2014/04/17

الفتى مهران يركب صهوة القصيدة العامية... دراسة بقلم: محمد علي أحمد عواجة





الفتى مهران يركب صهوة القصيدة العامية
قراءة فى بعض نصوص عصام مهران

بقلم/ محمد علي عواجة
شاعر ـ عضو اتحاد كتاب مصر




قلوب البشر موزعة بين أحلام وواقع , ورؤى مستقبلية , تطمح إلى تحول أحداث الحياة لصالح البشر , وتحول البشر عن عدوانيتهم وعنفهم لصالح أجيالهم القادمة .
وعصام شاعر يملك مقومات متفردة بين أبناء جيله-فهو شاعر اجمعت الأراء بأنه بارع التصوير،ذكى فى إختيار إطار نصوصه وإلقاءها على السامع وبسيطة للقارىء،يملك صوتا جميلا فيمتعنا بنصوصه الغنائية،وقد حباه الله حب من حوله وهى ميزةونعمة مغبوط عليها وقد إستحق فوزه بالمركز الأول والثانى على مستوى الجهورية لعامين متتاليين عن نصوصه الغنائية للأطفال والتى تقدم فى شكل أوبريت وإستعراضات فى مدارس سوهاج.
فى عنوان غريب (من حزن حظك) يعبر عن هذا الحزن فى بساطة وإنسيابية تستهويك
لتدرك أن عدم إبتسام الحظ قد يصنع عندالشاعر رؤيةلما حوله من كائنات هى الأخرى تشاركه ذلك الحظ المؤلم:
ساعات نفرح 00
نلاقى الدمع يسرقنا
ساعات نحزن
نلاقى الدمع يستعصى
ويجرحنا أعز حبيب
ويوجعنا 00ويتوصى
والقلب اللى بات مجروح
يلاقى ف صمتنا الفرصة
فيستحلا مرار الجرح
شرايينى تخر آلام
فيلضمها.... حدوتة فى ديل قصة
تغوص الشمس جوا البحر
يتلون جريد النخل من لونها
ومن جرحى
يا فرحى قصير العمر من يومك
عاطى الحزن من وقتك
دأنا فاكرك يادوب بتمر
لكن عجبك مرار المر
صبارك ف وسط الروح
وبيسرح على كيفه
روح مرة على كيفى

بنيًة....و بتعشعش على قلبى
تغزل قشها وتبنى
تحت القش آهة وجرح متخبى
تبات الليل وتتوجع
يفقش م الوجع وجعى
صوت البحر يندهلى
وأنا بحلم بأحضانه
وأمواجه مابين الحضن تغسلنى
ويكوينى بأملاحه
وأستنى موانى الفرحة تفتحلى
ترتاحلى طيور الغربة 00تحكيلى
ألاقينى00
من حالها...... بتدِوّب مناديلى

والشاعر فرد في أمة , لكن الأمة تتجمع في ذاكرته وقلبه وإحساسه ودمه , ليكون لسان حال أمته وبيئته وجيله , يرضى حين يرى ما يرضيه عن مجتمعه , ويثور حين تدفعه الأحداث إلى الثورة , إنه إنسان بكل معاني الإنسانية الفطرية المجتمعة في تكوينه , لكن قضيته هي ذاتها قضية جيله الحائر الذي لا يشعر بالأمان في عالم يموج بالأحداث الدامية , والتقلبات السريعة , وربما هزت هذه المتغيرات ثقته فيما حوله , فأسرع يقول : ـ
مش أكيد شطك مراسي
مش أكيد قلبك حنون
فوق رموشك قلبي راسي
أصله عاشق للجنون
إن الشاعر عين راصدة لأحوال مجتمعه , يهزه اختراق القيم , كما تهزه كبوات الأمة لكن الأخطر في نظره ونظر الحكماء أن تتدهور قيم العدل والمساواة , فيرتفع من لا يملك مقومات الرفعة , ويهمل المجدون البارزون , يقول الشاعر في سخرية مصرية خفيفة الظل , لكنها تجمع كل ألوان الحزن والمرارة في قصيدة " تعالب "
امتى القرع يمد لجوه
يملا بطون الأرض البايرة
يملا جفون العين الحايرة
يدي عيالي غموس لقمتهم
يملا جيوب الناس الخاوية
نعم إنها خفة الدم المصرية اللذيذة حين تعالج أمور حياتها المبكية بضحكات السخرية الممزوجة بالحزن الهادئ العميق ,
والفهم الدقيق لأمور الحياة في دورتها الأبدية المستمرة على ناموس واحد في بدء الحياة للإنسان وانتهائها دون قدرة من البشر على التدخل في أمور الموت أو الحياة , فهي لغة كل الكائنات في التسليم بقدرية الموت والحياة , ولكن التعبير عنها يأتي طبيعياً كجريان الماء في النيل بانسيابية ولطف دون أن يشعر العابرون بجريانه لموضع الانتهاء , يقول في ذلك :
العمر مش حسبة
ولا كام يزيد على كام
يومك من الحسبة
قللي باقيلك كام
ومع هذه الدراية بدورة الحياة , وحتمية الموت , تنبعث من الأنفاس الواعية رغبة في نيل الشهادة , ومحبة الشهداء والمجاهدين , فنحن شعب حمل أمانة الزود عن دينه وأمته , وقاد طليعة الجهاد على مر العصور , ومازال يدفع ثمن نضاله في ميادين الشرف والأمانة , لأنه الشعب المحب لمجاهدي الأمة في رحلة صراعها مع قوى البغي والعدوان , إن أروع ما في هذا الديوان ذلك الانتماء العربي والوفاء لشهداء الأمة , وخاصة ذلك الشهيد المقعد المجنح الذي أبدله الله بأعضاء جسده التي لا تتحرك أجنحة في جنات الفردوس الأعلى , إنه شهيد العروبة والإسلام " أحمد ياسين " جدي وجد كل شاب مؤمن بضرورة الدفاع عن قيم الخير والعدل
و الاستقامة فيغنى قائلا :
من ضي الفجر مــــــــــــــتوضي
مبسوط كده جدي ومــــــــرضي
طالع وناوي يأدي الفــــــــــرض
الكرسي كــــــــله حـــــــــــــماس
بيخطي بيه بإحـــــــــــــــــــساس
ماشي حنــــــــــــــــــــين ع الأرض
*****
وف طــــــــــــــــــــلعته للفجر
حوم شـــــــــــــــيطان الغــــــدر
داسه بدون إحـــــــــــــــــساس
إنه العيش للأمة حين يتنفس الشاعر أحزانها , ويتجرع كأس مرارة تضحياتها ليستحق أن يكون أحد بنيها , وأن أعتى ما يمكن أن يؤرق الوطني المخلص من جراح الوطن و هو جرح تحول المجتمع عن عاداته وقيمه وأخلاقه , ونسيان الأمة لذاتها , وعوامل ثبات هويتها ، وانزلاق الناس وراء معطيات العصر الفاسدة التي توجه إلينا سهامها لغزونا من داخلنا في ديننا وعقيدتنا وهويتنا ، لتذوب في هوية عالم مجنون مغامر في دنيا الشهوات والمصالح المادية ، وخراب الذمم ، وسعار الانهيار الأخلاقي . يقول الشاعر في " الطابور الخامس " : ـ

داخل
ونفوس الخلق ضعيفة
موهومة بالمنظرة واللبس
دي عقول جبس
بتمد إيديها جوا القيد
بطابورة الخامس
بظ عنين الحس
بنجري .... بنجري لحد الحفرة
من غير ما نبص
أدن فجر امبارح
ولسانا ف حلق الرقص

ويقول أيضا فى (بكيــــــــــــــــــــــــــــــــــا)

حدش شاف بياع البكيا ؟؟
يا خد منى القلب الشاكى
ياخد منى العين الباكــــية
أصْلِى أنا صّدا قلبى فى حزنه
وكلته بارومة عين أولادى
الشرقانة تدوق الفرحة
المشتاقة تحلب نور الشمس الطالعة
تكبه ف صحن البيت العتمة
ياخد منى العضم المبرى
من جريانى فى كرش الدنيا

المبشوم من كتر أمثالى
ياخد عقلى بكل مافيه
الأشعار النار الوالعة
جوه قصايد 000
الثقافات والعلم بتاعى
الإبداع وكل فنونى 000 وكل ماليهّ
ويستبدلى الجف الفاضى
من إنسان كان ميت راضى
عن أحواله
وكل أفعاله راضية وبايسة
اللقمة الناشفه 000 الهدمة الدايبة 000
اللى تحنن قلب الساسة وقلب السادة
وتلقى حواصل الطير ״ اولاده ״
حاسة بخير البلد ولقطت
من مزارعهــــــــا

حرة ترفرف فين ما تعوز
ويشوف ليّا قلب محسش يوم بهمومه
ولا كرات الدم بتاعته
جارية ف ملعب الأيام المرة المالحة
الطارحة ثمار الذل ف روحه
ويجيب عقل مطنش خالص
أو مش حاسس باللى بيجرى من حواليه

ومش راح أفاصل مهما يقوللى
م اللى فاضللى وفاضل فيـــّـا
مش مستاهل أى فصال
البياع الشاطر خالص
راح مشاورلى
ع العربية الكارو بتاعته 000
- خدلك فرحة وقلب شباب
خدلك عضم جديد على
خدلك عقل وريح نفسك
بس قبالهم 00 بيع لى ضميرك 0

قلت لا يمكن !!
قال والبيعة متلزمناش !!

هكذا يطل علينا الشاعر عصام مهران محاولاً تنويع تجربته في عفوية الفطرة الصعيدية النقية الطاهرة ، فهو شاعر يملك الحس الشعري الرقيق ، ويملك القدرة على تنويع تجربته التعبيرية في أشكال متعددة من القصيدة العامية ، وفن الرباعيات ، ويملك القدرة أيضاً على صياغة فن الموال ، لذا فإننا نتوقع أن يحفر اسمه قريباً بين شعراء مصر الكبار إن حافظ على استمرار خطوه الثابت على طريق تطوير فنه ، وتعميق تجاربه ، وصقل خبراته
ومن النصوص التى تعجبنى ودوما صداها يكون مباشرا فى الأمسيات والندوات الخارجية نصه الرائع (جنوبية)

بتغيبي ... وبتسافري؛ بدون أعذار
وبتعودي لحضن عيوني وبسامحك
ترد الروح .. هنا فيا.. وترويني بملامحك
وأطفي النار وأشواقي
وأنسى اني .. حلفت ف يوم .. تخاصميني
وعمري لا احن ولا اسامحك
شبعت مرار ومل الصبر من صبري
ومش لاقي عذر جديد عشان خاطرك
قدرتي ازاي على فراقي....
وأنا ماشي على سطرك ؟
قدرتي ازاي تفوتي الليل ونجومه
وأفراحه وهمومه كده بخاطرك
فين إنتي ؟
وروحتي لفين...دليني
يا ريتني أعرف أراضيكي
كنت أمشي بلاد وبلاد أراضيكي
سايبانى لتنهيدة... وصوت الست يشجينى
يحلالى مرار الصبر...واضحكنى.. وابكينى
واغنيلى((بعيد عنك ...حياتى عذاب...
متبعدنيش بعيد عنك))

أنا عاشقك ووحشاني
وعاش اسمك على لساني
عشقتك ليل وقمراية
نداوة صبح..شمس نهار .. وسهراية
سنابل قمح بتفتح على خدودك وورداية
عشقتك نيل وجذع نخيل على قدك
نعيمه بربطة المنديل
والمواويل ع الشطين بتودك
*****
أناطولك أنا عرضك ...
أنا توبك ... أنا حدودك
أنا لسة على وعودك
بأصبرني واغنيلى على عودك
طويت الأرض ومشيتلك .. على كعابي
مشيتلك طول شطوط " حابي "
رحت ابيدوس .. جريت على منف
وجندولي رايح طيبة
أفتش عن نفرتيتي ..
عن أحلا بنات طيبة
عروسة النيل .. نقشتك جوا أحضاني
بنيت معبد..وجيتلك ويا أكفاني
أنا الميت وأنا الجاني
فرُديني .. أعيش تاني
دا متشتت أنا بيكي .. ومتشتت أنا فيكي
فضميني
وهاتي إيزيس ولميني
ف منديلك وصُريني
تميمة ود .. تميمة حب .. خليني
ف تابوت قلبك وخبيني
وخلي النقش عنوانه هيروغليفي
كان عاشق .. ومات عاشق
لجرة كحل ف عنيكي

لذلك استحق إطراء المبدعة د/عزة بدر فى مجلة المحيط الثقافى وتوسد نصه(كان بيحلم بالحياة)قلب جريدة الجمهورية وأخبار الأدب وهى النصوص التى أمامى الأن وغيرها الكثير بمجلة الشعر والثقافة الجديدة.... إنه شاعر قادم بقوة نسميه (الفتى مهران)
والله ولي التوفيق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق