كتابة المفردة وتغاير واختلاف الطريقة التي يكتب بها الشاعر حمدي مهدي عمارة مفرداته عن الطريقة الشائعة والمعروفة لجمهور الشعر قراء أو كتابا وربما يُضاف إلي ذلك طريقة تركيب الصورة الشعرية لدي حمدي مهدي وأسلوبه في تجاور المفردات وهذا الأسلوب غير المعتاد يمكن أنْ يكون علامة مميزة لشعرية حمدي مهدي عمارة كما يمكن النظر إليه باعتباره سدا أو عائقا يحول بين المرء والقصيدة والشاعر حمدي مهدي عمارة مثل كل أبناء الجنوب مهموم بمرارة العيش ويكابد مثلنا جميعا فق الأرض وجدب المجتمع في توزيع مشاعر المحبة بالقسطاس المستقيم مما يجعلنا نفر – أو نحلم بالفرار – باتجاه الشمال تشبثا بأمل أو طمعا في سراب أو رجاءا لتحقيق حلم وبطبيعة الحال فإن الشاعر لا يجد من الشمال – والقاهرة هي الممثل الرسمي الفظ له – إلا كآبة وإحباطا وزيادة في الهوس والخيبة الأمر الذي يضطرنا للرجوع مرة ثانية باتجاه الجنوب الموطن الأصلي للحزن والشعر , تحضر الأم بقوة في الديوان ومعها الأرض وما يصاحب كل ذلك من عذابات الوطن وجراحات الحرية , وتظهر البيئة الجنوبية الصحراوية فظة غليظة متجهمة لا ترحم العائشين فيها ، والحب في الديوان يبدو قاسيا ومحرما على الشاعر وملهما له ومشعلا لمزيد من المواجع والألام والأحزان والرغبة في الفرار والهجرة ، لذا ليس غريبا أن يبدأ الديوان بقصيدة " قطر أربعة وتلت " الذي يلخص عذاب الإنسان
الإنسان الصعيدي في سفره للقاهرة بحثا عن لقمة عيش أو جريا وراء حبيبة أو هجرة باتجاه حلم القصيدة ولتحقيقه وقطار الرابعة والثلث عصرا يعرفه أبناء قنا وهو قطار عادي تتجلي فيه كل صور إهانة الكرامة الإنسانية هذا القطار الذي يقف خاضعا لجميع القطارات المكيفة الآتية من بعده والذي يضج بجميع صنوف الباعة الجائلين والبلطجية ويصل غالبا القاهرة في السابعة أو الثامنة صباحا في رحلة مقدارها خمس عشرة ساعة من الألم ويصور الشاعر بعض هذه المشاهد في قصيدته :
" أبوقفة وأبو كرتونه وأبو شماعة فات
جلاب ابر بوابير كتب نعناع مسكر ولعات
والقطر مغرم كل متر يولي على قولة سكات
لجل أما يغرف بياعين
متقلشي دى الليلة الكبيرة
وانته واقف منظره في وسط مولد "
والشاعر كان يحلم أن تتجسد القاهرة وتأتي لاستقباله لحظة نزوله من القطار ولكنها لم تفعلْ
" يا هل تري مين اللي صد القاهرة
ومجتشي علشان تلتقيك من بدري على باب الحديد "
ولا يمكننا قطعا إلا التعاطف مع حالة إنكار الحلم ومشاهدة صور شعرية تحاكي صورا واقعية نراها بل عايشناها كثيرا , وقبل أنْ يسافر الشاعر يصور حالة الأم وحرصها على توفير الراحة لابنها الشاعر رغم أنه سيغترب عنها
" أمك قدامها يومها حفيت مشورة ..
أمك تصرلك رغيف مع دقة وشوية بيضات . "
ولا يخفي الشاعر حبه لأمه وارتباطه بها منذ الطفولة يقول حمدي في قصيدة طول الليل ص7 :
" باخاف من المطره
علشان بترسمني دايما
جنب أمي ماسك في طرحتها "
وينشد حمدي قصائده متذكرا ومذكّرا ما تحمله الأم من هموم يقول الشاعر في قصيدة الزفة مش منظر " ص29
: يا أم الولآد لولاد
يا درب يا ولآد
هم العيال جلاد "
وتسير الموسيقي في معظم قصائد الديوان بخطي رتيبة ثقيلة حزينة موجعة وكأنها لا تريد السير ، وهذا مناسب تماما لحالة الحزن المسيطرة على الديوان
" أول قدم عدت حدود البين
وبين علم خطاها على الحجر
وسع لكل الناس طريق
انته العدو ولا الصديق ؟
عناوين دروب الغلبانين "
قصيدة خريطة طريق ص12
ومع ذلك فهناك قصائد جنحت باتجاه الموسيقي الراقصة الأمر الذي أضفي مسحة من الأمل على قصائد ديوان حزين قاتم بسبب تصويره لواقع كئيب يقول الشاعر حمدي مهدي عمارة
" ارسمني موطي وباتوضي
والمية في كف الليل فضه
وبريقك دايما مطاوعني
يغرف من قلبي عشان طيب
قرب ألوانك طرطشني
أو جوه في كدرك همشني
وشوشني وسيب قلبك يسمع " ص35 قصيدة كلام متنقي
ومن ملامح ديوان خوف البرد للشاعر احتفاء الشاعر حمدي مهدي عمارة بالصداقة والصحبة فقد كتب عددا من النصوص الشعرية الجميلة لأصدقاته وعنهم ، ومنهم المبدعون : عبد الصبور بدر – حمادة القاضي – محسن النوبي – عبد الحميد أحمد على ... تحية للشاعر ولقصائده المصورة للواقع الجنوبي البائس ونرجو منه أن يتحلى بمزيد من الأمل .

**************

محمود الأزهري


أنا مش نبي ..... للشاعر: علاء أبو خلعة



أنا مش نبي أو ولى
.......ولا عندى مِيْت معجزة
دا الحب ليكو يا ناس
..........فى قلوب و متكنزة
يا كل أهل الأدب
............يا كل أهل الغرام
دا غرام حبيبي النبي
.....ح يعيش فى قلبي دوام


علاء أبو خلعه

وكأنى مخلوق للالم.. للشاعر: محمد جنزورى




الحزن عشش عالحيطان ..
والنور برغم قوته أكلهُ الضلام
والقلب فاقد كل احساس بالامل ..
والروح بتتنهد هوّان
ماعرفش ليه..
كل اما بضرب ايدي فى العتمة ..
تخرج بجرح
وكأنى مخلوق للالم..
ماعرفش فرح
الذكرى جرح وملتهب ..
لو لمسه نسمة ريح بيصرخ م الوجع
والاهه نار..
بتهد جدران القلوب تحبس ف روحها الدم ..
وتعطش الشريان
وانا وحدى عايش وسطهم ..
عمال بقول للموت تعالى مابيجينيش
وكأنه فرحان بانهزامى ..
وسايبنى صيدة سهلة لضباع الالم والانفصام.
*************

محمد جنزورى

كــــراكــيـــب... للشاعر: محمود سعد





كــــراكــيـــب


خسرت احلامك بوجودها
فى البوم الحقايق
بواقى فى صندوقك القديم
دفن الفاضل جواك
غطاه التراب وبتفتحه
واياك
سجن الالم يوسوس رجوعها
لسه فــ دور الكدبة والكداب؟!!!
عصا موسى اللى دوخت عليها
وبتحلم تشق اليأس وتعدى
ويغرق فرعون الخوف
ايد عيسى اللى تحيي الحياه
لسه الصنم مسكتش
يوم ما قال انه الاله
فاكر انه فوق الكعبة
واللعبة راعبة الكل
ونطل عللى باقى من الوشوش
باقى الرتوش
من الضحكة الضاحكة علينا
وحوالينا وشوش مسروقة
مدلوقة فى كوباية القهوة
السادة-- وكالعادة
بتبوش م الدم فى عز الكم
وكفاية تبحلق فى الصورة
النايمة فى حيط المدينة
قلبك مَلْ
والحل
قرر يرتجل
حبة مشاعر مؤسفة
واتمرد ع اللون البايخ
وبغير اخطار
واتقابل برصاصته الشيك
ويكمل بالرفض الاخرس
فى تابوته المتعبى سذاجة
ومحتاجة الذكرى تعيش
بمعاش القلب –
ويجلها الرفض بإخطار
إنه مماتش اصابة حب


محمود سعد




المجد لأمي.... بقلم.. محمد محمد مستجاب





المجد لامي في الوديان والصحاري والسهول، المجد لكوب شاي ولمنبة الاستيقاظ ولعلقة موت كي اذاكر دروسي، المجد لكفوفها التى امسكتني واذرعها التى حملتني ولاناملها التى هذبتني ولثديها الذي اطعمتني، المجد لامي في الصباح الفتاح ولحلة محشي وصينية بطاطش ومكرونة بالبشاميل، المجد لامي في طابور طويل كي تقضي لنا الحاجات، المجد لامي في جمعية كي تأتي لي ولاخوتي بملابس جديدة، المجد لاقدام امي التى لم تكل ولم تهمد ولم تستريح بسبب رعايتنا، المجد لامي وابتسامتها مهما حدث لاسرتها ولقوتها مهما تكالبت الايام عليها ولبصيرتها التى تري بها اكثر منا جميعا، المجد لك يا امي يا عظيمة يا جميلة يا بديعة يا حنونة، المجد لكي وانتي تطعمين احفادك وتحتميلن ما لايطاق، المجد لكي وانتي ذاهبه للطبيب كي يخبرنا بتعبك وألمك، المجد لكي يا حبيبتي ....سلامتك يا امي ا


جميزة باط... للشاعر: السعيد المصري



مجلة شارع العامية تهنئ الشاعر السعيد المصري بديوانه الجديد زي فرع مقطوع من شجرة



جميزه باط انما
..... فارده الجدور فى الروح
تفرط لبـن صدرها
......... للقلب لـو مجـروح
«عصفور صغنن قوى»
.......... عشه ما بين فرعين
صبحوا وهما سوا
........ زى الرموش والعين
ترخى عليه ضلها
...... يرمى عليهـا البوح

يا سيّدي الفاضل... للشاعر: كريم علي



يا سيدي الفاضل


الغل غول
عمال بينهش في القلوب
واحنا اللي في الفتارين
بيملانا التراب

يا سيدي الفاضل
ايه اللي فاضل م الادب
غير اللي فايض م الوجع
بيعيش ما بين الناس
متعشقه حروفه
خوفه من الكاب والشريط
خلي شريط العمر..
.. مفهوش معجزات

يا سيدي الفاضل
اني نصحتك ع الملأ
والناس غلاء
شايل كتير
فمتفتكرش انك امير ..
..والناس خدم
خدم عليهم كلهم ..
تصبح ولي

يا سيدي الفاضل
هلا رايت الحب يسكن بيننا
ملعون ابوه الكبرياء
يا معشر الشعراء
اني كففت عن الأنا
لو حتي ضاع مني براءة الشعر
وطهارة الحروف
الانسانيه اهم من كل الظروف
فشوف ظروف الناس ومد ايديك
يمكن يلين قلبك.. ولو مره

يا سيدي الفاضل
غمض عنيك
والمس مكنتك عالورق
تتهد ابراج الخيال
الي انت عايش فيها دون الناس
طبطب علي كل من ضاع حقه وسط اليم ..
...وانت اولهم

يا سيدي الفاضل
اجمع شتاتك واستريح
العمر ده اكبر ضريح
بنطوف عليه
فشد عودك واتصلب
وامسك بعودك..
... غني بين الناس
هتكسروا الزنازين
وهتلتقوا ع الشعر

"بقلم الشاعر والناقد : محمد على عزب.. " دلائلية اللون والفعل فى ديوان " طائر برتقالى " للشاعرة منال محمد على "



"بقلم الشاعر والناقد : محمد على عزب " دلائلية اللون والفعل فى ديوان " طائر برتقالى " للشاعرة منال محمد على "



(1)

"طائر برتقالى" هو عنوان الديوان الصادر للشاعرة منال محمد على عن دار هيباتيا للنشر 2014م ومن متابعة تردد المفردتين المكونيتين للعنوان فى المتن الشعرى نجد أن هاتين المفردتين قد وردتا متلازمتين مرة واحدة فى عنوان قصيدة تحمل عنوان الديوان، ثم وردت بعد ذلك كل مفردة منفصلة عن الأخرى فمفردة الطائر وردت خمس مرات فى صيغة الجمع "طير، طيور" وترددت لوازم وصفات وأفعال الطائر خمسة عشرة مرّة، ولهذا التمايز الكمى بين الطائر ولوازمة دلالة كيفية وهى أن الشاعرة أرادت أن تضفى على البشر والكائنات والنباتات والاشياء الموجودة فى هذا الديوان صفات هذا الطائر الذى يمثل الحلم /الحبيب / الاٍبن / الشعر عبر الاٍستعارات والأخيلة، لكى يكون حاضرا بما يدل عليه من صفات أضفتها الشاعرة على الكائنات والأشياء فى الحالات التى يغيب فيها عن المشهد الشعرى ومن أمثلة ذلك تقول فى قصيدة "أجنحة معلّقة " ص 45:ـ

اللحظاتُ المُتْعَبَةُ تضعُ أجنحةََ لا تبينُ

تُمسكُ برؤوسنا المكتظة

أجسادنا تتوارى

بعد ما قَصَفْنا عليها من ورق الجنَّةِ

أمّا مفردة برتقالى فقد وردت منفصلة ثلاثة مرات والتلازم بينها وبين مفردة طائر مبنى على الاٍختيار حيث تقول الشاعرة فى قصيدة "طائر برتقالى":ـ

الروايةُ تطلق أول زفير لها

ينسكب الحبر حزنا فوق الأوراق

مغمضة عن مشاهد العشق

فتغادر الأوراق قبل الغروب

وتختار لونا برتقاليا

يصلح لكائن ضاحكِ

مثلك

دلائلية اللون البرتقالى الذى اختاره الطائر/الكائن الضاحك لنفسه فى هذا المشهد ترتبط بالغروب وفى المرة الثانية التى يرد فيها ذكر اللون البرتقالى فى قصيدة "حركات مؤرقة" ص 23 تقول الشاعرة:ـ

الشمعات تذرف ما تشاء

تصنع سيلا بجوارها يشبه القصيدة

واللون البرتقالى يُطلُّ من لا مكانِِِ

يبعث الحياة

ويطلق صفارته كنوبة صباحية

اللون البرتقالى فى هذا المشهد يبعث الحياة ويطلق صفارته كنوبة صباحية تشير اٍلى البدايات/الصباحات وفى المرة الثالثة التى يرد فيها ذكر اللون البرتقالى يأتى بصيغة الجمع فى قصيدة "أخطاء سير" ص 31 حيث تقول الشاعرة:ـ

ماذا لوأغلقنا كل الطرق السريعة للنسيان

والممرات المظلمة

ماذا لو ارتكبنا كل أخطاء السير

وأرّقنا الليل فى سريره المظلم

ثم تستدعى الألوان البرتقالية لتضئ الممرات المظلمة وتؤرق الليل حيث تقول فى ص 32:ـ

الألوان البرتقالية تشتعل بلا شمس

والذاكرة تحلم بالرحيل فى صندوق أسود

الشمعات لا تنطفئ

وبناء على ما سبق فاٍن دلائلية اللون البرتقالى وفقا للسياقات النصية التى ورد فيها تشير اٍلى النور/الضوء المعبر فى تجلياته عن البدايات / الصباحيات، والنهايات/الغروب، وبين النهايات والبدايات يتجلى اللون البرتقالى كحلم تستدعيه الشاعرة، فاللون البرتقالى هو سيد الألوان التى وردت فى الديوان فاللون الأزرق الذى ورد مرة مع البرتقالى ومرة مستقلاّ يشير اٍلى فعل الكتابة / التعبير، واللون الأسود الذى ورد ذكره فى هذه القصيدة مع البرتقالى يشير اٍلى الليل والطرقات المظلمة ويشير اٍلى لون الصندوق الذى يوضع فى الطائرة ويسجل أحاديث القائد والفريق المساعد له وفى حالة تحطّم الطائرة يمدّنا هذا الصندوق بمعلومات دقيقة عن الحادث، وقد ورد اللون الأسود مرتين بدون ذكر اللون البرتقالى معه يشير اٍلى قسوة الواقع والحداد حيث تقول الشاعرة فى قصيدة "بطعم الشيكولاتة" ص 38:ـ

والحقيبة تتعلّق بذراعى

كطفلِِ

المعطف أسود

والأسفلت

والواقع

وفى قصيدة "بين موج وشاطئ" ص 39 تقول الشاعرة:ـ

الملابسُ التى ألقتْ بعتمها

يؤرّقها أن الحياةَ ثمرةَ محرّمة

معلّقة بأعلى شجرةِِِِ

يمنعها طينُُ

وشوكُُُ

والخزانةُ المكتظةُ بالسوادِ

تنصت لضوء متسلل

رغم أن قسوة العتمة اٍلاّ أن خزانة ملابس الشاعرة المكتظة بالسواد تسترق السمع وتنصت لأى ضوء متسلل ذلك الضوء الذى يمثله اللون البرتقالى فى هذا الديوان رغم عدم ذكره صراحة فى هذه القصيدة، اٍلاّ أن اللون البرتقالى والضوء/النور أصبحا وجهين لعملة واحدة فى حالة تشكل دائم بين البدايات والنهايات والميلاد الجديد فى سيرورة مشتبكة مع سيرورة الحياة /الحلم ولذلك اختار الطائر هذا اللون ليصبح الطائر البرتقالى طائر الحياة/الحلم /الحب.

(2)

تتردد بنية الفعل بشكل ملحوظ فى المعجم الشعرى لديوان "طائر برتقالى" فالديوان يتكون من 470 سطرا شعريا تتردد فيها بنية الفعل 320 مرة، وبمتابعة هذا التردد الكمى من ناحية الكيف والدلالة يتضح الدور البارز للفعل فى التشخيص والتجسيد الاٍستعارى وبناء شبكة المتخييل الشعرى وتحريك عناصر المشهد ودفعها نحو التنامى الدرامى لتشكيل صورة تمثيلية للعالم الشعرى للديوان عالم المرأة الشاعرة التى تريد أن تسجِّل تاريخها الوجدانى شعرا وكتابة حيث تتردد بكثرة فى المعجم الشعرى الديوان المفردات الدالة على فعل الكتابة/ الرسم / التشكيل، فمثلا تقول فى قصيدة "شاعرة" ص 59:ـ

أقفُ أمامَ المرآةِ فى الصباح

والغرفة خلفى تراقب فى صمتِِ

وأوراقى فوق السريرِ

تلاحقُ الكلماتِ التى تنتوى الاٍقتراب

والأقلام فاغرة فاها

وفى قصيدة "هواجس اٍنسانية جدا" ص 28 تقول الشاعرة:ـ

فى هواجسِِ ليليلةِِ موحشة

أبصرتُ الورداتِ مسفوحةََ

كوريد منفطر

والمروجُ متسخة بمطر ترابى

ملقاة فى أول السطرِ

فى صفحة ترتعد

تحاول الاٍختباء

والقلم ممتلئ بغضب أزرق

يرسل طعناته لواقع موحش

واٍلى جانب الدور المحورى لفعل الكتابة فى تأريخ التجربة الوجدانية للشاعرة فاٍنه يمثل أيضا سلاحا تواجه بها واقعها الموحش، وهناك فعل آخر مصاحب لفعل الكتابة لدى الشاعرة هو فعل الحكى فالشاعرة تستحضرمروى له تخاطبه وقد يكون شخصية أو كائن محدد الملامح، وقد تكتفى الشاعرة بالاٍشارة اٍليه عبر النداء وضمير المخاطب وتوجيه الأسئلة وقد يكون الروى له هو الذات كما فى قصيدة "أخطاء سير" التى تقول فيها الشاعرة ص 31:ـ

هذا الصغير الذى يرقصُ

كبوصلة حائرة اٍليكٍ

كزهرةِ عبّاد شمس

تراقب خط دفئك

وتأمل أن توقف اللحظة

حتى لا تغادر العناق

الراوى والمروى له فى هذه القصيدة هو الذات/المرأة الشاعرة وقد جاء الآخر فى صورة المروى عنه / الصغير فالآخر فى قصائد الديوان اٍمّا أن يحضر بهذه الصورة أو أن فى صورة المروى كما فى قصيدة "شوارب قديمة" ص 65 حيث تقول الشاعرة:ـ

أيها الرجل

الذى يسكن شواربه القديمة

لن أضع أجنحة لك

ولن أمنحك وردة الصباح

وأنت غافل

هنا تتمرد الشاعرة وترفض سيطرة الرجل الذى يسكن شواربه القديمة وتبحث لذَاتها ولحلمها عن أفق مغاير لأفق ذلك الرجل حيث تقول فى نهاية هذه القصيدة:ـ

وأغنيتى

سأهديها للفضاء الطلق

الذى يتسّعُ لعينىّ كل حلم

ودائما تحتفى الشاعرة بأشيائها الخاصة والصغيرة مثل كوب الشاى، فنجان القهوة، خزانة الملابس، الحقيبة وتجعل من هذه الأشياء شريكا للذات فى تجربتها الوجدانية كما فى قصيدة "شاى" ص47حيث تقول:ـ

الملعقة تصنع دوائرَ وهميةََ

لحوار يغازل الصمت

محدودة بجدار مدوّر

ترفع بوابات حديدية

وجدران لم أكن أعرفها من قبل

الماءُ يتغيّر

يُغْمِضُ كلّما مر الوقت

والكوب ينصت

يرسم شجره

وبعض الأعشاشِ

يُسكِنُها هناك

هنا مثال واضح لحضور شئ صغير خاص من أشياء الشاعرة ومشاركته لها فى تجربة الوجدانية حيث انعكست رؤاها الذاتية وهواجسها الباطنة على حركة الملعقة فى كوب الشاى وهى ترسم وتصف ما يدور بداخل أعماق الذات الشاعرة عبر التجسيد والتشخيص، وتتحوّل هذه الأشياء اٍلى ذاكرة أخرى اٍضافية للشاعرة تحتفظ فيها بتاريخها الواجدانى الذى تدخّره للقادم كما فى قصيدة "حروف مكسورة" تقول الشاعرة:ـ

ربما سأخبرك يوما

أنى ادخرتُ كل ما رويته

وكل ماكان من صور

فى علبة مظلمة

أحكمت اٍغلاقها

ووضعتُ فوقها أقفالا كثيرة

ثم نثرت فوقها التراب

لكى تبدو كالحكايات القديمة.

أراجوز... للشاعر: محمد النويهي




أراجوز متأرجز بالأراجيز
وبتاع أطفال وكمان عواجيز
وشباب بين الإتنين واقف
فى شوارع وحوارى ودهاليز

بتمرجح فى الدنيا بكيفى
وبقول من ناتج تخاريفى
والفول هو حبيبى وصاحبى
وإن جاز القول يبقى وليفى

أراجوز إنما لاسع خالص
بتشقلب وأضحك وأتمايص
وساعات بيكون الحزن كتير
على طول ع السما بفضل باصص

أدعيله وأقول أراجوز غلبان
وده مش معقول أفضل تعبان
طب مين هيضحك مخاليقك
إشفينى ولو كان عندى جنان

بيحبنى ربى ويعطينى
ومحبة خلقه بيدينى
والكل بيستنى ميعادى
والحكام بيطلعوا دينى

قال إيه بأتضاحك بكلامهم
وأتندر على ديل خدامهم
وبخاف وبكش وأقول معلش
علشان ينسونى فى إعدامهم

ينسونى ويمكن ما يسيبونيش
لا أتنطط ولا أغنى ولا أعيش
علشان بتمألس بوعودهم
وبقول دا كلام والفعل مفيش

مش برضه بخاف وبقول الحق
وبقول للظالم دايما لأ
والسر فى زرى وطرطورى
وكلام الناس عنى إن أنا بق

************
محمد النويهى
8/1/2013