2014/04/15

حدوتة مصرية لعبد الرحيم منصور ... غنوة الثورة التي ننتظرها...




الكل يتحدث عن الثورة وكأنها ملكية خاصة، وكأنه مفجرها، وكأن قصيدتها الأولى كانت له، وكأن غنوتها هو كاتبها... جميل ما يحدث ولكننا يجب أن ننظر إلى الثورة بعين التأني، فقصيدتها ربما لم تكتب بعد، أو ربما كتبها أمل دنقل.. صلاح عبدالصبور.. فؤاد حداد...، أو ربما كتبها شاعر مغمور، أو ربما سيكتبها من لم يأت بعد،
ما علينا،
المهم إن الثورة أصبحت مشاعا، يكتب عنها من عايشها وشارك في أحداثها، ويكتب عنها من تابعها في التلفاز، ويكتب عنها من لم يتابعها أصلا، ينافق بها المنافقون وماسحو الجوخ وأكلة لحوم البشر، ويتاجر باسمها وبدم شبابها أصحاب القلوب الصدئة والضمائر الميتة،
يغني لها المخنثون وأصحاب الشعر العيرة ومرتزقة الغناء...

ضجت المحطات بالأغاني العبيطة والأصوات التي تستحثك على إلقاء القاذورات من فمك في وجه الشاشات العقيمة، استمعنا إلى شعراء البنات أرجل منهم، واستمعنا إلى حشرجات القيء من أفواه خبيثة لا تمت للطهارة بصلة..
المهم أن الجميع يتكلم والجميع يغني والجميع يدعي البطولة والجميع يتجاهل الجميع

في وسط كل هذه الخزعبلات ووسط ضجيج غنوة حمادة هلال غريبة الشكل والأطوار والمضمون "شهداء 25 يناير يناير... ماتوا في أحداث يناير.. راحوا وفارقوا الحياه" والتي أتذكر بعض التعليقات التي جاءت على منوالها للتريقة عليها ... حينما كتب أحد الأصدقاء على صفحته "اقتربت امتحانات الثانوية العامة"... فعلق آخر.. "وأكيد هيمتحنها طلاب الثانوية العامة"... فعلق ثالث "ووارد قوي اللي ينجح فيها برضه أبناء المرحلة الثانوية"

في ظل هذه الخزعبلات التي تحاول ركوب موجة الثورةيستمع الأصلاء إلى حدوتة مصرية وينتظرون تحقيقها على أرض الواقع...
حدوتة مصرية غنوة للشاعر الكبير عبد الرحيم منصور الذي ملأ مصر بالغناء وملأها بالثورة.. الشاعر الذي عسكر في ماسبيرو لحين النصر في أكتوبر المجيد، هو نفسه الذي عكف على صياغة الثورة بهذا الشكل..


ما نرضاش يخاصم القمر السما
ما نرضاش
تدوس البشر بعضها
ما نرضاش
يموت جوه قلبي نداء
ما نرضاش
تهاجر الجذور أرضها
ما نرضاش
قلبي جوا يغني
واجراس تدق لصرخة ميلاد
تموت حته مني
الاجراس بتعلن نهاية بشر من العباد
دي الحكمة قتلتني
و حيتني وخلتني أغوص في قلب السر
قلب الكون قبل الطوفان ما ييجي
خلتني أخاف عليك يا مصر
واحكيلك على المكنون
مين العاقل فينا مين المجنون
مين الي مدبوح من الألم
مين اللي ظالم فينا مين مظلوم
مين اللي ما يعرفش غير كلمة نعم
مين اللي محنيلك خضار الفلاحين غلابة
مين اللي محنيلك عمار عمالك الطيابة
مين اللي ببيع الضمير
و يشتري بيه الدمار
مين هو صاحب المسألة والمشكلة والحكاية والقلم
رأيت كل شيء وتعبت على الحقيقة
قابلت في الطريق عيون كتيرة بريئة
أعرف بشر عرفوني لأ
لأ ما عرفونيش
قبلوني وقبلتهم
بمد ايدي لأ طب ليه ما تقبلنيش
لا يهمني اسمك
لا يهمني عنوانك
لا يهمني لونك ولا ميلادك ومكانك
يهمني الانسان ولو ما لوش عنوان
يا ناس يا ناس يا مكبوته
هي دي الحدوته
حدوته مصرية


أعتقد أن هذه القيم وهذه الثورة وهذه الروح لم تتحقق على أرض الواقع إلى الآن... غنوة الثورة الحقيقية للشاعر عبد الرحيم منصور التي نسبت لمنير بحكم أنه من مغناها ولم يذكر اسم شاعرها إلا لدى القليل.. ونسبت ليوسف شاهين بحكم أنه مخرجها ولم يتعرف البسطاء نعلى الروح التي سطرتها إلا لدى القليل أيضا... لم يتحقق منها شيئا ولم يتحدث عنها أحد على الإطلاق بعد الثورة وإن كانت سببا حقيقيا في تفجيرها على أرض الواقع

ننتظرها وننتظر تحقيقها في ثورة حقيقية وننتظر من البسطاء معرفة شاعرها على الأقل لإعطائه ما يستحق

*********************

سعيد شحاتة

هناك تعليق واحد:

  1. كلمات روعة الروعة وعبقرية من عبقري عليه رحمة الله -الشاعر الغائب الحاضر عبد الرحيم منصور فعلا أ/سعيد لا يعرفه إلا القليل ولكن الفن الحقيقي يبقى حتى لو غاب صاحبة وسيظل اسم عبد الرحيم منصور مرتبط بالإبداع الشعري الصادق ،خالص تحياتي

    ردحذف